بعدما بدأ التوافق السياسي يتحقق حول انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، هل يبرز تباين دستوري حول آلية الانتخاب؟ ذلك ان الفقرة الاخيرة من المادة 49 من الدستور لا تجيز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الاولى وسائر الاشخاص المعنويين في القانون العام لهذا المنصب، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليا عن وظيفتهم أو تاريخ احالتهم على التقاعد. أمام هذه العقبة التي تعيق انتخاب سليمان، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أعلن ان الحل الدستوري موجود لديه، وهو ينتظر اكتمال التوافق على سليمان ليكشف تفاصيله، مؤكدا انه «لن يمر عبر بوابة الحكومة»، بما انه لا يعترف بشرعيتها. في المقابل، رفع أمس وزير العدل شارل رزق (قوى 14 آذار) إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اقتراح مشروع تعديل المادة 49 تعديلا نهائيا، يقضي بإضافة الآتي: «إلا أنه يحق لمجلس الوزراء بغالبية ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها وإذا ارتأى أن المصلحة العليا للبلاد تقضي بذلك، أن يعفي أحد الأشخاص المحددين في الفقرة السابقة من الشروط المانعة لأهلية الترشيح والمنصوص عليها في تلك الفقرة». وفي إطار التحركات الرامية الى تعديل الدستور، عقدت أمس هيئة تحديث القوانين في البرلمان اجتماعا استثنائيا في مبنى المجلس النيابي برئاسة رئيس الهيئة رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية النائب روبير غانم. وفي سياق التعديل وسبله، تحدث وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني الى «الشرق الاوسط»، فأوضح «ان تعديل الدستور يتم بطريقتين حددتهما المادتان 76 و77 من الدستور. الطريقة الاولى من خلال طلب رئيس الجمهورية من الحكومة اعداد مشروع قانون لتعديل الدستور فتضع الحكومة مشروع التعديل وتحيله على مجلس النواب لاقراره بأكثرية ثلثي اعضائه. اما الطريقة الثانية فمن خلال اقتراح يتقدم به 10 نواب الى المجلس النيابي ويوافق عليه المجلس بثلثي اعضائه. ويرفع رئيس المجلس هذا الاقتراح الى الحكومة من اجل وضع قانون دستوري يتضمن التعديل الذي طلبه مجلس النواب». وأكد انه «ليس هناك طريقة ثالثة لتعديل الدستور، فأي تعديل يجب ان يتم من خلال الحكومة. فإما ان تأخذ هي المبادرة كما تنص المادة 76 وإما ان تأتي المبادرة من اعضاء مجلس النواب». الاستاذ المحاضر في الجامعة اليسوعية في بيروت، المحامي زياد بارود، قال ل«الشرق الاوسط» ان «هناك طريقتين لتعديل الدستور اللبناني. وفي الحالتين لا يمكن تجنب الحكومة باعتبارها طرفاً. في البداية يجب ان يكون هناك توافق سياسي حتى يمكن التوافق على مستوى تقنيات التعديل. وهنا لا يمكن للمعارضة والموالاة ان تبقيا على مواقفهما المسبقة قبل التوافق وقبل التعديل. فلا يمكن للمعارضة ان تظل متمسكة باعتراضها على شرعية الحكومة ولا ان تبقى قوى الموالاة معترضة على قرار اقفال مجلس النواب». ولفت الى ان المادة 76 تنص على امكان تعديل الدستور بناء على اقتراح من رئيس الجمهورية، «أما ونحن في الفراغ، فهناك آراء تقول بوجوب العودة الى المادة 62 التي تحيل صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة مجتمعة. وهنا تعترض المعارضة وتقول ان الحكومة لا يمكنها ممارسة صلاحيات الرئيس بما انها غير ميثاقية وغير شرعية. لذلك، هناك طريقة ثانية لتعديل الدستور منصوص عنها في المادة 77، بناء على اقتراح 10 من أعضاء مجلس النواب يبدي المجلس اقتراح التعديل شرط موافقة ثلثي أعضائه، وهذا يتطلب توافقا سياسيا. حينها يبلغ رئيس المجلس هذا القرار الى الحكومة ويطلب اليها أن تضع مشروع قانون في شأنه. فإذا وافقت الحكومة على هذا الاقتراح بأكثرية الثلثين تضع مشروع التعديل وترسله الى المجلس».