سفير اليابان في القاهرة، "توشيرو سوزوكي"، أعرب عن رغبته، بأن تقوم مصر بإتخاذ تجربة بلاده مرجعا لها، فيما يناسبها، وهي تقوم بالعمل من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية. فكيف يمكن استخدام الخبرة اليابانية في بناء مصر الحديثة؟ رسالة السفير "سوزوكي" والإجابة عن هذا السؤال جاءت ضمن "روشتة" قيمة، أعدها السيد "هيدياكي ياما موتو"، رئيس تحرير نشرة "اليابان" الدورية، التي تصدرها، باللغة العربية، سفارة اليابانبالقاهرة. السيد "ياماموتو" طرح السؤال على ثلاث شخصيات مصرية بارزة، لها خبرة واسعة بالتجربة اليابانية، وهم: السفيرة فايزة أبو النجا، رئيس مجلس أمناء الجامعة المصرية - اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي السابقة، والدكتور عصام حمزة، أستاذ الدراسات اليابانية بكلية الآداب جامعة القاهرة، والمهندس عماد سعيد، رئيس شركة اليابان مصر لحلول الغذاء، بمدينة السادس من أكتوبر. ردا على السؤال: أية قضايا في عملية بناء الدولة، الجارية في مصر، يمكن أن تكون اليابان فيها نموذجا يحتذى؟ { تقول الوزيرة فايزة أبو النجا: قدمت اليابان نموذجا متميزا في التخطيط الاقتصادي، من خلال الدولة، لاقتصاديات سوق مفتوحة، حيث تمثل اليابان نموذجا للرأسمالية المكتملة، وهي الدولة الأولى التي تقدم هذا النموذج، تبعها بعد ذلك النمور الآسيوية، خاصة كوريا الجنوبية. مصر تحتاج إلى الإستفادة من هذه التجربة، التي أثرت إيجابا ليس- فقط على الاداء الاقتصادي والتنموي للدولة، وإنما على صفات المجتمع الياباني، لأنها حافظت على المواطن والأسرة اليابانية، من الآثار المتوحشة للرأسمالية، وأشركت كافة طبقات المجتمع الياباني في عملية التنمية والنمو. هذا النموذج، في إطار ما يجمع من تشابه، بين الثقافة المصرية والثقافة الآسيوية، مع كونهما من أقدم حضارات العالم، قد يكون الأفضل للمحاكاة والتنفيذ، بعد تكييفه ليناسب معطيات المجتمع والدولة المصرية اليوم. وبالفعل، بدأت مصر في الاستفادة من التجربة اليابانية في التخطيط الإقتصادي، من خلال خبير ياباني، كنت قد استقدمته في عام 2011، كخبير لوزارة التخطيط يعمل مع فريق عمل مصري، وتم بالفعل وضع أول إطار استراتيجي لخطة التنمية، لمضاعفة الدخل خلال 10 سنوات، ووضع خطة اقتصادية تنموية تستهدف مجالات محددة، وبمشاركة مجتمعية، لتنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى. وردا على السؤال: ما هي النقاط التي يكون بها التعليم الياباني نموذجا يحتذى به للتعليم المصري؟ { يقول الدكتور عصام حمزة: دائما ما يفخر اليابانيون بنظامهم التعليمي، ويحرصون على تحسينه وتطويره، فإذا كنا نريد النظر إلى نموذج يمكن الأخذ عنه، أو منه، فليكن النموذج الياباني، دون غيره من النماذج، التي حاولت تقليده، كالنموذجين الماليزي والكوري الجنوبي، فمن المنطقي أن ننظر إلى الأصل. يمكننا على سبيل المثال أن نستفيد من: القوانين والنظم التعليمية.. الرؤى والسياسات الفاعلة لإعداد المعلم المناسب لكل مرحلة.. إعادة النظر في كليات التربية (في اليابان جامعات للتربية).. إضافة مناهج تربوية اختيارية إلى الساعات المعتمدة في الكليات الأخرى.. استحداث رخص مهنية تجدد كل فترة محددة للمعلمين. الأهم من وجهة نظري هو أن التعليم ليس مقصورا على ما يدور بين جدران المدارس، بل إن التعليم عملية مستمرة مدى الحياة، لكل أفراد المجتمع على إختلاف مستوياتهم، ومهنهم وأعمارهم، تقوم بها وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية الحكومية وغير الحكومية، لخلق منظومة فكرية ثقافية متكاملة، لإثراء وجدان المواطنين، والحفاظ على وعيهم، غير مشوه أو متضارب، وهذا كله منوط بوزارة التعليم اليابانية، التي تقوم بعمل مجموعة فكرية، مسئولة عن الثقافة والرياضة والشأن الديني، وبالطبع، التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي. وردا على السؤال: بدأت منذ فترة وجيزة عملية بناء الدولة في مصر، مع رئيس الجمهورية، المنتخب حديثا، كيف يمكن أن تسهم الخبرة والمعرفة اليابانية في هذه العملية؟ ولماذا تعتقدون ذلك؟ { يقول المهندس عماد سعيد: أشعر إن هناك سوء فهم من اليابان تجاه ما يحدث في مصر، حيث تستطيع اليابان أن تتفهم وتساعد مصر على إستلهام ما يساعدها في خطواتها المبكرة نحو الديمقراطية، من خلال القنوات الرسمية، وغير الرسمية، هذا من الناحية السياسية. أما من الناحية الإقتصادية، فحيث ان مصر، تعتبر سوقا واعدة، تستحق الاهتمام من اليابان، بنقل المعارف والتكنولوجيا الحديثة بطرق إتصال مختلفة على المستويين الحكومي والشعبي، لذلك ممكن أن تتحول مصر إلى مركز جذب للاستثمار، أخذين في الاعتبار مقدرات مصر الطبيعية، وهنا يمكن الإحتياج إلى الخبرة اليابانية في إعادة تأهيل المنتج البشري، الذي كان، من خبرتي الشخصية، سر تطور ونمو اليابان، في منتصف القرن الماضي، ونحتاج إلى الاستفادة من تجربة اليابان في التعليم وتبني روح الفريق في إدارة الأعمال، والتحدي والتجرد، والتفاني غير النهائي في التجويد والتحسين. من كل هذا، ومن تجربة اليابان العظيمة، كما شاهدتها، وكنت شاهدا عليها، لمدة تقترب من 30 عاما، أجدني أستطيع القول إنه يمكن لليابان إعادة تقديم تجربتها الفريدة، لأنني أعتقد أن هناك نقاط التقاء كثيرة يمكن أن تكون نواة لتعاون مميز وراق وطويل الأجل بين البلدين. نقلا عن جريدة الأهرام