لم يكن قرار الرئيس الأمريكي جورج بوش أوائل فبراير من هذا العام بالاتجاه نحو إفريقيا مفاجأة, فقد كان مثار نقاش داخل الإدارة الأمريكية علي مدار7 سنوات للمضي قدما في التمركز العسكري الأمريكي في المناطق الغنية بالموارد البترولية في القارة الإفريقية من خلال زرع قواعد للجيش الأمريكي هناك خاصة منطقة القرن الإفريقي في جيبوتي,إريتريا, إثيوبيا, كينيا, الصومال والسودان لتأمين البترول والغاز الطبيعي وإعادة توزيعهما من جديد وتوسيع إمبراطوريتها الجديدة تحت ستار مسميات مختلفة منها مكافحة الإرهاب وحماية الأقليات وحقوق الإنسان. وهذا يتم من خلال تصوير إفريقيا بأنها ملاذ خلايا إرهابية و أن حدودها مليئة بالثغرات والحروب الأهلية دون إظهار الأهداف الاستعمارية الحقيقية. وهو السيناريو المكرر نفسه الذي حدث في العراق وأفغانستان وتسعي لتطبيقه الآن في القرن الإفريقي وإيران من اجل إشباع نهمها لحمي الذهب الأسود في كل مكان في العالم و حماية وتأمين إمدادات الطاقة الذي يمثل بالنسبة لها مصلحة حيوية وعصب اقتصادها و جزءا لا يتجزأ من استراتيجيات الأمن القومي الأمريكي كما أكد الرئيس الأسبق جيمي كارتر عام1980, لذلك تضع الإدارة الأمريكية هذا الهدف ضمن أولوياتها خاصة علي مستوي السياسة الخارجية والعسكرية التي يتنامي استخدامها بالتزامن مع تناقص كميات البترول المتاحة عالميا. ويؤكد ذلك تقرير الكونجرس لعام2006 كذلك إستراتيجيتها الجديدة للطاقة التي تقوم علي تعزيز الأمن في مجال الطاقة بمشاركة شركات البترول لتوسيع مصادر وأنواع الطاقة العالمية الموردة لها خصوصا من آسيا الوسطي, ومنطقة بحر قزوين والقرن الإفريقي وبالتحديد في جيبوتي حيث توجد قاعدة يعمل بها1800 جندي أمريكي من قوات المارينز منذ عام2002, بدعوي ملاحقة عناصر القاعدة في اليمن وتدريب بعض العناصر هناك للقيام بعمليات عسكرية محتملة في كينيا, الصومال, السودان, إثيوبيا, اريتريا, واليمن, بالإضافة لجمع المعلومات المخابراتية و للتمويه يقوم جنود هذه القاعدة ببناء العيادات الصحية, والآبار والمدارس في المناطق النائية وتقديم المساعدة لتحسين أحوال السكان المحليين لإيجاد بيئة طاردة للإرهاب في المناطق التي يمكن أن تكون مستهدفة من عناصر القاعدة. ويتيح تمركز القوات الأمريكية في جيبوتي إحكام سيطرتها الكاملة علي القرن الإفريقي الغني بالبترول, فهي قريبة من خط أنابيب البترول السوداني علي ميناء بورسودان وخط الأنابيب بين تشاد والكاميرون وخليج غينيا في الغرب و منطقة البحيرات الكبري وأوغندا ولم تكتف واشنطن بجيبوتي فهناك قواعد أخري لها في كينيا وإثيوبيا أيضا وقعت واشنطن عدة اتفاقيات مع غانا والسنغال والجابون وناميبيا وأوغندا وزامبيا والمغرب وتونس للسماح لطائراتها بالتزود بالوقود فيها. وبعكس العراق فإن ميزانية القوات الأمريكية في إفريقيا لا تلقي اي اعتراض عليها من جانب الكونجرس لضمان تدفق البترول الإفريقي إلي الولاياتالمتحدة خصوصا ان التوقعات تشير إلي انه بنهاية العقد الحالي ستصبح واردات الولاياتالمتحدة من الطاقة الإفريقية بالأهمية نفسها لمنطقة الشرق الأوسط. لذلك يرتكز محور العلاقات الأمريكية الإفريقية علي سعي واشنطن لتوفير الأمن والديمقراطية في الدول المنتجة للبترول وهو ما أدي إلي تحول دور القوات الأمريكية خاصة بعد هجمات سبتمبر من حفظ السلام هناك إلي ما يسمي بمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الجيوش الإفريقية و تأمين حماية الإنتاج ومرافق النقل من أي صراع من شأنه أن يعكر صفو شحنات البترول القادمة إليها لدرجة قيامها بنشر قوات البحرية الأمريكية للقيام بدوريات في حقول النفط لحمايتها وحراسة خطوط الأنابيب من جماعات المتمردين المسلحة التي تطالب بالتقاسم العادل للبترول رغم أنها جماعات لا علاقة لها بالمنظمات الإرهابية الدولية مما يجعل المصالح بين الحكومات المنتجة للبترول تتلاقي مع مصالح واشنطن.