أحيانا ينتاب المستشرق الألماني شتيفان ليدر شعور يشبه القشعريرة عندما يفكر في المخطوطة الإسلامية النادرة التي يحتفظ بها في مكتبه وذلك لأنه يعتقد أن هذه المخطوطة بمثابة"ذخيرة". ويخشى ليدر أن يستخدم المتشددون من العلماء المسلمين وأتباعهم هذه المخطوطة التي عثر عليها بداية التسعينيات من القرن الماضي في إحدى الزوايا المهملة بالمكتبة الوطنية في العاصمة السورية دمشق لتبرير تنفيذ عمليات إرهابية وتعالج هذه المخطوطة التي تعود إلى القرن التاسع الميلادي علاقة المسلمين الورعين بحكامهم. وهذا ما جعل ليدر يتردد حتى الآن في نشر المخطوطة التي احتاج لكثير من الوقت والجهد لفك رموزها وترجمتها وذلك لأنه يعتقد أن هذا الكتاب لصاحبه أبو بكر المروذي الذي عاش في القرن الثاني الهجري في بغداد هو أكثر المؤلفات التي كتبت في هذا المجال حتى القرن الثاني من وفاة النبي محمد تشددا وأصولية. ويدعو هذا الكتاب المعنون "أخبار المشايخ وأخلاقهم" إلى عدم احترام سلطة الدولة ويحذر علماء المسلمين من الركون للحاكم وتزيين ما يقوله "لأنهم سيتعرضون لعقاب الله". ومما جاء في المخطوطة عن حكام المسلمين:"إن التزلف إليهم يعني التقلب في نار جهنم".ودعا مؤلف المخطوطة المسلمين "الذين يخشون ربهم" إلى الابتعاد "ما وسعهم الأمر" عن الحكام "الفاسدين" وإلى عدم احترام القضاء. كما يرى أن تخصصات الدراسات الإسلامية والعربية في الجامعات والمعاهد الألمانية فقدت جوانبها التطبيقية منذ أن بدأت "هيئة حماية الدستور" في ألمانيا تجند خريجي هذه التخصصات بشكل واسع للتجسس على الإسلاميين في ألمانيا وذلك بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 والتي نفذتها بشكل أساسي "خلية هامبورج" بقيادة المصري محمد عطا. ورغم مرور نحو 1120 عاما على تأليف هذه المخطوطة إلا أن هذا العامل بالذات هو الذي يجعلها على جانب كبير من الأهمية للإسلاميين الذين رفعوا راية العودة للجذور الاسلامية وينتهجون التفسير الحرفي للنصوص الإسلامية الأولى. وتضم المخطوطة نصوصا إسلامية عن مسئولية علماء الإسلام وعلاقتهم بالحكام.يذكر أن المروذي لم يكن أشهر تلاميذ بن حنبل ولكنه كان من أكثر المقربين منه من الناحية الإنسانية مما يجعل آراءه على قدر كبير من الأهمية لأتباع المذهب الحنبلي الذي لم يؤسسه الإمام أحمد نفسه بل بعض تلاميذه. كما أوضحت الدراسة أن الجيل الثالث من الإسلاميين المتشددين الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة لم يتلقوا أي تعليم ديني ولم يبدأوا في قراءة القرآن والسنة إلا في منتصف العشرينات من عمرهم , كما أنهم لا يهتمون بمعرفة تاريخ الإسلام الذي يرجع إلى 1400 سنة ويقومون بتفسير آيات القرآن بأنفسهم أو يتبعون تفسير أئمة متشددين ممن يطلق عليهم في أوروبا "دعاة الكراهية". وفي النهاية, أكدت الدراسة أنه لا يوجد ثمة خطر من إدخال محاضرات دينية إسلامية في المدارس الألمانية كما دعا إليها مؤتمر إسلامي عقد مؤخرا في ألمانيا , كما توصلت الدراسة إلى أن هذه المحاضرات تعد جزءا من حل مشكلة التطرف ومكافحة الإرهاب لأنها لا تعمل فقط على تحسين سياسة الاندماج في البلاد بل إنها تحمي أيضا الأطفال والشباب من الوقوع تحت وطأة المتطرفين. (د ب أ)