اقلام كثيرة تغرقها بحار الإنترنت وتجد نفسها حائرة بين بيانات ومعلومات وارقام لا حدود لها..وللأسف الشديد ان الإنترنت كثيرا ما يقدم بيانات خاطئة وارقاما مضللة ومعلومات غير قابلة للتداول. وتكون النتيجة ان نقرأ تحليلات تفتقد الموضوعية ونجد امامنا مسلمات لا تقوم على الحقائق..فى زمان مضى كان رصيد الكاتب قراءات فى الكتب يمكن الرجوع اليها وتوثيقها او تجارب إنسانية تتسم بالعمق او مشاهدات هنا او هناك تقوم على بناء فكرى متناسق.. وكانت تحليلات الكتاب تقوم فى الأساس على ثقافة وفهم وقدرة. ولكن الأزمة الحقيقية الآن ان كثيرا من الكتاب يعتمدون فى كل كتاباتهم على الإنترنت والشىء المؤكد ان مصادر الإنترنت واحدة ولهذا تتشابه الكتابات وتكتشف ان ما تقرأه هنا يمكن ان تقرأه فى اكثر من مكان وأسوأ ما فى هذه الظاهرة ان المعلومة الخطأ تصبح مشاعا للجميع، وان التحليلات الساذجة التى تفتقد الدقة يمكن ان تكون مصدرا للإشاعات. ان بعض الكتاب يستند الى ما ينشر على الإنترنت وقد يكون كلاما ساذجا او اخبارا كاذبة..وهناك ازمة اخرى فى عالم الإنترنت انه مجال مفتوح للجميع ويتسلل اليه الملايين من البشر بالقصص والحكايات والأرقام ولا تستطيع ان تحدد الصادق فيها من الكاذب. إن حالة الفوضى فى المعلومات التى تسبب فيها الإنترنت افقدت العالم الدقة والحقيقة خاصة ان هناك ايادى كثيرة لا يعرفها احد تعبث فى هذا العالم الفسيح..وإذا كان من السهل ان يسقط ضحايا عاديون من الشباب وزوار الإنترنت فينبغى ان يحرص قادة الفكر والرأى العام والكتاب على مصداقية الكلمة فلا تغريهم سهولة الحصول على البيانات والمعلومات ويقعون فريسة مؤامرة كونية كبرى لا احد حتى الآن يعرف خيوطها ومن يحركها. فى سنوات قليلة تحول الإنترنت الى آلة جهنمية جمعت حولها الملايين من البشر يشربون من إناء واحد وهم لا يعرفون هل هو ماء ملوث ويحصلون على معلومات لا توجد وسيلة للتأكد من دقتها..ثم بعد ذلك نجد الملايين يستخدمون هذه المعلومات ويروجون لها وهى فى الحقيقة كذبة كبرى..رغم ان الإنترنت إعجاز عصرى مذهل فإنه مثل كل الأشياء فيه الخير والشر، وشره اكثر. * نقلا عن صحيفة الاهرام