عقب توقيع الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن اتفاقية كامب ديفيد للسلام عام 1979 أصبحت مصر ثاني أكبر دولة تستفيد من المساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل، حيث بلغ حجم المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، التي حصلت عليها مصر حوالي 60 مليار دولار بما فيها 34 مليارا على شكل منح وقروض في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي، التي تقوم بموجبها مصر بشراء المعدات والخدمات العسكرية الأمريكية بهدف تحديث الجيش المصري وتزويده بالمعدات العسكرية الحديثة التي تتماشى مع المعدات العسكرية الأمريكية، وبالتالي تسهيل مشاركة مصر في التحالفات التي تشكلها الولاياتالمتحدة والعمليات العسكرية التي تقوم بها. وحسب ما ذكره كل من وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين،0 فإن هذه المساعدات العسكرية تساهم في الحفاظ على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط والاستقرار في المنطقة ودعم مصر كحليف في الشرق الأوسط، وبالنظر إلى مستجدات الأحداث فقد وافق مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ مؤخراً على تجميد 200 مليون دولار من اعتمادات المساعدات العسكرية المقررة لمصر في العام القادم كنوع من العقاب والضغوط على الحكومة المصرية لحثها على التصدي لتهريب الأسلحة لقطاع غزة 0 إضافة إلى التردي في مجال حقوق الإنسان، وكانت دراسة حديثة أعدها مكتب محاسبة الانفاق الحكومي التابع للكونجرس الأمريكي قد تعرضت لحجم المعونات العسكرية الأمريكية لمصر والمقابل لها، واشترط للإفراج عن تلك الأموال المجمدة أن تبذل مصر جهوداً كافية لمنع تهريب الأسلحة لقطاع غزة، وكذا ضرورة تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وطالب التقرير بالإفراج الصحي عن أيمن نور زعيم حزب الغد الذي يصارع الموت الآن في سجن مصر. دول حليفة وأكدت الدراسة أن المساعدات العسكرية تمثل الحيز الأكبر في حجم المعونة الأمريكية لمصر في الوقت الذي يتزايد فيه عدد الدول الحليفة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وتتلاشى احتمالات نشوب حروب بين إسرائيل وجيرانها، لذلك تصاعدت الأصوات داخل الكونجرس الأمريكي لإعادة النظر في تركيبة المساعدات الأمريكية لمصر ومطالبة بزيادة المساعدات الاقتصادية التي تحتاج إليها مصر على حساب المساعدات العسكرية، التي تحصل عليها منذ عام 1979 وقد قدمت على مر السنوات الأخيرة عدة مقترحات لم يكتب لها النجاح بغرض تقليص حجم المساعدات العسكرية لمصر ومضاعفة حجم المساعدات الاقتصادية لتطوير المجتمع المصري وإنعاش اقتصاده. وأوضحت الدراسة أن الولاياتالمتحدة قدمت لمصر حوالي 7.3 مليارات دولار بين عامي 1999 و2005 في إطار برنامج مساعدات التمويل العسكري الأجنبي وأن مصر اتفقت خلال الفترة نفسها على حوالي نصف المبلغ أي 3.8 مليارات دولار بهدف شراء معدات عسكرية ثقيلة، فتجد نسبة 14% لشراء الطائرات الحربية و8% لشراء البواخر و19% للمركبات العسكرية و15% لاقتناء أجهزة الصيانة و10% لأجهزة الاتصال ومعدات المساعدة بما فيها أنظمة الرادار ونسبة 9% للأسلحة والذخيرة و9% للمساعدات التقنية بما فيها 1400 كمامة واقية للحماية من الغازات الكيماوية والبيولوجية و9% للتدريبات وبناء منشآت عسكرية وإجراء الدراسات، وكذا تدبير البرامج العسكرية وأشارت الدراسة إلى أنه ما بين عامي 1982 و1989 أسقطت الولاياتالمتحدة جميع الديون المستحقة على مصر في إطار برنامج مساعدة التمويل العسكري الأجنبي وبدأت في عام 1989 بتوفير مساعدات عسكرية لمصر على شكل منح من دون أي شروط على طريقة سدادها. استراتيجية أمريكية وأكدت الدراسة أن المساعدات الأمريكية لمصر تساعد على تعزيز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة حيث اشترطت على مصر السماح للطائرات العسكرية الأمريكية باستخدام الأجواء العسكرية المصرية خلال عامي 2001، 2005، اذ سمحت مصر بالفعل ل 36553 طائرة عسكرية أمريكية بدخول الأجواء المصرية، كما أعطت مصر تصريحات بشكل مسرع ل 861 بارجة حربية أمريكية لعبور قناة السويس خلال الفترة نفسها وقامت بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لعبور تلك البوارج، كما شاركت مصر في التحالفات العسكرية فقامت بنشر 800 جندي من قواتها في منطقة دارفور غرب السودان عام 2004 وقامت بتدريب 250 عنصراً في الشرطة العراقية و25 دبلوماسياً عراقياً بنفس العام، كما أقامت مصر مستشفى عسكريا وأرسلت أطباء إلى قاعدة باجرام العسكرية في أفغانستان بين عامي 2003، 2005 وساعدت في علاج 100 ألف مصاب هناك، وأفادت الدراسة أن مصر من أبرز الدول المستفيدة من المساعدات الخارجية الأمريكية وذلك إلى جانب إسرائيل والعراق وأفغانستان وتحصل حكومة القاهرة على حوالي مليار وثلاثمائة مليون دولار سنوياً على شكل منح وقروض في إطار البرنامج الأمريكي للمساعدة على التمويل العسكري الأجنبي، ويعتبر هذا البرنامج واحداً من عدة برامج للمساعدات الأمنية الأمريكية، التي تأتي في إطار تعزيز التعاون الأمني مع الدول الأخرى من خلال إقامة علاقات تحمي المصالح الأمريكية، التي حددتها وزارتا الدفاع والخارجية الأمريكيتان من أن تلك المصالح، تشمل تطوير قدرات الدول الصديقة لكي تتمكن من الدفاع عن نفسها ولكي تكون قادرة على المشاركة في التحالفات التي تشكلها الولاياتالمتحدة كما تشمل تعزيز الدعم العسكري لتلك الدول لكي يتم احتواء التهديدات الدولية ولتصبح تلك الدول قادرة على المساعدة على العمليات الدولية في الأزمات بالإضافة إلى حماية الحكومات المنتخبة ديمقراطياً وتكثيف الروابط العسكرية بين الولاياتالمتحدة والدول المستفيدة من تلك المساعدات، بالإضافة إلى دعم قطاع الصناعة الأمريكي من خلال الترويج وتشجيع السلع والخدمات الأمريكية المتعلقة بالمجال الدفاعي. وذكرت الدراسة أن مصر حصلت على حوالي 34 مليار دولار منذ عام 1979 في إطار برنامج مساعدة التمويل العسكري الأجنبي، حيث خصصت الولاياتالمتحدة منذ ذلك الحين حوالي 1.3 مليار دولار سنوياً في ميزانياتها كمخصصات لمصر في إطار هذا البرنامج، وفي عام 2005 شكل ذلك المبلغ 25% من مجموع المساعدات الأمريكية إلى جميع الدول في إطار البرنامج، ومثل ذلك المبلغ نسبة 80% من مجموع ميزانية العقود العسكرية المصرية، التي تم استخدامها لتحديث المعدات العسكرية المصرية عن طريق تغيير المعدات التي حصلت عليها من الاتحاد السوفيتي السابق بمعدات عسكرية أمريكية عصرية. وخلصت الدراسة إلى ضرورة قيام وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكتين بإجراء تقييم للآثار المحتملة لتغيير نسب المساعدات الأمريكية المقدمة لمصر خلال ميزانية السنوات القادمة إضافة إلى ضرورة إجراء تقييم دوري لبرنامج المساعدات بأكمله لكي يتم تحديد مدى جدواه وتحقيقه الأهداف المتوقعة منه. عمليات النجم الساطع يقول اللواء علي الموصلي الخبير العسكري: إن نسبة 52% من مجموع المعدات العسكرية المصرية هي معدات أمريكية وفقاً لإحصاءات أجريت في أغسطس من عام 2005، كما أن الجيش المصري أصبح أكثر استعدادا ولديه معدات أفضل للدفاع عن الأراضي المصرية والمشاركة في عمليات حفظ السلام في المنطقة. وأشار إلى أمثلة عديدة منها مشاركة الجيش المصري في بعثات السلام في تيمور الشرقية والبوسنة والصومال0 اضافة إلى مشاركة الجيش المصري مع الولاياتالمتحدة في عمليات النجم الساطع وهي تدريبات عسكرية مشتركة تجرى كل عامين بمشاركة عدد من الدول من بينها ألمانيا والأردن والكويت وبريطانيا والهدف من تلك التدريبات هو القيام بتمرينات ميدانية لتعزيز التعاون العسكري وتقوية العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر كما هو الشأن مع باقي الدول في العالم. من جانبه يرى د. سعيد عكاشة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن هناك مجموعة من الحقائق تكاد تكون تفاصيلها غائبة عن قطاع كبير من المعارضين لمسألة المساعدات الأمريكية وخاصة المساعدات العسكرية، وأضاف أن القضية تتعلق بالنخب التي تحاول أن تحقق مصالحها الخاصة في إطار وطني، فهم يعتقدون أن الضغط على الحكومة بهدف إحراجها أمام الرأي العام من خلال توجيه الاتهام لها بالتفريط في السياسة الوطنية غير أن المعارضة في اعتقادي - والكلام لعكاشة - إذا جاءت إليها السلطة في البلاد وتسلمت مقاليد الأمور فلن تختلف كثيراً عما يمارسة النظام الحاكم وخاصة أن مصر بلد فقير من الناحية الاقتصادية، لذا فهي في حاجة إلى مثل هذه المساعدات، وقال: إنه لا مانع من قبول المساعدات الأمريكية طالماً أن مصر وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل بمعنى أن هناك ما يسمى الاعتماد المتبادل أي الاتفاق والالتزام بأشياء بين الطرفين مقابل إعطاء بعض التسهيلات للطرف المقدم للمساعدات، وهذا أمر يتم الاتفاق عليه، وبالتالي لا أؤيد من يدعون إلى رفض المعونة الأمريكية تذرعا بمفهوم السيطرة على الأحداث والتحرر من القيود الاستعمارية، وخاصة أن مفهوم الاستعمار القديم الذي يتحدث به المعارضون أصبح الآن أمراً يسيراً ولا يثير الخوف أو الريبة طالماً أن هناك نصوصاً ولوائح تم الاتفاق عليها. أوراق للضغط واقترح د. عكاشة على المعارضة بأن تقوم بمناقشة القضية بشفافية، لتوظيف هذه المعونة وصرفها في أمور تفيد البلاد فما يقدم من مساعدات أمريكية من حق مصر، وخاصة أن ما يشاع عن أمور الضغط الأمريكي على مصر من خلال المعونة أمر مرفوض بدليل أن هناك أنواعاً للضغط على دول بعينها، وبالنظر إلى دولة مثل إيران نجد أنها لا تتلقى مساعدات أو معونات من واشنطن لكنها تملك أوراقا كثيرة للضغط عليها لحثها على الخضوع ولمطالبها بشأن مشروعها النووي أو عن طريق منع بعض الشركات العالمية من الاستثمار في إيران، إذاً الأمر لا يغلب عليه الجانب المادي فقط. وتساءل لماذا لا نقبل أن تكون هناك منافع خاصة بمصر تعود بالنفع على جموع المواطنين؟ فلا مجال الآن للنزاعات فهناك من يريدون الدخول في صدام مع واشنطن أو دول الغرب عامة حتى لو كان هذا الأمر غير مفيد للوطن، وأكد أن قضية الضغوط الأمريكية من خلال تجميد بعض المبالغ الخاصة بحجم المساعدات المقدمة لمصر أمر قادم لا محالة حتى لو لم يكن هناك معونة أو مساعدة مقدمة فأوراق الضغط كثيرة سواء كان من الناحية المادية أو حتى من الجانب العسكري، كما أن مشروع القانون الذي أعده مجلس النواب الأمريكي تعارضه الحكومة الأمريكية وهذا ما أكده وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس لوزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط.