كان الإفراج عن الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني بمثابة انقلاب دبلوماسي جديد للزعيم الفرنسي نيكولا ساركوزي ولكن الدور غير التقليدي الذي لعبته قرينته لتأمين إطلاق سراحهم أثار انتقادات في الداخل. حين تولى الرئاسة في مايو وضع ساركوزي الإفراج عن الممرضات والطبيب الذين أدينوا بتعمد إصابة مئات الأطفال الليبيين بالفيروس المسبب لمرض الايدز ضمن أولوياته، وأرسل لهذه الغاية قرينته سيسيليا والأمين العام لقصر الاليزيه وكلود جوان مرتين إلى العاصمة الليبية طرابلس وكللت جهودهما بالنجاح حين أفرج عن الممرضات والطبيب. ودائما ما تقف السيدات الأوائل في فرنسا خلف أزواجهن في إدارتهم شؤون البلاد ولكن هذا يمكن أن يتغير مع سيسيليا ممشوقة القوام وعارضة الأزياء السابقة التي ابتعدت لفترة قصيرة عن زوجها في العام 2005. غير أن منتقدين من اليسار يتهمون ساركوزي وزوجته بإقحام نفسيهما في مهمة للاتحاد الأوروبي بشكل غير مهذب. وأبدى بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي في مناقشات خاصة استياءهم مما اعتبروه محاولة من الرئيس الفرنسي لسلبهم ما تحقق من مجد في ليبيا. وقال النائب الاشتراكي بينوا هامون في هذا الإطار وبالتحديد عن سيسيليا وجوان: «ما هي شرعيتهما من الناحية الديمقراطية سوى أنها قرينة الرئيس وهو عين أميناً عاما لقصر الاليزيه». كما قارن السياسي الاشتراكي البارز بيير موسكوفيتشي وهو وزير سابق للشؤون الأوروبية بين جهود الاتحاد الأوروبي المتأنية على مدار سنوات وتدخل «بشكل درامي اكبر» من جانب عائلة ساركوزي. وصرح موسكوفيتشي قائلاً: «يمكننا طرح أسئلة.. عن مسلك الدبلوماسية الفرنسية ومن يفعل ماذا ومن المسؤول». ودعا لشفافية اكبر بشأن أسلوب إدارة الدبلوماسية الفرنسية وبنود الصفقة مع الزعيم الليبي معمر القذافي. وإطلاق سراح الممرضات هو احدث نجاحات «سوبر ساركو» وهو اللقب الساخرالذي أطلقته وسائل الإعلام الفرنسية على الرئيس. فخلال شهرين منذ توليه منصبه توصل ساركوزي إلى توافق عريض على إصلاحات الاتحاد الأوروبي وقبول الاتحاد الأوروبي على مضض عدم وفاء فرنسا بالخفض المستهدف للعجز في ميزانيتها ودعم لتولي فرنسي إدارة صندوق النقد الدولي. وهاجم اشتراكيون اخذوا على غرة بضم ساركوزي يساريين لحكومته ولجنة لإصلاح الدستور الرئيس الجديد لاستعانته بمسؤولين غير منتخبين ولا يخضعون للمحاسبة كبمعوثيه. وتجاهل الانتقادات قائلا إن المهم هو النتائج، بقوله: «هذا ليس شكلا جديدا للدبلوماسية. كانت هناك مشكلة تحتاج حلا. توصلنا لحل. انتهى الأمر. لم نعمل وحدنا ولكننا توصلنا لحل وهذا هو المهم». وتابع أن إحدى الممرضات المفرج عنهن قالت له: «أنا اسعد امرأة في العالم»، مضيفاً: «لم تسألني ما هو منصب زوجتك.. كيف تسير الأمور مع برنار كوشنير.. هل اطلعت فرانسوا فيون»، في إشارة لوزير الخارجية ورئيس الوزراء. وفي هذا الشأن، قال رئيس مؤسسة الدراسات الاستراتيجية في باريس فرانسوا هيسبورغ إن منتقدي ساركوزي تجاهلوا القضية المهمة، معتبراً أنه «أسلوب جديد.. يعتمد على المكانة الرفيعة، ربما يحقق مكاسب ضخمة واحتمال الخسارة كبير أيضا، إنه يحتاج إلى طاقة هائلة وبراعة شديدة في الحكم على طبيعة الوضع».