نقلاً :روزاليوسف 12/4/2007 أزمة أكياس الدم غير المطابقة، وتلوث فلاتر الغسيل الكلوى والأمبولات البلاستيكية فتحت ملف «بيزنس» المستلزمات الطبية الذى رفضت وزارتا الصناعة والصحة تحمل مسئوليته، فيما تفرغت كل منهما لتبادل الاتهامات مع الأخرى بدءا من عرقلة العمل فى ذلك القطاع الحيوى وحتى التلاعب فى المواصفات القياسية المطلوبة، ليتحمل المواطن وحده ثمن اشتباك الوزارتين من صحته وسلامته الشخصية! يوجه الكثيرون التهم لوزارة الصحة بأنها تعرقل مسيرة العمل فى هذه الصناعة، وترفض إعطاء موافقات تجديد تراخيص المصانع، بل إن المسئولين فى الوزارة يرفضون التوقيع على أية أوراق بعد أن تم تحويل كثير من القيادات للتحقيقات فى قضية أكياس الدم، مما يجعل بعض الصناع يبحثون عن طرق ملتوية لاسيما فيما يتعلق بدخول المناقصات، فطالما أن وزارة الصحة لم تعط موافقات، لا تستطيع الشركات دخول المناقصات، ويفاجأ المنتجون بأنه رغم كثرة هذه المناقصات إلا أنها لم ترسُ إلا على عدد قليل ومحدد خاصة أن الذين قاموا باستثمار الملايين فى مثل هذه المصانع لا يستطيعون البيع فى السوق الداخلية أو الخارجية الآن، وفى المقابل فإن المنتج المستورد يحصل على موافقة مركز السياسات الدوائية ويدخل السوق وهو ما يؤكد وجود خلل! وحاليا يوجد 140 مصنعا مسجلا، 5 آلاف شركة، ومحل تجارى تقوم بتوريد المستلزمات الطبية المحلية والمستوردة باستثمارات تصل إلى 5 مليارات جنيه، فتلك الصناعة المصرية لا يوجد مثيل لها فى الشرق الأوسط، سواء فى إمكانياتها أو التكنولوجيا التى تعمل بها إلا أن الحوادث الأخيرة أصابت سمعتها فى مقتل، بل إن أصحاب المصانع يشكون من أنهم يعملون فى أوضاع سيئة، وبعد أن كانت قيمة التصدير فى هذا القطاع قد تجاوزت مؤخرا 300 مليون دولار سنويا، توقف الآن كثير من صفقات التصدير، وتعطل عديد من المصانع عن العمل! صناعة المستلزمات الطبية بدأت بشكل رسمى عام 1982 عندما قام الرئيس مبارك بافتتاح أول مصنع للسرنجات فى المنطقة الحرة بمدينة نصر، توالى بعدها افتتاح مصانع مماثلة حتى وصل عددها إلى 37 مصنعا عام 2000، ارتفع الآن إلى أكثر من 140 مصنعا، مما ساهم فى تغطية 70% من احتياجاتنا من هذه المنتجات الاستراتيجية، ووفرت فرص عمل لأكثر من 40 ألف عامل، كما لعبت استثماراتها دورا مهما فى ثبات أسعار المستلزمات والأجهزة الطبية المصنعة محليا، بل انخفاضها عن الأسعار المعمول بها منذ 15 عاما على الرغم من ارتفاع أسعار البترول عالميا لأكثر من 6 أضعاف، وارتفاع أسعار العملات لأكثر من ضعفين حسبما يؤكد «إسماعيل عبده» - رئيس شعبة المستلزمات الطبية فى الغرفة التجارية بالقاهرة الذى يضيف أنه لا يخلو أى قطاع صناعى فى العالم من بعض القصور، حيث يحتاج الأمر لوضع ضوابط تضمن سير العمل ونجاح الصناعة، أما ما يحدث فى هذا القطاع المصرى الحيوى فهو أمر غريب حيث إن ظهور أى شكوى من منتج ما يتم تضخيمها بصورة غير عادية! ورغم حاجة صناعة المستلزمات الطبية لتشجيع الجهات المسئولة إلا أن الإدارات المختلفة المنوطة بمراقبة المنتجات الطبية لدى وزارة الصحة تعرقل سير العمل بصورة مستفزة مثل لجنة السياسات الدوائية المسئولة عن إصدار الموافقات الاستيرادية للمستوردين والمصانع، حيث تقوم اللجنة بتغيير شروط الموافقات دون إبلاغ الشعبة وإعطاء المهلة الكافية للمصانع والمستوردين قبل التطبيق، كما أن اللجنة لا تحترم المستندات الرسمية المستخرجة من إدارة الصيدلة بوزارة الصحة بزعم أنها موافقات صورية وهو تدخل غير مسبوق ويعنى عدم الثقة بين أجهزة وزارة واحدة وهى الصحة، كما تقوم لجنة السياسات الدوائية كذلك بإصدار موافقات استيرادية، ثم تعترض على نفس الأصناف، وترفض إعطاءها هذه الموافقات فى مرات أخرى تالية وتضع شروطا وعراقيل جديدة، وكما يشير «إسماعيل عبده» فإن اللجنة تتعامل مع المتقدمين للحصول على الموافقات بطريقة سيئة لدرجة أنها تسب بعض المصانع بعينها، وبعض منتجاتها، بل الدول التى تم تصدير المنتجات إليها وتصفها بأنها «زبالة»! الأمر الذى يثير التجار والمصنعين على السواء. ويحمل رئيس شعبة المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية تلك اللجنة مسئولية تدهور هذا القطاع الصناعى مؤكدا أنها تستخرج موافقات استيرادية لأشخاص غير معروفين ومنتجات لها وكيل وحيد فى مصر وبأوراق يشوبها التزوير، كما أن القائمين على العمل باللجنة يفتقدون الكثير من الوعى بالمستلزمات والأجهزة الطبية، إذ إنها منوطة بالأدوية فقط، والمعروف أن النظام المتبع فى دول العالم كله يجعل المصنع هو المسئول عن المنتج بشكل نهائى بحيث إذا حدثت مشكلة، فإنه يتحمل مسئوليتها، بينما تتولى الجهات الرقابية عملية التفتيش والمراقبة! من جانبه يؤكد «عبدالمحسن طنطاوى» - عضو مجلس إدارة شعبة المستلزمات الطبية فى اتحاد الصناعات - أن هناك بيروقراطية شديدة الآن فى الحصول على تراخيص المنتجات زادت فور بدء تناول مشكلة أكياس الدم ثم الأمبولات البلاستيكية نتيجة الرعب الذى يعيشه موظفو وزارة الصحة، أما عبدالمنعم قمر - عضو مجلس إدارة شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات - فيشير إلى أن دخول الشركات فى هذه الصناعة جاء فى وقت لم تكن هناك فيه تكنولوجيا أو مواصفات مصرية محددة، لذلك بدأت المصانع باستيرادها من الخارج وإرسال المواصفات التى ينتجون بها لهيئة التوحيد القياسى التى قامت بتسجيلها، وعندما أرادت المصانع تسجيل منتجاتها فى وزارة الصحة رفضت لأنها لا تسجل سوى المنتجات المعقمة لعدم وجود الآليات اللازمة، وفيما عداها تحيل وزارة الصحة عملية التسجيل لوزارة الصناعة ممثلة فى الهيئة العامة للتصنيع فى ذلك الوقت، لكن على الرغم من ذلك فقد جرى تسجيل بعض المنتجات فى وزارة الصحة رغم وضعها قيودا شديدة على تسجيل أى منتج طبى مصنع بحجة عدم تحمل المسئولية لو حدثت به مشكلة رغم أن صاحب المصنع هو المسئول، وهو ما يشير لوجود فساد فيما يتعلق بتطبيق الإجراءات. وفى المقابل نجد أن الوزارة تقوم بإعطاء الفرصة لأى منتج حاصل على شهادة Ce mark وهى شهادة جواز مرور السلع للسوق الأوروبية، أى أنها لازمة فقط للشركات المصدرة، السؤال الذى يطرحه «قمر» هو إذا كانت الشركة لا تصدر وتوجه إنتاجها للسوق المحلية فلِمَ تتحمل تكاليف الحصول على هذه الشهادة التى تصل إلى 100 ألف جنيه سنويا حيث يتم تجديدها، ويضيف أن لجنة السياسات الدوائية بالصحة هى التى تمنح المنتجات المستوردة قرارات الإفراج الجمركى، فكيف يتسنى لها ذلك دون أن تكون لديها الإمكانيات والآليات اللازمة لفحص المنتج، وعلى أى أساس تعطى الموافقة، وعندما سألنا الوزارة - الكلام مازال لقمر - أجابتنا أنها لا تفرج إلا عن منتجات حاصلة على الشهادة الأوروبية، لكن للأسف الشديد فإن 90% من الشركات الحاصلة على أوراقها «مضروبة»! والغريب أن هذه المنتجات تدخل من دول آسيوية بشهادات غير صحيحة وتغرق السوق بمنتجات غير موثوق فى جودتها، وعند حدوث مشكلة فإن وزارة الصحة توقف التوريد من هذا التوكيل، ورغم ذلك تدخل المنتجات المعيبة بطرق ملتوية باسم شركات أخرى. مشكلة أخرى يواجهها قطاع المستلزمات الطبية مع وزارة الصحة، حيث ترفض الوزارة إعطاء موافقة للمصانع التى انتهت مدة سجلها الصناعى «5 سنوات»، لإعادة تسجيلها فى هيئة التنمية الصناعية بوزارة الصناعة، وهى المشكلة التى بدأت بعد أزمة أكياس الدم لشركة «هايدلينا»، بل إنه لا يوجد أى مسئول الآن فى وزارة الصحة يؤشر بالموافقة على أى شىء بعد تحويل معظم مسئولى الوزارة للتحقيق مؤخرا! كذلك، ففى حالة توسع أى مصنع، فإنه لا يمكن أن يحصل على موافقة بذلك، وبالتالى يصبح غير مرخص للعمل، وهناك بالفعل 6 مصانع متوقفة عن العمل بسبب عدم موافقة وزارة الصحة على تجديد الترخيص. لهيئة المواصفات والجودة دور فى إنتاج المستلزمات الطبية، حيث تضع 300 مواصفة قياسية خاصة بالمستلزمات الطبية وقطاعاتها المختلفة، تصدر من خلال لجان فنية متخصصة، تضم خبراء من الجامعات وكليات الصيدلة والمراكز البحثية والجهات المنتجة، الجهات المستهلكة والرقابية والشعبة المتختصة فى اتحاد الصناعات، وقد اعتمدت الهيئة 7 مواصفات دولية تضم مواصفات الأيزو الدولية، الأوروبية EN، الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والأمريكية، واليابانية لأى منتج ليست له مواصفات مصرية، بما يعنى أن كل المستلزمات خاضعة لمواصفات محددة مصرية متوافقة مع العالمية أو دولية محددة! ولأن للمستلزمات الطبية بطبيعتها متطلبات تعقيم ومتطلبات بكترولوجية وبيولوجية فإن مراقبتها وفحصها يخضع للهيئة العامة للرقابة على البحوث الدوائية، حيث تتطلب كوادر من صيادلة وأطباء متخصصين لهذا الغرض! كان لابد من مواجهة المسئولين بوزارة الصحة بالاتهامات التى أطلقتها وزارة الصناعة، وبدورهم لم ينكروا اختصاصهم بملف صناعة المستلزمات الطبية «المصرية»، إلا أن مسئولى الصحة فى المقابل يؤكدون أن المستلزمات الطبية قطاع حساس، فهو ليس طبيا تماما وليس صناعيا صرفا، وبالتالى ترى «د.زينب عبيد» مدير عام إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة وهى الجهة المنوطة بالتفتيش على الأدوية والمستحضرات الطبية: إن وزارة الصناعة مسئولة أيضا ومسئوليتها بالدرجة الأولى تخص المواصفات الفنية، وبالنسبة لأكياس الدم الفاسدة فقد ثبت مخالفتها للمواصفات الفنية، أما بالنسبة لأمبولات «البيلوكاربين» فهى غير مسجلة فى وزارة الصحة، ولا نعلم عنها شيئا، ولم يتم تحليلها من قبل إدارة الصيدلة ولم يتقدم أحد بطلب استيراد لها، كما أن هذه الأمبولات لايتم إنتاجها محليا حسبما تؤكد «د.زينب عبيد»، وبالنسبة للمركز الذى يقوم ببيعها فمن المفروض أنه حاصل على موافقة وزارة الصناعة، وهى التى تقوم بالتفتيش على الناحية الفنية والتأكد من الشروط والمواصفات الفنية، فكيف استطاع باستيرادها فى جراكن ثم تعبئتها فى أمبولات!! وتشير مدير عام إدارة التفتيش الصيدلى إلى أن أية جهة أو مركز أو مستشفى حتى أو مريض يريد أن يستورد أى دواء، عليه أن يتقدم إلى إدارة التفتيش الصيدلى بطلب مع تقديم كل الأوراق والتحاليل الخاصة بالمستورد وأن يحصل على موافقة إدارة التفتيش الصيدلى قبل السماح له باستيراده، وتضيف «د.زينب عبيد» أن البيلوكاربين المسجل فى الوزارة عبارة عن قطرة لتوسيع حدقة العين وتستخدم قبل إجراء العمليات الجراحية فيها، وتنتج محليا ولا يتم استيرادها وأكدت أن أى دواء أو مستحضر طبى مستورد لايسمح بدخوله وتداوله فى السوق إلا إذا كان له وكيل مسجل فى «مصر» وأن يكون مسجلا فى وزارة الصحة، كما أن أية جهة تابعة لوزارة الصحة لاتقوم بشراء أى مستحضر أو دواء إلا من خلال مناقصة تقوم الوزارة بطرحها، كما قد يسمح للأفراد باستيراد أدوية خاصة بهم بشرط ألا يكون لها بديل موجود مستورد أو محلى. بالنسبة للجهات التى تريد استيراد أدوية غير مسجلة فى «مصر»، فيتم تحويل طلبها إلى لجنة العلاج المستجد بالوزارة، وبعد موافقة اللجنة تقوم الشركة العربية لتجارة الأدوية باستيرادها وإرسالها إلى الجهة الطالبة للمستحضر أو الدواء وأشارت «د.زينب عبيد» إلى أن هناك لجنة من إدارة التفتيش الصيدلى تقوم حاليا بالتحقيق فى كيفية دخول هذه الأمبولات إلى البلاد، وما إذا كانت مسجلة فى بلد المنشأ من عدمه. وتؤكد مدير عام إدارة التفتيش الصيدلى أن هناك إجراءات محددة لدى وزارة الصحة خاصة بالتفتيش على المصانع التى تقوم بإنتاج الأدوية والمستحضرات الطبية حيث يتم أخذ عينات للتحقق من مطابقتها للمواصفات الطبية، بينما تقوم وزارة الصناعة بالتفتيش على المصانع من ناحية المواصفات والاشتراطات الفنية، وتتولى إدارة التفتيش الصيدلى الرقابة على خطوط الإنتاج، وأخذ عينات من المنتج من كل تشغيلة وإرسالها إلى الهيئة القومية للرقابة على الأدوية، وفى حالة عدم مطابقتها يتم تحريزها وعمل محضر بالواقعة وإعدامها بالشركة فى حضور مندوب من التفتيش الصيدلى، وبذلك لا يستطيع أى مصنع التصرف فى الكميات المحرزة وإلا تم عمل قضية له وتحويله للنيابة. فى الوقت نفسه يقول مسئول بوزارة الصحة رفض ذكر اسمه أن معظم المنتجات الطبية والأدوية والمستحضرات التى تم ضبطها بوصفها مخالفة للمواصفات الطبية والفنية يتم شراؤها بالأمر المباشر ومنها أمبولات البيلوكاربين التى قام مستشفى جمال عبدالناصر باستيرادها بالأمر المباشر بالمخالفة للقانون من المركز المصرى لطب العيون فى برج العرب حيث يتعامل المركز مع التأمين الصحى منذ 5 سنوات ويقوم باستيراد مادة البيلوكاربين من الهند وتعبئتها داخل المركز فى أمبولات مصنعة من مادة البلاستيك الرديئة التى تتفاعل مع الدواء! ويبدو أن ملف المستحضرات الطبية لن يغلق بعد تلك الأزمات المتتالية التى تتبرأ جميع الجهات الرسمية من مسئوليتها نحوها؛ حيث انتشرت فى الفترة الأخيرة عدسات لاصقة مجهولة المصدر ورديئة الصنع تسبب أضراراً بالغة فى العين تقوم ببيعها المحال فى المولات، وبعض الكوافيرات، ويحذر الأطباء منها لما تسببه من أمراض منها التهاب القرنية الفطرى، وجروح وتقيحات العين، بل إنها قد تؤدى إلى فقد البصر وتباع بأسعار أعلى من ثمنها للإيحاء بجودتها، وهو ما ينذر بكارثة إذا لم يتم تداركه فى الوقت المناسب! يقول د. «عبد العزيز سعد» أستاذ أمراض العيون وزرع القرنية بجامعة القاهرة: إن العدسات اللاصقة سواء التى تستخدم للنظر أو للتجميل تتباين أنواعها وأشكالها وفقاً لحالة كل مريض، فكل شخص يناسبه نوع معين قد لا يناسب شخصا آخر، ولهذا يجب أن تستخدم تحت إشراف طبيب عيون متخصص. ويقول د. «أحمد يحيى ثروت» استشارى العيون ومدير المركز الطبى لرمد الأزهر: إنه يوجد أكثر من 270 مليون شخص يستخدمون العدسات اللاصقة فى العالم، والعدد فى ازدياد، ولهذا فقد نظمت الهيئات الدولية والقوانين عملية تداول العدسات، واقتصرت ذلك على أطباء العيون فقط، كما وضعت عدة شروط تنظيمية لاستخدامها، ومنها حظر قيام محلات النظارات والشركات التى تنتج العدسات اللاصقة من بالبيع أو التعامل المباشر مع الجمهور، وبالنسبة للعدسات التجميلية الملونة، فإنه يجب عدم استخدامها لفترات طويلة، لأن مدة صلاحيتها ولبسها أقصر، حيث إن مدة ارتداء العدسات الشفافة تصل إلى 18 ساعة فى اليوم، أم الملونة فلا تزيد على 12 ساعة.