أطلقت سلطات الإحتلال الإسرائيلي مؤخراً مصطلح "القدس الشمالية" بديلاً للقدس الشرقية لتكون عاصمة دولة فلسطين في الذكرى 46 لاحتلال الشطر الشرقي من المدينة، وضمه للغرب وإعلانها عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل. "نير بركات" رئيس بلدية الاحتلال في المدينة، قال:"لن نتنازل عن شبر واحد من أراضي تلك المدينة لمصلحة الفلسطينيين. ندعو إلى إطلاق اسم القدس الشمالية على الأحياء الواقعة خارج جدار الفصل المحيط بالقدس من الجهة الشمالية، إضافة لمدينة رام الله وإعلانها عاصمة لدولة فلسطين"! وأضاف: "لن نسمح بالتفريط بأي شبر من المدينة المقدسة"، وإنها "يجب أن تبقى موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل. وإذا أراد الفلسطينيون عاصمة، فليتخذوا من رام الله عاصمة لدولتهم وليغيروا اسمها إلى القدس الشمالية"! "إذا كان الفلسطينيون يريدون القدس عاصمة، فيمكنهم أن يسمّوا رام اللهالقدس أو القدس الشمالية"! واستخدم "بركات" مصطلحاً جديداً في مواجهة العالم الذي يطالبون بوقف الاستيطان قائلاً: إنه لأمر غير مقبول هذا "الضغط غير الشرعي" على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات في القدسالشرقية. وكأن الاستيطان شرعي، أما المطالبة بوقفه فهي غير شرعية. الاحتلال شرعي، والإرهاب شرعي، والاغتصاب شرعي، والطرد والتهجير والتعذيب والقهر والظلم والقمع كل ذلك شرعي. أما المطالبة بوقفه فهي غير شرعية. هذه الممارسات شرعية في دولة إرهاب مثل إسرائيل. وفي عقول ونفوس وذهنية وممارسات الإرهابيين الإسرائيليين منذ النكبة وحتى الآن. أمام القوانين والأعراف الدولية والهيئات والمنظمات والمحاكم الدولية وجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان، فهي غير شرعية، كل تحركاتها غير شرعية وأحكامها وأعرافها وقراراتها بالتالي ليست شرعية... هذا هو المفهوم الإسرائيلي! وإذا كان طرح تبادل الأراضي ليس جديداً لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أيهود أولمرت، كان قد عرضه على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في سبتمبر 2008، وطلب منه التوقيع عليه بالأحرف الأولى ورفض عباس هذا الطلب، فإن تبديل الأسماء على طريقة "نير بركات" طرح جديد. وثمة تلازم بين الأمرين، لأن المنطقين يتلاقيان. هما يقولان للفلسطينيين: الأراضي التي نختارها لنا. لا حق لكم فيها. ولا رأي لكم فيما نريد، والقرارات التي نتخذها حقنا لضمان أمننا واستقرارنا، ولا حق لكم في الرفض. وإذا كانت أراض معينة تعني لكم شيئاً، وترمز بالنسبة إليكم إلى مقدسات أو رغبات أو معنويات أو ذكريات أو حقائق أو وقائع، فيمكن لكم أن تتنازلوا عنها من أجل "السلام والاستقرار"، ونعطيكم بديلاً عنها كأن كل الأرض لليهود وملك لهم وهم يتنازلون من أجل هذا السلام – وسمّوها ساعتئذٍ باسماء المدن أو البلدات الأساسية التي تحنّون إليها! هكذا بكل بساطة تصبح قضية الأرض قضية تسمية فقط، أما الأساس فلا حق لكم به! هاتوا الأساس ولكم حق استخدام اسمه أو جزء من اسمه في مكان آخر لا أساس له في التسوية... هذا إذا توصلنا إلى تسوية. هذا هو العقل الإسرائيلي الذي يتعامل مع الفلسطينيين اليوم، ثمة تجدد دائم في ابتكار الأفكار والقرارات المدمّرة للقضية الفلسطينية، والتي تسقط الحق الفلسطيني، وتريد قتل الذاكرة الفلسطينية، ويستفيد أصحابه من الوضع العربي السيىء والتدهور الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، والازدياد السكاني الذي تعيشه دولنا وخطر الفتنة المذهبية الذي يسيطر على كل الساحات. نحن نصفّي بعضنا. نحن نحرّك الغرائز ونعزّز في النفوس والذاكرة كل أشكال الحقد ضد بعضنا بعضاً مع مفعول رجعي عمره 1400 سنة ونستحضر كل ما يفرق ويثير العصبيات، ويعمّق الانقسام، ويدمّر بلادنا وثرواتها، ويعمّم الفقر والجهل والأمية والعالم يسبقنا إلى المريخ وكل كواكب الدنيا وإسرائيل تهزأ بنا، تزدري بنا، تهيننا وتستكمل بناء مشروعها التوسعّي وتقول لنا وللعالم. لماذا تضغطون علينا؟ ضغطكم غير شرعي. نحن لم نمارس في وجه العرب ما مارسوه بحق بعضهم. نحن لم نمارس سياسة التطهير العرقي والعنصري ضد العرب كما تزعمون، في وقت تعترفون بأن العرب والمسلمين يمارسون هذه السياسة ضد بعضهم البعض في كل مكان اليوم! وإسرائيل تقول للعرب والمسلمين: "هل صحيح أنكم حريصون على التاريخ والذاكرة والتراث والآثار والقيم؟ بالله عليكم لماذا تنبشون القبور... قبور صحابة النبي وقبور الأنقياء والصالحين والمؤمنين؟ ولماذا تدمرون المساجد التاريخية والكنائس التاريخية، وكل دور العبادة ولا تقيمون احتراماً، واعتباراً للدين الحقيقي والأخلاق الدينية والممارسة الدينية الصحيحة؟". وإسرائيل تقول للعرب والمسلمين: "إذا كنتم غير قادرين وغير جديرين على بناء ثقة وسلام وأمن واستقرار وعلاقات احترام بين بعضكم بعضاً، فكيف ستبنون ثقة وسلاماً معنا؟ وإذا كنتم لا تطمئنون إلى بعضكم البعض فكيف سنطمئن إليكم؟". نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية