الرحلة نحو كوكب المريخ.. بدأت، وفقا لتقديرات باحثين في وكالة الطيران والفضاء الاميركية (ناسا).. بالرغم من ان الصواريخ الدافعة للمركبة المأمولة للرحلة لا تزال في طور التصميم، ورغم ان بعض رواد الفضاء لم يولدوا بعد! وقال علماء «ناسا» إن اولى الخطوات للوصول الى المريخ انطلقت من داخل محطة الفضاء الدولية التي تحلق حول الارض، اذ «نجح رواد الفضاء في البقاء على متنها فترة طويلة وصلت الى 6 اشهر.. وهذه الفترة هي، بالمصادفة، المدة اللازمة لوصول مركبة تنطلق من الارض الى المريخ»، كما يقول الدكتور كليرنس سامز رئيس الباحثين في فريق الاشراف الطبي على محطة الفضاء الدولية، في مقره في مركز جونسون الفضائي التابع ل«ناسا». واضاف سامز في رسالة الكترونية ل«ناسا» وصلت «الشرق الاوسط»، انه «ليس بمستطاعنا محاكاة كل جانب من جوانب الرحلة الطويلة نحو المريخ، التي يصل طولها الى 50 مليون ميل (اكثر من 80 مليون كلم)، الا ان هناك الكثير من الاسئلة التي يمكننا الاجابة عليها من مدار منخفض حول الارض». وتساءل الباحثون الاميركيون مثلا: «ماذا سيحدث للأغذية والأدوية في رحلتها الفضائية لستة اشهر؟» ومن المفارقات هنا أن الغذاء الذي يحفظ في المدار حول الارض، يفقد بعض تأثيراته الغذائية، اذ اظهرت اختبارات اجريت على رواد الفضاء بعد انتهائهم من تحليقاتهم، ان «العلامات الغذائية داخل الدم والبول لم تصل الى المستويات المتوقعة لها، الموجودة داخل الغذاء الفضائي»، كما يقول الدكتور سكوت سميث رئيس مختبرالعلاجات الصيدلية في مركز جونسون الفضائي الذي لاحظ ان «بعض الادوية التي عادت من الفضاء، فقدت مفعولها وقوتها». ويلجأ الباحثون الى وضع فرضيات، او طرح التكهنات حول هذا الامر، اذ يعتقد سميث ان فقدان الاغذية والادوية لفاعليتها قد يعود الى تأثير الاشعاعات عليها، ويشير الى ان ارتطام الجسيمات الفضائية العالية السرعة بجزيئات المواد المغذية او العقاقير الذي قد يؤدي الى إتلافها ومنعها من القيام بوظيفتها المعتادة. من جهته يقترح سامز «وضع خطة لحماية الامدادات الفضائية»، وذلك بعد التعرف على المصاعب التي يواجهها رواد الرحلات الفضائية الطويلة، وهي مدى تحلل الاغذية والادوية، وضرورات حمايتها ربما بوضعها داخل درع واق من الاشعاعات طيلة الرحلة». وللإجابة على هذه الاسئلة وضع العلماء تجربة على متن محطة الفضاء الدولية تحت عنوان «استقرار العلاجات الصيدلية والمركبات الغذائية»، حيث وضعت ثلاثة أطقم متماثلة من الاغذية والأدوية على متن المحطة، سوف يعود اولها الى الارض بعد 6 اشهر، والآخر بعد 12 شهرا، والثالث بعد 18 شهر. وبهذه الطريقة سيتمكن العالمان سكوت وسميث وزميلهما الباحث لاكشمي باتشا، المساهم في مشروع البحث، من التدقيق في وتيرة فقدان الاغذية والادوية لفاعليتها. وتتمتع هذه التجربة بأهمية فائقة لأن امدادات الاغذية والادوية ينبغي ان تكفي الرواد طيلة مدة الرحلة ذهابا وايابا اضافة الى فترة البقاء على سطح المريخ، التي تصل الى 3 سنوات. ويخضع رواد الفضاء العاملون على متن المحطة الدولية الى اختبارات على عينات من اللعاب والدم ، كما تجري عمليات تصوير اعضائهم الداخلية بأشعة الموجات الصوتية. ويعتقد علماء «ناسا» ان هذه الاختيارات تتسم بأهمية كبرى، اذ «رغم وجود بيانات متنوعة حول صحة رواد المكوك الفضائي الاميركي قبل رحلاتهم الفضائية وبعدها، الا اننا لا نمتلك الكثير من البيانات عن الرواد اثناء تحليقهم لفترات طويلة» كما يقول سميث. وتجدر الاشارة هنا الى ان الروس سبقوا الاميركيين في تحقيقهم لرحلات فضائية طويلة. كما يبحث العلماء في ظاهرة فقدان الافراد جزءا من كتلة عظامهم وعضلاتهم عندما يكونون في حالة انعدام الوزن. ولا تزال الكيفية التي تحدث فيها هذه الظاهرة لرواد الفضاء مجهولة.. فهل يحدث فقدان اولي وسريع عندما يأخذ الجسم بالتكيف مع ظروف الفضاء، ام ان هناك حالة من التدهور المتواصل الدائم؟ وتبدو إجابة هذا السؤال ملحة عندما يتعلق الامر برحلة يبتعد فيها الانسان لفترة ثلاث سنوات عن الارض! اما الاسئلة الاخرى حول كيفية تأثر جسم الرواد بجاذبية القمر او المريخ، فان إجاباتها سوف تتأخر لحين وصول اول رائد في عودة جديدة نحو القمر في العقد المقبل.