صعدت واشنطن هجومها علي طهران مرة اخري هذا الاسبوع وبعد تمهيد استمر عدة ايام اتهمت فيها الادارة الامريكيةايران بانها تدعم عمليات قتل الجنود الامريكيين بامداد الجماعات العراقية الرافضة للوجود الامريكي بنوعية جديدة من المتفجرات القادرة علي تفتيت مدرعات ودبابات الجيش الامريكي. وقال الرئيس بوش في خطابه امام جمعية المحاربين القدامي: لقد اعطيت تعليمات للقيادات العسكرية الامريكية في العراق بمواجهة العمليات الايرانية القاتلة. وهذا يعني ان واشنطن تعتبر نفسها في حالة حرب مع ايران.. وقد يكون هذا الاعلان الصريح تمهيدا لجعل الهجوم علي ايران مفاجأة شهر اكتوبر.. وعلي الرغم من ان عددا من المراقبين يستبعدون لجوء واشنطن الي مغامرة غير محسوبة النتائج في وقت لا تستطيع فيه انتشال قواتها من المستنقع العراقي.. فان هناك ضرورة لان نضع في الاعتبار الضغوط التي تمارس علي الرئيس الامريكي للجوء الي الخيار العسكري في تعامله مع ايران بدعوي ان هذا التحرك سيدعم مصداقية الادارة الامريكية وسمعة القوي العظمي التي دمرتها الحرب العراقية. ومن المعروف ان نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني قد صرح اكثر من مرة بان الرئيس بوش لا يمكنه مغادرة البيت الابيض دون التعامل مع قضية امتلاك ايران لسلاح نووي.. وهذا التعامل كما تريده اسرائيل واعوانها في واشنطن هو الحرب.. ويأتي في مقدمة الداعين لهذه الحرب السناتور ليبرمان الذي انسحب منذ عدة اشهر من الحزب الديمقراطي والذي يلح في مطالبة واشنطن بقصف معسكرات تدريب الوية القدس الموجودة في ايران. واذا كانت اسرائيل تخشي ان تفقد استحواذها علي السلاح النووي بامتلاك ايران لهذا السلاح فان دعاة الحرب الامريكيين يردون ان امتلاك ايران لسلاح نووي يعني الحد من حرية التحرك الامريكي في منطقة الخليج الي جانب اقناع الدول العربية بان النفوذ الامريكي قد اصبح شيئا في الماضي وان عليهم احتواء ايران او الدخول في سباق لامتلاك السلاح النووي.واذا كان الفشل الامريكي الواضح في العراق قد عطي طهران مساحة اوسع لمساومة واشنطن حول الاوضاع المتردية في ارض الرافدين فانه اتاح لها فرصة التدخل غير المباشرعبر حزب الله في لبنان والقيام بدور حتي داخل الاراضي الفلسطينية بتوكيل من حماس.وفي محاولة من جانب ايران لمواجهة التهديد الامريكي تعمد الرئيس الايراني احمدي نجاد عقد مؤتمر صحفي قبل ساعات من قيام الرئيس الامريكي برفع العصا في وجه ايران اثناء خطابه في بداية هذا الاسبوع وذلك بعد ان اشارت التقارير الي ان بوش سيستغل هذا الخطاب لتهديد ايران وتحذيرها. وقد سعي الرئيس الايراني في مؤتمره الصحفي الي دعوة واشنطن للحوار والصداقة والتفاهم مع طهران واعلن استعداده بالاشتراك مع السعودية والعراق لسد اي فراغ ينجم عن خفض القوات الامريكية في العراق او لحل اي ازمة في المنطقة. وليس هناك اي شك في ان هذه الدعوة هي مساومة علنية لعقد صفقة امريكية ايرانية تضمن دور ايران في اي نظام امني اقليمي. ومن المؤكد ان ما يجري حاليا بين طهرانوواشنطن اشبه بالرقص علي حافة الهاوية فوسط ارتفاع اصوات التهديد والنذير نجد مساعي من الطرفين للحوار.. فواشنطن تريد حوارا حول الملف العراقي دون غيره اما طهران فتسعي الي ابرام صفقة بعد ان دعمت وضعها الاستراتيجي نتيجة التورط الامريكي في العراق وعلي ضوء رغبة الاتحاد الروسي والصين لاستخدامها لعرقلة المد الامريكي في منطقة الخليج واسيا الوسطي.. واكبر دليل علي ذلك دعوة احمدي نجاد الرئيس الايراني لحضور اجتماع منظمة شنغهاي علي الرغم من ان بلاده ليست عضو بهذه المنظمة المهمة التي تراقب واشنطن تحركاتها عن كثب... وكذلك دعوة الرئيس بوتين للرئيس الايراني لحضور المناورات العسكرية التي جرت بهذه المناسبة في الوقت الذي رفض فيه الاتحاد الروسي الطلب الامريكي للحضور كمراقب لهذه المناورات.