قال يارنو يوهاني بيلتونين، مدير متحف الفنون والتصميم رئيس مؤسسة ماري لويز أند جونار ديدريشسن للفنون، في محاضرة ألقاها بمركز شؤون الإعلام لسمو نائب رئيس مجلس الوزراء إن الاهتمام بالتراث البيئي والمعماري يكتسي أهمية كبيرة كما يمكن اعتباره هدفاً رئيسياً لفن العمارة الحديث لخلق روابط جديدة مرتبطة بالتقاليد والبيئة المحيطة، مبينا أن معارف الأجيال السابقة ومهاراتها وأفكارها وأحاسيسها تبقى شاخصة في التراث الثقافي المادي باعتبارها الجذور التي تنمو الهوية من خلالها وترتبط معها القيم الأساسية المشتركة بصورة وثيقة. واعتبر فنلندا دولة واعدة في مجال المتاحف حيث تضم أكثر من ألف متحف وبذلك بها أكبر حصة للفرد من المتاحف بمعدل متحف لكل 5000 ساكن. وتضم المتاحف أكثر من 5.11 مليون قطعة، ومتاحف التاريخ الطبيعي بها أكثر من 5.17 مليون قطعة. كما تنظم المتاحف أكثر من1300 معرض معاصر في السنة الواحدة. وتحدث المحاضر عن تراث البيئة المعمارية وقيمها الثقافية في فنلندا في العقود الماضية، موضحا أن الفن المعماري والتصميم في فنلندا مفهومان اكتسبا طابعاً شبه أسطوري، ولعبت العمارة خلال القرن العشرين إلى جانب الموسيقا والفنون التطبيقية دوراً متميزاً وقوياً في تعزيز الثقافة الفنلندية رغم موقع فنلندا البعيد عن المراكز الثقافية الكبيرة في أوروبا. وأضاف أن كثيرا من المراحل الثقافية المتعلقة بالبناء قد اختفت في فنلندا بسبب الدمار أو التغيرات اللاحقة في العمران خاصة أن المباني أُعِدت من الخشب وهي تقنية استخدمت منذ 1000 سنة وظلت تستخدمها حتى عهد قريب، مشيرا إلى أن أقدم المعالم الأثرية التي لا تزال قائمة هي الكنائس الحجرية وبلغ عددها حوالي 75 كنيسة وتعود أقدمها إلى القرن الثالث عشر. وتطرق الخبير الفنلندي إلى اتجاهات فن العمارة في فنلندا وتأثرها بعصر النهضة والأسلوب الباروكي في القرن السابع عشر الذي اتسم بدقة الزخرفة وغرابتها واصطناع الأشكال الغامضة، معتبرا أن جذور الفن الكلاسيكي سواء الفن الغوستافي في القرن الثامن عشر أو في عهد الإمبراطورية أو حتى في القرن التاسع عشر يعود إلى الإغريق الكلاسيكية أو روما. واعتبر أن الفن المعماري الجديد في فنلندا انبثق عن مجموعة من الاتجاهات المختلفة منذ أواخر العشرينات من القرن الماضي كجزء من حركة عالمية أخذت تسميات مختلفة كالرومانسية أو الواقعية وتأسست في الدول الشمالية كمذهب عملي في العمارة يقدم أسساً وأجوبة للمشاكل الفعلية، منوها بأن هذا الفن أحرز القبول لدى كثير من المشاريع، وأخذ الفن المعماري يبحث عن الأصالة الإقليمية بدلاً من العالمية. وأوضح يوهاني أن عملية التغيير الاجتماعية الكبيرة التي برزت تدريجياً بعد أواخر الخمسينات تسببت في تعديل أساسي في البناء والهندسة في العقود اللاحقة. وبدأ نظام العيش الريفي يتحول إلى المدنية، كما تطور استخدام الحركة الفنية الصناعية في الهندسة بسرعة في الستينات بشكل خاص.