في الوقت الذي يصل فيه العالم الي قمة الاقتصاد الحر، وتسعي الدول للفوز بعقود اجنبية للعمل بالقطاعات الحيوية عبر اراضيها يسبح الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز ضد التيار بإتجاه تأميم القطاعات الفاعلة في بلاده. فمع ارتفاع أسعار الاسمنت، ونمو الطلب عليه لتنفيذ مشروعات عديدة متوقفة لنقص الانتاج في بلاده منذ عقود، فاجأ شافيز العالم بإعلان التأميم الفوري لصناعة الأسمنت في 3 ابريل/ نيسان 2008، بعد عام من إطلاقه حملة التأميم. وأعلن الرئيس الفنزويلي التزامه بدفع تعويضات لشركات صناعة الإسمنت الأجنبية الموجودة علي الاراضي الفنزويلية. يذكر، أن الشركات الرئيسة لتلك الصناعة في فنزويلا هي شركة سيمكس المكسيكية المسؤولة عن نحو نصف الانتاج الوطني من الإسمنت الذي يقدر ب12 مليون طن إلى جانب شركة لافارج الفرنسية التي تنتج قرابة ربع إجمالي انتاج الإسمنت وشركة هولسيم السويسرية التي تستحوذ علي نسبة 17% من إجمالي الانتاج. يأتي قرار تأميم صناعة الاسمنت في فنزويلا نتاجا لمفاوضات تحدد علي اساسها سبل الاتفاق مع الشركات الاجنبية العاملة في هذا المجال، سواء بتعويضها عن منشاتها اوإبرام اتفاقات بيع وشراء معها. يذكر، أن جميع شركات النفط في الدولة اللاتينية كانت تابعة للقطاع الخاص قبل وصول شافيز إلى سدة الحكم في عام 1999. وقرار شافيز - الذي دأب علي القول بأنه يقود البلاد باتجاه "اشتراكية القرن 21"- بتأميم قطاع الاسمنت ليس الاول من نوعه فقد سبق وأعلن تأميم قطاعات البترول والاتصالات، والكهرباء. ففي بداية عام 2007 أصدر الرئيس الفنزويلي أوامره بتمليك المشاريع النفطية التي تدير شركات نفط أجنبية في منطقة نهر أورينوكو -وتقدر قيمتها الإجمالية بنحو 30 مليار دولار- للحكومة. وأدي ذلك الي خروج شركتين امريكيتين من فنزويلا -عضو منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك- هما "اكسون موبيل"و"كونوكو فيليبس" ورفعتا دعوتي تحكيم للمطالبة بتعويض، بينما حصلت "توتال الفرنسية و"شتات-أويل هايدرو" النرويجية على نحو مليار دولار تعويضاً عن خفض حيازتيهما في المشاريع، بينما استمرت شركتا"بي.بي"البريطانية و"شيفرون"الأمريكية كمساهمتين بحصة أقلية في محاولة لإيجاد موطىء قدم لهما في دولة تملك جزء من أكبر الاحتياطيات خارج الشرق الأوسط. سبق القرار الافصاح عن نيه الحكومة بتملك حصص الأغلبية في عدد من الشركات الاجنبية العاملة في قطاع النفط وهي في أربعة من المشاريع النفطية التي تديرها شركات أجنبية هي "برتيش بتروليوم" BP و"إكسون موبيل" و"شيفرون" و"كونوكو فيليبس" و"توتال" و"ستات أويل"، عبر سيطرة شركة النفط الفنزويلية الوطنية "بتروليوس" ما لا يقل عن 60 % من المشاريع المذكورة. سبق تأميم النفط، اتجاه حكومة شافيز الي فرض سيطرتها علي قطاع الاتصالات في مطلع 2007، بإمتلاك حصة الاغلبية في "سي.ايه.ان.تي.في" كبري شركات الاتصالات في البلاد، عبر شرائها حصة شركة "فرايزون كوميونيكشنز" الأمريكية التي تقدر ب 28.5 % بقيمة 572 مليون دولار. وتزامن ذلك مع شراء البلاد 82 % من أصول أكبر شركة كهرباء خاصة بها وهي "الكتريسيداد دو كراكاس" من "ايه.إي.اس" الأمريكية بقيمة 740 مليون دولار، كما دفعت 106 ملايين دولار مقابل 88 % شركة "سينيكا" الامريكية المنوط بها توليد الكهرباء جزيرة مارجاريتا السياحية بالبحر الكاريبي. وفي محاولة للسيطرة علي قطاع الاغذية، وضع الرئيس الفنزويلي مسودة قرار تسمح للمسؤولين بالسيطرة على سلسلة مراكز توزيع المواد الغذائية، وتحديد أسقف سعرية للمنتجات، وهو ما وصفته وزيرة الصناعة والتجارة الفنزويلية، ماريا كريستينا إجليسياس، بمحاولة لتجاوز المشكلات المتعلقة بالإمدادات التي أدت إلى حدوث نقص كبير في اللحوم والحليب والسكر في 2007. وكان البرلمان الفنزويلي، الذي يهيمن عليها تحالف من الأحزاب المؤيدة لشافيز، أقر قانوناً في منتصف 2007 يمنح شافيز سلطة وضع إجراءات بموجب قانون رئاسي لتحويل بلاده إلى دولة ذات توجه اشتراكي. تعاني البلاد نقصا في المواد الغذائية، خاصة منتجات الالبان واللحوم منذ مطلع عام 2003، عندما بدأ شافيز في تحديد أسعار 400 سلعة رئيسية وذلك لضبط التضخم وحماية الفقراء. يذكر، أن شافيز قد أدى في 10 يناير/كانون الثاني 2007 اليمين الدستورية كرئيسا للبلاد لفترة ثانية تمتد حتى عام 2013.