انتقدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مظاهر الضوضاء والضجيج التي تسود القاهرة، معبرة عن ذلك بقولها «إنها مدينة لا يستطيع فيها المرء أن يسمع نفسه وهو يصرخ». وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي أعده مراسلها مايكل سلاكمان، ونشرته أمس الأول، أن الضوضاء الصاخبة التي لا تتوقف تمثل خلفية مخيفة لفترة التوتر التي تشهدها مصر، في الوقت الذي يجعل التضخم المالي وانخفاض الأجور الشعب قلقًا بشأن المقومات الأساسية لبقائه حيا، مؤكدة أن هذه من العوامل التي تتسبب في تنظيم الإضرابات والاحتجاجات. وأشارت الصحيفة إلي أن القاهرة بخلاف لندن أو نيويورك، أو حتي طهران، المدينة الشرق أوسطية المتكدسة بالسيارات، ضجيجها مستمر علي مدار اليوم. ودللت علي ذلك من خلال الدراسة التي أصدرها المركز القومي للبحوث المصري علي مدار خمس سنوات لقياس مستويات الضوضاء في جميع أنحاء المدينة، وأصدر هذا العام تقرير يتضمن النتائج التي توصلوا إليها. ونقلت الصحيفة نتائج الدراسة التي تؤكد أن متوسط الضوضاء من الساعة السابعة صباحًا، وحتي العاشرة مساء يبلغ 85 ديسيبل، وهي وحدة قياس كثافة الصوت، وهو ما يعني أن الضوضاء بهذه الدرجة تكون أعلي من صوت قطار شحن البضائع علي بعد 15 قدمًا، حسب قول المهندس مصطفي السيد، أحد الباحثين الذين أعدوا هذه الدراسة. وأضاف السيد أن هذه النسبة، علي الرغم من أنها مرفوضة تمامًا، فإنها المعدل الوحيد علي مدار اليوم وفي جميع أنحاء المدينة، مستدركًآ أن هناك مناطق أخري أكثر سوءا مثل ميدان التحرير وميدان رمسيس أو الطريق المؤدي إلي الهرم، حيث تصل درجة الضوضاء إلي 95 ديسيبل، وهي نسبة تعني أنها أهدأ علي نحو طفيف من الوقوف بجوار حفار يدوي. وقال الصحيفة الأمريكية: «بالمقارنة فإن الحوارات العادية بين الناس تتراوح ما بين 45 و60 ديسيبل في حين يسجل المنشار المسنن 100 ديسيبل والعيار الناري 140». ونبهت الصحيفة إلي أن الضوضاء التي توجد في مستوياتها العادية بالقاهرة تؤثر علي الجسم، موضحة أنها تتسبب في ارتفاع ضغط الدم وغيره من الأمراض ذات الصلة بالتوتر العصبي، فضلاً عن تسببه في اضطرابات النوم، مما يجعل الناس أكثر ميلا للشعور بالغضب. ونقلت الصحيفة عن نجاة أمير، الفيزيائية الباحثة في المركز القومي للبحوث، قولها: «الناس بحاجة إلي فرصة للنوم والتفكير في هدوء». وأكدت الصحيفة أن الهدوء غير متوافر خاصة في أحياء مفعمة بالكثافة السكانية مثل حي روض الفرج، الذي تضج فيه الضوضاء علي مدار 14 ساعة في اليوم، حيث يكافح الناس مع بعضهم البعض للتحايل علي لقمة العيش والحياة. واستطلعت آراء الناس في الشارع، والتي خلصت إلي أن الضوضاء عدو صامت يجعل التعامل مع ضغوط الحياة أكثر صعوبة، وذلك علي الرغم من أنها السبب في نوبات العنف. وأشارت الصحيفة إلي أن مصر دولة يعيش نحو40% من سكانها علي نحو دولارين في اليوم، وأن شعبها يفهم أن الكفاح هو من أجل إطعام الأسرة.