اعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في تقرير أصدره أمس، ان موافقة إيران على الرد على قضايا أساسية تتعلق ببرنامجها النووي «خطوة كبيرة الى أمام»، لكنه شدد على ضرورة ان تبادر إلى خطوات إضافية لتؤكد أنها لا تسعى الى امتلاك سلاح نووي. وأكد ان برنامج التخصيب الإيراني يعمل بمستوى أقل بكثير من قدراته، وأنه بعيد جدا عن انتاج الوقود النووي بكميات كبيرة. وفي التقرير الذي سيرفعه الى مجلس الأمن لاعادة تقويم التزام طهران قرار المجلس وقف التخصيب لتفادي تشديد العقوبات عليها، لفت البرادعي إلى أنه «عندما يلقى الضوء على النقاط الغامضة في البرنامج النووي لايران، عليها المضي قدماً لاعادة الثقة وكشف مدى برامجها وطبيعتها حالياً وفي المستقبل». وزاد أن إيران خففت وتيرة نشاطها النووي. وغطى التقرير الذي حصلت «الحياة» على نسخة عنه التطورات التي طرأت على برنامج إيران النووي منذ أيار (مايو) الماضي، ومدى التزامها تنفيذ اتفاق الضمانات الخاص الذي وقع بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، أي فترة ما بعد إصدار البرادعي تقريره السابق. وفي مؤشر الى منعطف لمسار الأزمة مع ايران، اعتبر البرادعي في تقريره أمس أن تنفيذ خطة العمل (المتفق عليها مع طهران) بحذافيرها، «يمكّن الوكالة من إعادة تكوين السجل التاريخي لبرنامج إيران النووي». وتمثل هذه النقطة، من وجهة نظر ديبلوماسي «مؤشراً إلى قرب نهاية الجدل» في الملف الإيراني، على الأقل داخل أروقة مجلس محافظي الوكالة. لكنه استبعد أن يكون لهذا التقرير تأثير كبير على المساعي الأميركية داخل مجلس الأمن لتشديد العقوبات على طهران. ورأى الديبلوماسي ان جوانب اخرى في التقرير، لا سيما النقطة 25 تؤكد أن إيران لم تعلق نشاطاتها المتصلة بتخصيب اليورانيوم، بل واصلت تشغيل المحطة التجريبية للتخصيب، وبناء محطة أخرى، فضلاً عن مواصلتها إنشاء مفاعل «آي آر 40»، وتشغيل محطة إنتاج المياه الثقيلة، ما يعد خرقاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن 1696 و1737 و1747. ويعطي ذلك واشنطن وعواصم أخرى غربية، ذريعة لمواصلة الضغط على طهران. ورأى البرادعي في التقرير أن المعلومات التي قدمتها طهران تنسجم مع البيانات التي جمعها مفتشو الوكالة. وتعتبر مسألة البلوتونيوم، ذي الاستخدام المزدوج، نقطة خلاف سويت وفقاً لما يؤكده نص مذكرة خطة العمل والتعاون المشتركة. ويذكر البرادعي أن إيران استأنفت اختبارات آلات الطرد المركزي وإجراء تجاربها على سلسلتين متعاقبتين، تتألف الأولى من 10 آلات والثانية من 20 آلة، مهمتها تخصيب الوقود وتزويد الآلات ب14 كلغ من سادس فلوريد اليورانيوم، من دون تغذية الأجهزة بمواد نووية. وعلى رغم حسم بعض القضايا العالقة، خلص التقرير إلى أن وكالة الطاقة ما زالت غير قادرة على التحقق من جوانب تتصل بنطاق البرنامج النووي الإيراني وطبيعته، مطالباً طهران باستكمال إجراءات بناء الثقة والتزام الشفافية. كما أرفق التقرير بنص خطة العمل التي تضمنت تفاهمات إيران مع الوكالة، ويفترض أن تنفذ على مراحل إلى نهاية السنة. ورفض مسؤولون في الوكالة التعليق على التقرير، فيما شدد ديبلوماسي إيراني في تصريح إلى «الحياة» على أن التقرير وخطة التفاهم «وثيقتان تعكسان عزم إيران على مواصلة التعاون مع الوكالة والإجابة عن كل استفساراتها». وحذر الديبلوماسي الإيراني، من «محاولات تسييس الملف والتداعيات التي قد تنجم عن ذلك»، مشيراً إلى أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيعقد اجتماعه الدوري في 10 أيلول (سبتمبر) المقبل، وسيحتل الملف الإيراني حيزاً كبيراً من أعماله. من جهته، قال نائب رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي امس «نشكر الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مقاربتها المهنية في هذا الملف ونأمل بأن يتواصل السير في هذا الاتجاه». واضاف ان «هذا التقرير يضع حداً لكل الإتهامات التي لا أساس لها من الصحة حول انشطة فصل البلوتونيوم واعادة معالجته».