بات في حكم المؤكد ان الجلسة العاشرة لمجلس النواب، يوم غد لن تكون افضل من سابقاتها التسع التي اخفقت في انتخاب رئيس جديد للبنان الذي يبدو عشية نهاية عام 2007 وكأنه دخل نفق ازمة تختلف عن تلك التي عرفها منذ نهاية العام 2006 من حيث كونها أزمة كيانية بكل ما للكلمة من معنى. هذه الاجواء الموغلة في القتامة، اكدتها وثبّتتها اكثر من 48 ساعة أمضاها في بيروت مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد وولش (يرافقه رئيس قسم الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي اليوت ابرامز)، حاصراً لقاءاته الاساسية بفريق «14 مارس»، مكتفياً بلقاء واحد مع رئيس البرلمان نبيه بري من جانب المعارضة، ومكرساً بذلك القطيعة الرسمية والعلنية مع العماد ميشال عون، للايحاء بان الادارة الاميركية تحمّله مسؤولية كبيرة في تعطيل الانتخابات الرئاسية. وفي حين اتجهت الأنظار امس، الى لقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع البابا بنديكت السادس عشر في الفاتيكان والذي تخلله بحث معمق في الملف الرئاسي اللبناني، فان المعلومات افادت بان تداوُل امكانات تطويل أمد الفراغ الرئاسي طُرحت في شكل جدي وصريح بين قوى الغالبية وولش، الذي نقل الى هذه القوى أجواء المداولات التي حصلت في باريس بين وزراء خارجية اميركا وفرنسا والدول الغربية والخليجية، والتي خلصت الى استنتاج واضح مفاده بان سورية لم تسهل اجراء الانتخابات وانها تضع كل ثقلها وراء مطالب المعارضة التي تُعتبر تعجيزية ما يعني ان ثمة توزيع ادوار محكمة بين دمشق وأطراف المعارضة لمنع إجراء الانتخابات الرئاسية، وان كلاهما، اي دمشق وحلفاؤها، يستفيدون على الاقلّ إن لم يكونوا ينسّقون ايضاً بالكامل، من تصلّب عون، ولذلك تمّ تفويضه التفاوض باسم المعارضة. ويبدو واضحاً، ان مرحلة الفراغ الرئاسي قد تكون مرشحة لان تطول حتى الربيع فعلاً، ذلك ان كل محاولات رئيس مجلس النواب لايحاء بانه يملك مفاتيح اللعبة او المخارج الدستورية لإجراء الانتخابات خارج الدورة العادية للبرلمان التي تنتهي نهاية ديسمبر الجاري، لم تعد تجد صدى بعدما اهتزّت مصداقية بري بقوة من جراء التجارب السابقة ثم تفويض عون بان يكون المفاوض الحصري عن المعارضة، وعون نفسه لا ينفكّ يعلن بوضوح ان الانتخابات مستبعدة حتى ما بعد مارس، ويبدو واضحاً ان كلامه يتمتع بصدقية اعلى قياساً على التطورات الجارية. وانطلاقاً من هذه الوقائع، بدا شبه محسوم ان «الحكومة الرئاسية» (تسلمت صلاحيات رئيس الجمهورية منذ 24 نوفمبر) ستبادر الى «ترميم محدود» تملأ عبره المقعد الذي شغر باستشهاد الوزير بيار الجميل (اغتيل في 21 نوفمبر 2006)، في حين يبدو ملء المقاعد «المعلقة» باستقالة وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» ووزير سادس كان محسوباً على الرئيس السابق اميل لحود، مستبعداً نظراً الى مضاعفاته السياسية. وامس، وُزع تصريح وولش بعد لقائه مساء الاربعاء الوزيرة نايلة معوض، حيث قال: «من المهم لكل اللبنانيين أن يكون لهم رئيس جمهورية يحظى باحترام الجميع، والمرشح الموجود (العماد ميشال سليمان) عنده التزام وضمير والولايات المتحدة تؤمن بقوته. الآن هو الوقت المناسب لحصول هذه الانتخابات مما يسمح بعودة الحياة السياسية في هذا البلد الى طبيعتها، وهذا الأمر سيكون جيدا لجميع اللبنانيين». أضاف: «نشعر، الرئيس جورج بوش والوزيرة كوندوليزا رايس وانا بمشاركة اصدقائنا ان هذا البلد سيكون الامل الذي ينطلق من خلال الشرق الاوسط».