افتتاح مسجدين بمركزي مغاغة وأبوقرقاص في المنيا    انطلاق قافلة دعوية كبرى للواعظات بأوقاف الفيوم.. صور    سعر الخضروات اليوم الجمعة 22-8-2025 فى الإسكندرية    «التخطيط» تصدر تقريرًا بمناسبة مرور 70 عامًا على العلاقات المشتركة مع «جايكا»    محافظ الإسماعيلية يستجيب لبائعة خبز أثناء افتتاح سوق اليوم الواحد بأبو صوير    دون سابق إنذار.. بند مهم في قانون الإيجار القديم 2025 يُنهي عقدك ويُخسرك منزلك فجأة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المغربى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين    الأمم المتحدة: إنهاء المجاعة سباق مع الزمن ويجب وقفها بأى ثمن    ضمن تحقيق "أمن قومى".. "FBI" يداهم منزل جون بولتون مستشار ترامب السابق    الحكومة الألمانية: من غير المرجح الاعتراف بالدولة الفلسطينية حاليا    لافروف: بوتين مستعد للقاء زيلينسكي بهذا الشرط    ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام لايبزج في افتتاح الدوري الألماني.. والقنوات المجانية الناقلة    محافظة الدقهلية تحرير 13 مخالفة فى حملة على المخابز بالمنصورة وشربين    ارتفاع درجات الحرارة ونسب الرطوبة بكفر الشيخ اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أول رد رسمى من محافظة الجيزة بشأن "الثقب الأسود" فى الهرم    ضبط 400 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال يوم    7 ملايين جنيه حصيلة قضايا الاتجار غير المشروع في العملات    وزير الثقافة يشهد عروض قطاعات الوزارة ضمن فعاليات «ليالينا في العلمين»    علاء زينهم: لسنا أسيادًا على أحد..والفنان مهمته إسعاد جمهوره    بعد 25 عامًا من الصمت.. رحلة استعادة الكنوز الأثرية من أعماق البحر    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية تحصل على الاعتماد المؤسسي من المجلس العربي    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية KCCR بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    زيادة طفيفة لمؤشر البورصة هذا الأسبوع    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب ممر دريك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية    انقلاب سيارة ربع نقل على طريق أسيوط الصحراوي يصيب 6 أشخاص بالفيوم    القبض على عاطل يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    أميرة أديب تنضم إلى وارنر ميوزيك وتقدم أغنيتها الجديدة "تصبيرة"    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    وكيل صحة القليوبية يتابع مع مديري المستشفيات توافر الأدوية    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رياض نعسان أغا: الإمارات وتجربة الحكم الرشيد
نشر في أخبار مصر يوم 29 - 11 - 2013

يبدو الاحتفال بالعيد الوطني في دولة الإمارات مناسبة لتأمل تجربة في الحكم بدأت مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وتكاد تكون فريدة في إنجازها اليوم، فقد واكب قيام هذه الدولة ظهور أشكال متعددة من تجارب الحكم في الوطن العربي (بدأ القذافي حكم ليبيا عام 1969، وبدأ السادات حكم مصر عام 1970، وبدأ حافظ الأسد حكم سوريا عام 1970، وفي نهاية عقد السبعينيات تولى الحكم في اليمن علي عبدالله صالح 1978 وتولاه في العراق صدام حسين 1979) وإذا كانت الأمور بخواتيمها فإن النهايات التراجيدية لمن ابتعدوا عن الحكم الرشيد تكفي دليلاً على ضخامة الفواجع التي ابتليت بها الدول العربية التي خضعت لحكم الاستبداد.
وفي المرحلة التي بدأ فيها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد دعوته إلى الاتحاد، كانت مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن تؤسس حكمها على شعارات الوحدة العربية التي أخفقت تجربتها الأولى بين مصر وسوريا عام 1961، وأخفق بعدها الاتحاد العربي الذي سمي الهاشمي وكان قد أعلن عنه عام 1958 بين العراق والأردن، وتم تشكيل حكومة صورية له ترأسها نوري السعيد، وبقيت الوحدة شعاراً تتجاذبه المحاولات الفاشلة. ففي عام 1971 أعلن الرؤساء الثلاثة حافظ الأسد وأنور السادات ومعمر القذافي عن اتفاقية لقيام دولة اتحاد الجمهوريات العربية، وتم تشكيل مجلس وزراء اتحادي (صوري أيضاً) ترأسه أحمد الخطيب، وقد اكتفى الرؤساء بالإعلان. وعادت أفكار الاتحاد تراود المخيلة العربية أيضاً فأعلن عن اتفاق على اتحاد المغرب العربي عام 1989 وضم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وتم التوقيع في مراكش على ما سمي معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي، وتم نسيان الأمر كذلك.
ونحمد الله أن مشروعاً وحدوياً قد نجح واستمر بين وفرة من المشاريع الوحدوية، والفضل لصدق النوايا والإخلاص للشعب ولسياسة الحكم الرشيد التي انتهجها قادة الإمارات حين جعلوا بناء الدولة هدفاً حقيقياً وظفوا له كل الطاقات والإمكانات.
وسيذكر التاريخ مستقبلاً أن فلسفات الحكم التي أطلقها كثير من الحكام العرب في مختلف أقطارهم ونسبوها إلى التقدمية والاشتراكية والعلمانية والديمقراطية الشعبية لم تكن تحقق شيئاً من مضامينها، وبعض هذه الدول نفطية ثرية مثل ليبيا والعراق، ومع كثير مما حققته من تنمية فاتها تحصين العمود الأول من أركان الحكم وهو العدل، وغياب العدل هو سر الانهيارات التي حدثت في مطلع الألفية الثانية من القرن الراهن.
وقد تبدو كلمة (العدل) فضفاضة وقابلة لكثير من التفسيرات القانونية والفلسفية، ولكنها في كل تفسيراتها تشكل الضمانة الأساسية لنجاح الحكم في تحقيق نهضة اجتماعية وعمرانية وفي نشر الشعور بالأمن والاستقرار في نفوس المواطنين، ولعل من الطريف أن يسهم البنك الدولي في تعريف معاني الحكم الرشيد فيراها في سيادة القانون، وتحسين الكفاءة والتصدي للفساد.
ولم تكن دولة الإمارات في نشأتها الأولى مشغولة بفلسفة الحكم، فكثير مما يقوله فلاسفة السياسة عن أشكال الحكم وأساليبه يستمد جذور تعاليمه من مفهوم الرشد الذي أطلقه العرب المسلمون، وقد أصبحت كلمة (الرشيد) مصطلحاً عالمياً في العلوم السياسية.
لقد كان شعار المشاركة الشعبية في الحكم ميدان لعب وعبث عند كثير من الدول التي أسست مجالس للشعب، ولكنها لم تمنحها سلطات حقيقية، وبقيت مجرد سواتر صورية لما سمي الديمقراطية الشعبية، وكانت تمنع ظهور تكوينات المجتمع المدني، وتحرص على أن تقوم هي بتشكيل ما يناسبها ويمكنها من السيطرة، بينما نجد التجربة مختلفة في الدول التي لم يشغلها هذا الهاجس الديمقراطي، ولكنها سمحت للمجتمع أن يؤدي دوره في التنمية بكامل حريته، وأتاحت له أن يؤسس قواعد مهمة الاقتصاد الوطني، ولم تضع له العوائق القانونية من قبيل ما أرهق المجتمعات التي خضعت لحكم الاستبداد، والتي حرصت على رأسمالية الدولة، وحولت القطاع العام إلى مال عام سائب، سرعان ما تسلل إليه الفساد في أسوأ صوره وتشكيلاته.
وفي غياب الشفافية التي هي المعيار الثاني للحكم الرشيد يجد الفساد بيئة للتوسع، فلا أحد يجرؤ أن يسأل أو يحاسب أو يناقش.
لقد بنت دول الاستبداد دولاً أمنية بدل أن تبني دولاً مدنية، وسنت قوانين تمنع القضاء من محاسبة رجال الأمن فهم أعلى سلطة من الحكومات، حتى باتت لهم السلطة المطلقة (وهي المفسدة المطلقة)، وهذا ما جعل الثورات العربية تنادي بالحرية والكرامة غير مهتمة بالفقر أو التخلف الاجتماعي أو التردي في الخدمات أو انتشار الفساد في المؤسسات العامة، ذاك أن الظلم الاجتماعي كان أقسى على الشعوب من معاناتها الاقتصادية التي اعتادت الصبر عليها. وقد كان عادياً في دول الاستبداد أن ينتظر الشباب سنوات كي يحصلوا على سكن يمكنهم من الزواج ومن بناء أسرة، ولم يكن مثل هذا الوضع عصياً على العلاج، لكن حكم الاستبداد لم يكن يريد حل هذه المشكلات، وقد تآلف الشباب العرب مع أوضاعهم المزرية، وباتوا يبحثون عن حلول فردية كان من أخطرها الهجرة، وقد استوعبت دول الخليج العربي النامية كثيراً من شباب تلك الدول المستبدة فوجدوا فيها فرص العمل. وكانت الهجرة إلى أوروبا وإلى الغرب عامة حلماً عبرت عنه طوابير المصطفين على أبواب السفارات في كثير من الدول العربية.
لقد كان من أسباب التردي الاقتصادي في كثير من الدول العربية الغنية بمواردها والفقيرة في استثمارها لطاقاتها غياب المجتمع المدني، ومؤسساته القادرة على تحقيق المشاركة، وليس بوسع المجتمع المدني أن يحقق حضوره في بيئة تعتمد الضغط وسيلة للحكم، وتمنع كلمة الحق من أن تقال، ويكون همها تمجيد الزعيم وجعله بديلاً عن الوطن كله. لقد كان مفجعاً أن تتحول مدن عربية عريقة إلى عواصم خوف ورعب من السلطة الأمنية المطلقة الصلاحيات، والتي كان همها التسلط والإثراء غير المشروع، ولم تكن شعاراتها الوطنية والقومية أكثر من ذرائع لاستبدادها.
إنني أستعرض هذه الهموم التي أوصلت جل العرب إلى ما هم فيه الآن من ضياع بسبب غياب الحكم الرشيد، وكلي أمل بأن يفيد الحكام القادمون من تجارب الحكم الرشيد التي أتقن تقديمها قادة الإمارات الذين أخلصوا لشعبهم فبنوا دولة حققت بفضل الله نقلة حضارية نوعية، وصارت محط إعجاب العالم كله، ولهم منا التهنئة بهذا الإنجاز العظيم وقد بتنا نرى عيد الإمارات الوطني عيداً لكل العرب.
نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.