يعقد قادة الدول الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) مساء السبت قمة نادرة في الرياض هي الثالثة منذ تأسيس المنظمة قبل 47 عاما، في ظل ارتفاع قياسي لاسعار النفط الخام وخلاف بين الاعضاء حول الموقف من سعر صرف الدولار الضعيف الذي يقضم عائدات المجموعة. ويأتي الاجتماع بينما تواجه دول اوبك معضلة تتمثل في كيفية انفاق ايرادات النفط هذا العام والتي تبلغ 658 مليار دولار-وفقا لتقديرات ادارة معلومات الطاقة الامريكية- دون اغراق اقتصادياتها أو اثارة الشبهات من خلال شراء اصول في الخارج مع اقتراب أسعار النفط من مستويات قياسية، فقد بلغ الخام الامريكي الخفيف في المعاملات الاجلة في السابع من نوفمبر الماضي مستوى قياسيا عندما سجل 62ر98 دولار للبرميل وتراجع منذ ذلك الحين ولكنه ظل فوق حاجز90 دولارا. وتتوقع الادارة أن تصل إيرادات المنظمة خلال العام القادم الي 762 مليار دولار، بينما تعاني الدول المستهلكة من تأثير ارتفاع أسعار النفط ، وهو ما تهون منه أوبك قائلة أن القوة الشرائية تتقلص بتأثير عوامل عدة من بينها هبوط الدولار الى مستويات قياسية. وفي جلسة مغلقة لوزراء خارجية ومالية "أوبك" أمس الجمعة إعترضت السعودية على محاولة من جانب ايران وفنزويلا لتسليط الضوء على المخاوف من هبوط الدولار في بيان اجتماع القمة وصوتت اوبك لرفض هذا الاقتراح. وساعد هبوط قيمة الدولار امام العملات الرئيسية الاخري على تأجيج ارتفاع سعر النفط الى مستوى قياسي بلغ 62ر98 دولار الاسبوع الماضي، ولكن قلص ايضا القوة الشرائية لاوبك . وذكر وزراء نفط المنظمة أن القمة، التي تعقد السبت والاحد ، لن تصدر اي قرار بشأن زيادة الانتاج ، معتبرين ان قرارا من هذا النوع غير ضروري وان العوامل التي تتسبب بارتفاع الاسعار خارج سيطرة اوبك التي تؤمن اربعين بالمائة من النفط في العالم ، الا ان قرارا نهائيا في هذا الشان قد يتخذ في اللقاء الوزاري للمجموعة التي تضم 12 عضوا ، في الخامس من ديسمبر القادم في ابو ظبي. ويفترض ان تنضم الاكوادور رسميا مجددا الى المجموعة بعد أن إنسحبت منها في 1992 بسبب عدم رغبتها في الالتزام بنظام الحصص الانتاجية. وكان وزراء الخارجية والنفط في الدول الاعضاء في المنظمة عقدوا الجمعة في الرياض اجتماعا مغلقا للاتفاق على نص البيان الختامي للقمة. الا ان خطأ تقنيا اظهر للعلن انقسامات بين الاعضاء حول مسألة الدولار الضعيف لا سيما بين السعودية حليفة واشنطنوايران المناهضة لها. واقترح وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي أمام نظرائه ان تعرب الدول الاعضاء في اوبك في البيان الختامي للقمة عن القلق ازاء "التدهور المستمر في سعر صرف الدولار". وسارع وزير النفط الفنزويلي الى دعم الاقتراح بينما عارضه رئيس الجلسة وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل معتبرا انه "موضوع حساس يجعل الدولار ينهار اكثر وبالتالي يزيد من المشاكل التي نعاني منها". الا ان تصريحات الامين العام لاوبك عبدالله البدري التي أعقبت الإجتماع حسمت الموقف بشأن عدم تطرق البيان الختامي لضعف العملة الأمريكية. ويعد هذا الإجتماع ثاني لقاء لاوبك تظهر فيه خلافات وإنقسامات وتصدعات للعلن ، بعد الخلاف الذي نشب بين أعضاء المنظمة حول مسالة زيادة الانتاج في اجتماع سبتمبر في فيينا. وقبيل مغادرته ايران متوجها الى البحرين ثم الى الرياض ، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان سعر النفط ما زال منخفضا ، مؤكدا ان "الضغوط على سوق الطاقة مصطنعة وسعر النفط أدنى من قيمته الحقيقية". ووصف نجاد منظمة "أوبك" بأنها منظمة اقتصادية "مهمة جدا"، وقال أن المنظمة تتعرض لضغوط سياسية واقتصادية كبيرة ولهذا فإن الطاقة الحفرية لم تجد مكانتها فى العالم حتى الآن ، موضحاً أنه سيتم تبادل وجهات النظر بشأن القضايا المتعلقة بالطاقة الحفرية في الاجتماع الثالث لقمه الدول الاعضاء في اوبك. وأعرب الرئيس الإيرانى عن أسفه لأن "أوبك" لم توحد حتى الآن قواها الاقتصادية، وقال "إننا سنتباحث بهذا الخصوص". وأضاف نجاد أن القمة ستبحث كذلك العملة التى تستخدم لبيع النفط ، والتى لها تأثيرعلى الدول المنتجة للنفط والحفاظ على مصالح الطاقة ، والتى تتعرض حاليا للضرر والتعاون الاقتصادى بين الأعضاء والاستفادة من إمكانيات وطاقات الأعضاء واحتياطى الدول المنتجة للنفط. أما الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز ، وهو من أشد المناهضين للولايات المتحدة ، فيرى ان السعر العادل لبرميل النفط يتراوح بين ثمانين ومائة دولار ، الا انه يعتبر انه على أوبك ان تجد آلية لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة غلاء اسعار النفط، داعياً المنظمة إلى "الذهاب الى هو ما ابعد من مجال الطاقة" واتخاذ "اهداف سياسية وجيوسياسية". وكان الرئيس الفنزويلي قد إقترح الإسبوع الماضي ان تمول أوبك برامج للتنمية الاجتماعية للدول الفقيرة وزيادة نشاطها الدبلوماسي في محاولة لوضع ثورته الاشتراكية التي أغضبت واشنطن على المسرح العالمي. ومن المقرر أن تبحث أوبك الارتفاع الكبير في كلفة الاستثمارات النفطية في حين ان المطلوب من اوبك رفع قدرتها الانتاجية بشكل كبير لملاقاة مستوى الطلب العالمي المتنامي على الطاقة. ومن المتوقع أن يتفق قادة الدول على مبادرات بيئية مهمة خصوصا في مجال تعزيز تكنولوجيا التقاط وتخزين ثاني اكسيد الكربون ، اضافة الى الاتفاق على تعزيز صندوقهم للتنمية. هذا ، وستهيمن أزمة الملف النووي الايراني على القمة لا سيما بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أقر لإيران ببعض التقدم وبينما إتهمها بالاستمرار في تحدي مطالب المجتمع الدولي بوقف التخصيب. وسيركز البيان الختامي للقمة على الإستعداد لمعالجة التغيرات المناخية ودور المنظمة في التخفيف من إرتفاع درجة حرارة الأرض وإمكانية الإعتماد طويل الأجل على إمدادات النفط ودور الطاقة في الدول النامية. وقال عبد الله البدري الامين العام لاوبك قبيل اجتماع الرياض أن تكلفة المواد الخام مرتفعة للغاية، وهو ما يقود الي إرتفاع تكلفة زيادة الطاقة الانتاجية من النفط أكثر من 50 بالمائة. ويتضح الأثر القياسي لإرتفاع أسعار النفط علي إيرادت المنتجين بالنظر الي دول الخليج فقد شهد منتجو النفط الرئيسيون في المنطقة نموا اقتصاديا هائلا خلال موجة ارتفاع أسعار النفط ، فقد تضاعف حجم اقتصاديات دول الخليج الى مثليه في عام 2006 مقارنة مع مستواه في 2003 . وكان التحول في أسعار النفط بمثابة صدمة ايجابية هائلة للمنطقة عملت علي تحفيز النمو الاقتصادي ، وتقول ادارة معلومات الطاقة الامريكية ان السعودية -اكبر مصدر للنفط في اوبك - قد تحقق ايرادات نفطية تصل الى نحو 190 مليار دولار هذا العام ارتفاعا عن 183 مليارا العام الماضي. ولفت البدري إلي أن أعضاء أوبك ينفقون نحو 150 مليار دولار من إيراداتهم على تعزيز طاقتهم الانتاجية لتصل الي خمسة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015. المزيد من التقارير والملفات 17/11/2007