رغم دفاع الرئيس الأمريكي جورج بوش حتي النهاية عن وزير العدل البرتو جونزاليس وتنديده بالمعاملة غير المنصفة التي مرغت بالوحل اسم هذا الرجل الشريف والصديق لاسباب سياسية، فإن استقالة جونزاليس تشكل انفراجا بنظر المراقبين. لكن الخبراء يجمعون علي القول ان هذا الانفراج لن يدوم طويلا وقد عبر خصوم بوش الديمقراطيون، الذين يشكلون الغالبية في الكونجرس. بوضوح عن نيتهم مواصلة التحقيقات البرلمانية المفتوحة حول تصرفات جونزاليس ووزارته التي تمثل بنظرهم رمزا لإدارة استخدمت الدستور بما يناسبها. وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد: ان هذه الاستقالة لا تعني نهاية المشكلة. لابد للكونجرس ان يذهب إلي عمق هذه المشكلة ويتتبع مسار الوقائع الي حيث تقود، إلي البيت الأبيض. وفي ظل تعايش متوتر أصلا بسبب الحرب في العراق واستحقاق الانتخابات في العام 2008، فإن تعيين بديل عن جونزاليس قد يثير جدلا جديدا ويفترض ان يصادق مجلس الشيوخ علي خيار الرئيس. لكن حتي وان كان البيت الأبيض لن يقدم علي دعوة أهل الصحافة ليقول لهم: تبا له اننا مسرورون بإنهاء هذا الموضوع، فإن الاستقالة تشكل انفراجا بالنسبة له، كما يقول الخبير في مؤسسة بروكينجز ستيفن هيس. وكان جونزاليس الهدف الأول لتحقيقات في مجلس الكونجرس لمعرفة ما إذا كان تم اقصاء قضاة كبار لاسباب سياسية، وما إذا كانت الإدارة تجاوزت صلاحياتها من خلال قيامها بعمليات تنصت علي مواطنين أمريكيين بدون توكيل قضائي بحجة الحرب علي الإرهاب. وكانت تحقيقات داخلية تجري لمعرفة ما إذا كان جونزاليس اعطي تعليمات لمعاونة له قبل ان تدلي بشهادتها امام البرلمانيين في قضية المدعين العامين. والأخطر علي ما يبدو في ذلك هو ان الديمقراطيين كانوا يسعون لمعرفة ما إذا كان جونزاليس كذب في الكونجرس أثناء جلسات استماع ألحقت أذي كبيراً بإدارة هي أصلا في وضع مربك. وأقر بوش نفسه بأن الجدل حول جونزاليس أصبح مؤذيا لانه يحول الوزارة عن مهمتها. لكن المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ستانزل أكد ان جونزاليس توصل بمفرده إلي قرار الاستقالة. أما الخبراء الذين يعلمون مدي صدق بوش تجاه معاونيه الاوفياء، فلا يعتقدون ان الرئيس دفع بوزيره للرحيل في خطوة تعد بمثابة يد ممدودة الي الديمقراطيين قبل المواجهة المقبلة المتوقع اصلا ان تكون محتدمة بسبب الخلافات بشأن العراق. لكن يبدو ان الديمقراطيين الذين احروزا باستقالة جونزاليس انتصارا مهما علي الإدارة منذ يناير، ليسوا مستعدين للقبول بهذه اليد الممدودة. ورفضوا ان يكون جونزاليس »كبش فداء«. وقال السيناتور جون كيري: حتي بعد رحيل جونزاليس فإن الكونجرس سيواصل جهوده لنحصل علي الحقيقة ولكشف حسابات بشأن كل المسائل العالقة. ومن المتوقع ان يتمسك الكونجرس بطلبه الاستماع الي شهادة جونزاليس. ويبدو أن الديمقراطيين ينتظرون بوش عند المنعطف لتعيين وزير جديد. والبيت الأبيض يعلم ذلك، وقد عبر سكوت ستانزل عن الأمل في ان يقوم مجلس الشيوخ بتغليب مصالح البلاد علي السياسة الحزبية. وطالب الديمقراطيون مثل كيري بشخصية توافقيه تعطي انطلاقة جديدة للوزارة. ويحذر الخبير ستيفن هيس من ان الخيار الذي سيقوم به بوش سيحدد ان كان الانفراج سيكون لمدة قصيرة أم لا. ويشك زميله اريك دفيس في ان يتمكن بوش من استخدام صلاحياته في تعيين بديل مؤقت لهذا المنصب حتي انتهاء الولاية التشريعية من دون موافقة الكونجرس. في التصور الحالي للأمور يمكن ان يبقي هذا البديل حتي نهاية رئاسة بوش.