يقول أحد قادة أركان الجيش اللبناني إنه لو كان الجيش يملك طائرات حربية لحسم معركة نهر البارد منذ الشهر الأول. لكن قيادة الجيش لم تنتظر أن يستجيب المجتمع الدولي طلب تعزيز قواتها الجوية وانما لجأت الى قدراتها الذاتية لتطور سلاحا لم يسبقها اليه أحد من جيوش العالم عبر التاريخ وهو هليكوبتر قاذفة للقنابل. فقد قامت مجموعة من تقنيي سلاح الجو وبالتعاون مع سلاح الهندسة باستخدام ما تملكه من ذخائر وعتاد كانت تعتبر خارج الخدمة لقدمها وتحويلها أدوات هجومية أسهمت بشكل كبير في زيادة حجم النيران وبتسريع ايقاع الهجوم على مقاتلي «فتح الاسلام» من أجل حسم المعركة. وبحسب مصادر عسكرية مطلعة لن يتوقف الأمر عند هذا الحد اذ تعتزم قيادة الجيش انتاج قنابلها وإعادة احياء طائراتها الحربية القديمة متكلة على براعة تقنييها. واوضح مسؤول عسكري لبناني ان تقنيي سلاح الجو اللبناني قاموا بإخراج قنابل زنة 250 كلغ و400 كلغ، كان لبنان حصل عليها قبل أكثر من ثلاثين عاما، ليستخدمها على طائراته الحربية طرازي ميراج -3 وهوكر هانتر. وعمد هؤلاء التقنيون الى صيانة هذه القنابل وتزويدها صواعق جديدة. ومن ثم قاموا باجراء تعديلات على بعض طائرات الهليكوبتر طراز «يو اتش - 1 اتش» تمثلت بزيادة ارتفاع الزحافات التي تستخدمها هذه الطائرات للهبوط، وذلك من أجل توفير مجال كاف لوضع القنابل تحت بطن الطائرة. وقام التقنيون ايضا بتركيب أنظمة القاء قنابل جرى تفكيكها من تحت أجنحة طائرات «ميراج في اسفل بطن طائرات الهليكوبتر وايصالها بزر إلقاء القنابل الذي يكون في متناول الطيار ومساعده. ولجأ ملاحو الهليكوبتر القاذفة الى نظام تحديد المواقع بواسطة الأقمار الاصطناعية (GPS) لتساعدهم في تصويب قنابلهم. وذلك عبر تحديد احداثيات نقطة انطلاق الطائرة من قاعدتها ومكان الهدف وارتفاع الطائرة وسرعة الريح وبعد نجاح التجارب أدخلت طائرات الهليكوبتر القاذفة للقنابل ميدان المعركة حيث بلغت دقة اصابتها درجة كبيرة لا تتجاوز دائرة قطرها عشرة أمتار فقط عن الهدف، ومحققة أحيانا اصابات مباشرة. ويعتبر الخبراء هذه القنابل الملقاة من الجو أكثر فتكا وتدميرا من تلك التي كانت تطلقها مدفعية الدبابات والميدان، خصوصا اذا ما كان هدف القصف تدمير مبان كما كان الحال في مخيم نهر البارد ففي حين كانت مدافع الدبابات والميدان بحاجة الى أيام من القصف المتواصل لتدمير مبنى واحد تمكنت الهليكوبتر القاذفة للقنابل من تدمير أكثر من مبنى في بضع غارات في يوم واحد. ويقول مسؤول عسكري لبناني إن سلاح الهندسة في الجيش يقوم بتصنيع المزيد من القنابل لتأمين احتياط منها تحسبا لمواجهات محتملة في المستقبل، خاصة عند التعامل ضد خصم لا يمتلك دفاعات أرضية مضادة للطائرات وتوافر أحوال جوية ملائمة. كما أن قيادة سلاح الجو اللبناني تعمل جاهدة اليوم للحصول على قطع غيار لطائرات من طراز «هوكر هانتر» من الأسواق الدولية من أجل صيانة ما تملكه من هذه الطائرات واعادة تأهيلها لمساندة الجيش في أي تحديات قد يواجهها في المستقبل.