أكد المشاركون في مؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، الذي ينظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، أهمية التعايش لتحقيق السلام والتعاون بين المجتمعات. وقال وزير خارجية السودان الأسبق مصطفى عثمان إسماعيل -في كلمته التي ألقاها بالجلسة النقاشية الخامسة في اليوم الثاني للمؤتمر تحت عنوان "العمل معا لدرء التدخلات الخارجية"- إن هذا المؤتمر المهم يأتي في مرحلة تاريخية يمر بها العالم، ويكتسب أهميته من حيث العنوان والزمان والمكان، فمن حيث الزمان وما يشهده العالم اليوم من دمار واقتتال واحتراب نتيجة لفشل التعايش في داخل الوطن الواحد وفي الإقليم وعلى المستوى الدولي يؤكد أهميته، ومن حيث المكان فاستضافة الأزهر له يعزز من أهميته ويثمن توصياته. وشدد إسماعيل على دور الإعلام المسؤول في الحفاظ على تماسك المجتمعات وقوتها وليس تفكيكها أو انهيارها والتركيز على القيم الإيجابية التي تحث على العمل والتقدم ونبذ الغلو وتشجع على الحوار والتعايش بين كل الأطراف. بدوره، أكد المدير المشارك لمركز الشيخ نهيان للدراسات العربية وحوار الحضارات بجامعة البلمند بلبنان الدكتور إلياس حلبي أهمية المبادرة التي يطلقها الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين للبحث كأخوة في كل القضايا التي نواجهها معا، والهواجس التي تؤرقنا فرادى وجماعات، مشيرا إلى أن المسيحيين المشرقيين منتشرون اليوم في كل بقاع الأرض، وكذلك المسلمون من أصول عربية وغير عربية باتوا يشكلون حضورا وازنا في دول العالم. واعتبر حلبي أن مثل هذه المبادرة تعد فرصة ذهبية لإعادة تكوين مفاهيم أساسية كمفاهيم الهوية والحرية على أسس تكاملية وتشاركية، تراعي التنوع لننهل منها للتعريف برسالتنا الإنسانية الحضارية إلى عالم اليوم. فيما قال أمين عام اللجنة الوطنية المسيحية للحوار بلبنان الأمير حارس شهاب إن مبادرات الأزهر الشريف للحوار تعزز مسيرة الحوار الهادفة إلى تحقيق السلام والتعاون بين المجتمعات، وتتلاقى مع وثائق ومبادرات أخرى تؤكد أن الحوار بين الأديان وبين المؤمنين بهذه الأديان ليس حوارا نظريا مرتبطا بالعقيدة فقط، بل هو حوار حي ومتحرك قادر على مواكبة حركة مجتمعاتنا من أجل إنسانية أفضل. واستعرض شهاب التجربة اللبنانية في العيش المشترك، معتبرا أنها تجربة تعتمد لغة الحوار والحرية والديمقراطية، وتعمق دور لجنة الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان كمشروع بديل عن التطرف حتى تكون العلاقة بين الأديان في لبنان صمام أمان في وجه المتربصين بالإسلام. وطالب شهاب بوقفات جريئة وموnحدة من المرجعيات والقيادات الروحية الإسلامية في العالم بدءا من عالمنا العربي، تحدد فيها نظرة الإسلام للمسيحية وعلاقته بها، مشيدا بالوثائق التي صدرت عن الأزهر الشريف، وخصوصا وثيقة الحريات التي وصفها بأنها تشكل منعطفا مهما سوف يكون له أثر على التطور الإيجابي للفكر الإسلامي باتجاه الحداثة وتعميق المواطنة، واصفا مؤتمر الأزهر بأنه مبادرة رائدة لإعادة التأكيد على أننا في هذا الشرق إما نكون معا أو لا نكون، وأن لغة الإسلام الوسطي هي التي عليها أن تسود.