يحاول القائمون على شئون المتحف البغدادي تجديد معالمه التي تجسد زمنا غابرا في تاريخ سكان العاصمة العراقية بعدما اصابها التلف نتيجة تقادم الزمن املا باستعادة الزوار الذين هجروه منذ العام 2003. وتقول سليمة كريم مديرة المتحف "نأمل بعد هذه التغييرات واعمال التطوير ان تستقر الاوضاع الامنية لكي نستقبل الزوار الذين غادروه منذ عام 2003 واغلاق ابوابه منذ ذلك التاريخ". ويضم المتحف اكثر من مئتي تمثال تجسد حوالى سبعين مشهدا تتعلق بفترة زمنية تتجاوز القرن حول معيشة البغداديين وخصوصا الحرف والمهن الشعبية وطبيعة الحياة في ازقة بغداد وكيف كانت تعيش العائلات آنذاك. وتشير الى المصاعب التي يواجهها المسؤولون عن المتحف "وخصوصا في ما يتعلق بالتخصيصات المقدمة الى المتحف لكن هناك رغبة كبيرة لدى العاملين في تأهيله ليكون جاهزا مستقبلا وتضيف "لدينا كادر فني مختص بالنجارة والزخرفة والنحاتون يواصلون عملهم رغم الاجور المتدنية". وتؤكد كريم ان "ابرز ما ادخلناه على المشاهد التراثية هي الشناشيل المصنوعة من الخشب المزخرف". وتمتاز ازقة بغداد واماكنها السكنية بالشناشيل التي تشكل ابرز معالمها وتكتسب الشناشيل اهمية اجتماعية لدى البغداديين من حيت ضمان الخصوصية في المنزل فضلا عن تخفيفها حدة اشعة الشمس وتلطيف الهواء كما ان بعضها مغطى بالزجاج اتقاء لبرودة الشتاء. وكان المتحف البغدادي اهم محطة لزائري العاصمة من مناطق اخرى ممن كانوا يفتخرون بزيارته كما كان مقصدا للسياح الاجانب وتم تشييد المتحف العام 1970 ويقع قرب ضفة نهر دجلة من جانب الرصافة في احدى المباني القديمة التي يعود تاريخها الى عام 1869. وقد استخدم المبنى مطبعة لولاية بغداد ابان الوالي العثماني مدحت باشا وقد ضم المتحف بين جنباته لدى افتتاحه 385 تمثالا. و من جهته يقول النحات طلال محمود ان "عددا من التماثيل اصبحت قديمة جدا ويصعب نقلها من مكان الى اخر داخل قاعات المتحف كما فقد بعضها ملامحه التراثية فاجرينا مرحلة من التطوير وذلك ضمن مراحل لاحقة سيشهدها المتحف". ويضيف محمود (38 عاما) "ادخلنا في اجزاء من بعض التماثيل مادة السيليكون او المطاط كونها قابلة لمقاومة عوامل الزمن والتأثيرات كما تمت صناعة بعض التماثيل مجددا من مادة الشمع". ويتابع محمود خريج اكاديمية الفنون الجميلة ان "المشاهد التي شملها التطوير تتضمن بائعة الباقلاء الشهيرة والعربة البغدادية القديمة التي يستعملها الاعيان في التنقل فقد صنعنا تمثالا لحصان عربي واضفنا الشناشيل للازقة والحواري القديمة"وبائعة الباقلاء امرأة تفترش الازقة والاحياء القديمة لتزويد السكان وجبة الفطور في واحدة من الطقوس التي دأب عليها البغداديون ابان ثلاثينيات القرن الماضي. وتمثلت الاضافات في المرحلة الاولى من اعمال التطوير ايضا بنصب فوانيس بغداد المعروفة التي كان يتولى انارتها مساء كل يوم احد الاشخاص وهناك تمثال نصفي لشخصية بغدادية قديمة اعيدت صناعته من مادة الشمع. وعبر النحات عن امله في توفير امانة بغداد الاموال الكافية لشراء المستلزمات والمواد الداخلة في صناعة التماثيل كالشمع والمطاط لكي تستمر اعمال تطوير التماثيل بعدما بدأت تفقد معالمها. وتعود فكرة تأسيس المتحف البغدادي الى العام 1968 عندما ارتأت امانة بغداد ضرورة الحفاظ على تاريخ العاصمة وتوثيق فترة زمنية من تاريخها عبر نقل التفاصيل الدقيقة. وشملت اعمال التحديث المقهى البغدادي مع مستلزماته من ارائك واحتياجات الزبائن مثل النراجيل والزجاجيات من صحون واباريق تتوافق تماما مع التفاصيل اللازمة. وبين الموجودات التي اضيفت اليه اخيرا مشهد زفة العروس مع ما يلزمها من ملابس النساء والفتيات المشاركات في الزفة وفي قاعة كبيرة خصصت لمشهد المقهى القديم جلس احد افندية بغداد ممسكا بصحيفة "المنار" نهاية العام 1967 ويتصدرها خبر استقبال الرئيس الاسبق عبد السلام عارف لوفد سوفياتي. (اف ب )