إذا ما جعلنا الأمن القومي هو همنا الأساسي وشغلنا الشاغل، فمن الضروري والمهم أن نضع في اعتبارنا، أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر بالايجاب أو السلب في حفظ وصيانة هذا الأمن القومي، وضمان حمايته وتحقيق مقوماته وأركانه. وفي مقدمة هذه العوامل بالتأكيد تأتي قضية مياه النيل، باعتبارها قضية حياة ومصير بالنسبة لمصر كلها، وأي مساس بها يعد في حقيقته ومضمونه مساسا بالأمن القومي للوطن، وتهديدا مباشراً لحياة ابنائه، لا يمكن القبول به علي الإطلاق، ولا يغتفر التهاون تجاهه بأي صورة من الصور. وفي هذا السياق، لا مبالغة في القول بأن هناك ضررا مؤكدا سيلحق بمصر نتيجة اقامة السد الاثيوبي، الذي بدأت الخطوات التنفيذية لإقامته بالفعل علي مجري النيل الازرق، رغم الاعتراضات المصرية السابقة واللاحقة التي تعلمها اثيوبيا جيدا، والتي تصاعدت خلال العامين الاخيرين بشكل حاد. ومن المهم في هذا الشأن، أن يكون هناك وضوح كامل في الموقف المصري تجاه هذه القضية علي كل المستويات الاقليمية والدولية، وأن يكون هذا الموقف معتمدا في أساسه علي عدة قواعد رئيسية معلنة وواضحة لكل الدول، سواء الدول الشقيقة في حوض النيل، أو الدول الافريقية الأخري التي تشاركنا الوجود بالقارة الافريقية، وكذلك بقية دول العالم شرقه وغربه، وأيضا كل المؤسسات والمنظمات الدولية. وفي مقدمة هذه القواعد لابد ان يعلم الجميع أن مصر لا يمكن أن تقبل علي الاطلاق، بالمساس بحصتها من المياه وانها لا يمكن أن تفرط في قطرة مياه واحدة من حصتها التاريخية الواردة إليها عبر نهر النيل. ويلي ذلك مباشرة التأكيد علي أن مصر تضع في اعتبارها أهمية وضرورة التعامل مع هذه القضية في اطار الحق القانوني والتاريخي لمصر في حصتها من المياه، ومراعاة العلاقات الأخوية والمصالح المشتركة والمتبادلة مع دول حوض النيل بصفة عامة، ومع أثيوبيا بصفة خاصة. نقلا عن صحيفة الأخبار