أعتقد أنه علينا أن نلتفت إلى ما يجري في الضفة الغربية والقدس عامة وبخاصة إلى ما يجري في المسجد الأقصى، لقد وردت الأخبار عن مقتل جندي وضابط من جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال 48 ساعة. في البداية اعتبرت وكالات الأنباء الحدثين مسألة فردية من جانب بعض الشبان الفلسطينيين وسايرتها السلطات الإسرائيلية لتخفيف الأثر باستبعاد تزايد ظاهرة قتل جنودها وكونها عملاً مخططاً، غير أن البيان الذي صدر عن "كتائب شهداء الأقصى"، التابعة لحركة "فتح" و"كتائب أحرار الجليل - فرسان الأقصى"، أوضح أن هناك خطة ما وراء الحدثين، حيث اعترفت الحركتان بالمسؤولية عن قتل الضابط الإسرائيلي المسؤول عن الحرم الإبراهيمي في الخليل. لقد أعطى هذا البيان نوعاً من المصداقية لتقرير نشره موقع ديبكا الإخباري المقرب من المخابرات الإسرائيلية حيث ذكر أن أبو مازن قد أعطى الضوء الأخضر لحركة "فتح" للقيام بعمليات محدودة لاختطاف وقتل جنود وضباط الاحتلال الإسرائيلي في الضفة، دون التعرض للمدنيين الإسرائيليين. ويفسر التقرير هذه الإفادة بأنها ناتجة عن إحساس أبومازن بأن المفاوضات الجارية حالياً في إطار من السرية بوساطة وزير الخارجية الأمريكي لم تحقق أي تقدم حتى الآن، في حين يوحي إطار السرية أن هناك أموراً عكس ذلك. لو صح تفسير ديبكا فإننا سنكون أمام عودة الاستراتيجية التي عملت على أساسها جميع حركات التحرر الوطنية الناجحة، وهي التي تمزج بين القتال لخلق وقائع ميدانية ضاغطة على قوات الاحتلال وبين المعارضة. المهم هنا هو أن نراقب في الفترة المقبلة مدى تصاعد هذه العمليات من ناحية وأن نتابع ردود الأفعال الإسرائيلية تجاهها من ناحية أخرى. من المتوقع أن تقوم الحكومة اليمينية في إسرائيل بردود فعل متطرفة، وهو ما بدأت مقدماته تظهر في القرار الذي اتخذه نتنياهو بعودة المستوطنين اليهود إلى مبنى ماكفيلا، وهو منزل يقع قرب الحرم الإبراهيمي في الخليل، كان المستوطنون قد طردوا منه العام الماضي. لقد أوقف نتنياهو هذا القرار ببيان قال فيه إن حكومته ستواصل التصدي للإرهاب بكل قوة وستعمل في نفس الوقت على دعم الاستيطان اليهودي في كل مناطق الضفة. إن الأمور تنبئ بتصعيد إسرائيلي على المستوى العسكري لكسر الإرادة الفلسطينية وحرمانها من الجمع بين المقاومة والمفاوضة وإرغام أبومازن على العودة إلى مربع الرضا بما تقدمه إسرائيل والامتناع عن محاولة تغيير موازين القوة التفاوضية. وبالتوازي مع هذا التطور يلاحظ أن نشاط الجماعات الإرهابية الإسرائيلية التي تخطط لهدم المسجد الأقصى والاستيلاء على موقعه تصعد من أنشطتها خلال الفترة الأخيرة. ولعل آخر الوقائع هي قيام حوالي 200 من المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى من باب المغاربة تحت حراسة الشرطة الإسرائيلية، حيث أمضوا عدة ساعات في الصلوات اليهودية بمناسبة عيد المظلات. إن هذا النشاط الإرهابي اليهودي المدعوم من الحكومة ضد الأقصى يستوجب دق نواقيس الخطر من جديد لتحريك جامعة الدول العربية نحو القيام بواجباتها في الأممالمتحدة وعبر القنوات الدبلوماسية لوضع حد لهذه الانتهاكات. المهم ألا ندع الأحداث الأخرى تصرفنا عن متابعة ما يجري في الضفة وحول الأقصى. نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية