رغم التطورات السياسية المهمة في مناطق عديدة بالشرق الأوسط والتحديات التي تواجه الأمة العربية, إلا أن الأزمة اللبنانية تسيطر بقوة علي القمة العربية حتي قبل أن تبدأ, من الحديث عن مستوي تمثيل الدول العربية المختلفة في القمة وحتي التساؤل عن مشاركة لبنان فيها خاصة أن الرئيس اللبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد في القمة دائما وهو أمر له رمزيته السياسية, وكل ذلك لأن القمة ستكون في ضيافة سوريا وهي طرف رئيسي في الأزمة اللبنانية.وهناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمشاركة لبنان في القمة العربية, الأول: أن ينجح اللبنانيون في انتخاب رئيس جديد خلال جلسة مجلس النواب المقرر لها بعد غد( الثلاثاء) ويشارك هذا الرئيس في القمة. والثاني: أن ترفض الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة فؤاد السنيورة المشاركة في القمة, والثالث: أن توافق حكومة السنيورة علي المشاركة بممثل لها ذي مستوي معين كرسالة فقط الي القمة.بالنسبة للسيناريو الأول, فإن كل المعطيات تشير الي غياب أي تفاؤل أو معطي حقيقي يسمح بتوقع حصول اختراق في جدار الازمة أو انتخاب رئيس قبل انعقاد القمة, ومن ابرز معالم هذا الركود السلبي غياب النشاط الدبلوماسي العربي متمثلا بامتناع عمرو موسي عن تكرار محاولاته اللبنانية بايجاد حل, وحصر المبادرات الاخري ومنها المسعي القطري بهامش ضيق لايتعدي تأمين مشاركة لبنان في القمة, ولذا فمن غير المتوقع انتخاب رئيس قبل القمة. أما السيناريو الثاني, فإن أطرافا سياسية عدة في الأغلبية اللبنانية تدعو الي مقاطعة القمة منها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع قائد تيار القوات اللبنانية, بينما يري زعيم حزب الكتائب أمين الجميل المشاركة انطلاقا من موقف مبدئي بضرورة حضور لبنان الاجتماعات والمؤتمرات ذات البعد الدولي او العربي او الاسلامي او الاقليمي لشرح قضيته, وتوضح مصادر الأغلبية أن قرار المشاركة من عدمه سيتم بالتوافق داخل الحكومة, وبالتشاور أيضا مع بعض الأطراف العربية الفاعلة. أما السيناريو الثالث, وهو الأكثر ترجيحا حتي الآن, فيري المشاركة في القمة ولكن بوفد ذي تمثيل معين كرسالة للقادة العرب, وهناك عدة مقترحات في هذا الصدد أهمهاتكليف احد الوزراء الموارنة برأسة هذا الوفد المشارك وطرح البعض اسم وزير العدل شارل رزق, وقد أكدت مصادر نبيه بري رئيس مجلس النواب تأييده لهذا الاقتراح ولكنه يفضل أن يترأس الوفد وزير المالية جهاد أزعور الذي وصفه بأنه أبعد نفسه عن المتاهات والتجاذبات السياسية. من جهته أكد مصدر حكومي أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لا يرغب بالذهاب الي دمشق, خصوصا في ظل احتمال قوي بغياب عدد من الزعماء العرب, خاصة أن الاتجاه العام داخل مجلس الوزراء يميل الي عدم المشاركة في القمة, لكن هناك اقتراحا بأن يمثل لبنان مندوبه الدائم في الجامعة العربية السفير خالد زيادة, او احد مستشاري رئيس الحكومة, وأن يقتصر حضوره علي القاء كلمة لبنان فقط من دون المشاركة في اعمال القمة, وهذا هو الاحتمال الأرجح حتي الآن. وأشار المصدر الي ان الامور مازالت قيد التشاور, ولن يصدر قرار في هذا الموضوع إلا قبل القمة بأيام, ان القرار النهائي لا بد من ان يأخذ في الاعتبار عاملين أساسيين هما: اكتمال الصورة عن حجم التمثيل العربي وطبيعته في القمة, وتضامن فريق الأغلبية مع أي قرار يتخذ. أكان بالمقاطعة أم بالحضور. وفي كل الأحوال سيكون لبنان هو الغائب الحاضر في قمة دمشق.