أسعار الذهب اليوم السبت 19 يوليو 2025.. عيار 21 يسجل هذه القيمة    نائب وزير المالية للبوابة نيوز: دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج المصرى مع "النقد الدولي"غير مقلق    روسيا: اعتراض 13 مسيرة أوكرانية أُطلقت نحو موسكو    شروط التقدم لمدرسة نهضة مصر الثانوية للتكنولوجيا التطبيقية 2026    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 19 يوليو 2025    أنغام تغني «أشكي لمين» وتوجه رسالة لمحمد منير بمهرجان العلمين    زينة.. عام سينمائي غير مسبوق    سوريا.. اتفاق بين الحكومة ووجهاء السويداء يضمن دخول قوات الأمن العام وحل الفصائل المسلحة    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز «رفيع وعريض الحبة» اليوم السبت 19 -7-2025 ب أسواق الشرقية    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    زوج البلوجر هدير عبد الرازق: «ضربتها علشان بتشرب مخدرات»    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق نوي شبين القناطر بالقليوبية    حضور الخطيب وظهور الصفقات الجديدة.. 15 صورة لأبرز لقطات مران الأهلي الأول تونس    هدنة 72 ساعة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس وموعد انخفاض درجات الحرارة    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    35 عرضًًا تتنافس في الدورة ال 18 للمهرجان القومي    الحرف التراثية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية ضمن فعاليات ثقافية بسوهاج    استعلم عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال ب الجيزة 2025.. الرابط الرسمي والمستندات المطلوبة    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    تنسيق الثانوية العامة 2025 الجيزة للناجحين في الشهادة الإعدادية (رابط التقديم)    مستقبل وطن بسوهاج يطلق خطة دعم مرشحيه لمجلس الشيوخ ب9 مؤتمرات    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    كيف تضمن معاشا إضافيا بعد سن التقاعد    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    تحت شعار كامل العدد، التهامي وفتحي سلامة يفتتحان المهرجان الصيفي بالأوبرا (صور)    من المستشفى إلى المسرح، حسام حبيب يتحدى الإصابة ويغني بالعكاز في موسم جدة 2025 (فيديو)    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    الكرملين: تسوية الأزمة الأوكرانية وتطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن موضوعان مختلفان    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    انتشال جثة شاب غرق في مياه الرياح التوفيقي بطوخ    انتهت.. عبده يحيى مهاجم غزل المحلة ينتقل لصفوف سموخة على سبيل الإعاراة    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية ببداية الأسبوع السبت 19 يوليو 2025    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    سعر المانجو والموز والفاكهة ب الأسواق اليوم السبت 19 يوليو 2025    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    أبرزها الزنجبيل.. 5 طرق طبيعية لعلاج الصداع النصفي    خبير اقتصادي: رسوم ترامب تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتفاقم أزمة الديون    ب37.6 ألف ميجاوات.. الشبكة الموحدة للكهرباء تحقق أقصى ارتفاع في الأحمال هذ العام    كسر بماسورة مياه الشرب في شبرا الخيمة.. والمحافظة: عودة ضخ بشكل طبيعي    ما حكم رفع اليدين بالدعاء أثناء خطبة الجمعة؟.. الإفتاء توضح    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي فرط صوتي    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندى: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    أصيب بنفس الأعراض.. نقل والد الأشقاء الخمسة المتوفين بالمنيا إلى المستشفى    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشيد الخيّون: العراق... الجامعات للعلم لا للطم!
نشر في أخبار مصر يوم 21 - 11 - 2012

تاريخ الحزن على قتلى كربلاء، الإمام الحسين (61 ه) وصحبه وآل بيته، أقدم مما سَنه البويهيون، لما فرضوا رسمياً توشيح بغداد بالسواد(352 ه) لغرض سياسي. لكن ليس بالمشهد المبتذل الذي أسست له الدولة الصفوية (1501- 1736)، ومع ذلك لم يكن اللطم والتسويط بالسلاسل (الزناجيل) والضرب بالقامات مألوفاً لديها، فهذه ممارسة شوهاء.
كذلك لم يكن الحزن، وما زال، مقتصراً على الإمامية، إنما للسنة أحزانهم الحسينية وبالعراق تحديداً، بمعنى أن الحسين للتآلف لا للتخالف. كانت لهم طرائقهم المعقولة في استذكار مأساة كربلاء، بالترنيم الحزين: "ابكربلا ماتوا جدودي.. ما سقوهم ماء جودِ.. يا دموع العين جودي.. على الحسين بن علي" (الوردي، عالم التكايا). وفي التكايا السنية يُذكر العطش، وهو مركز الإثارة في العزاء الشيعي: "أبكربلا ماتوا عطاشى/ دمهم على أرض طاشه/ لترك الدُّنيا ومعاشها/ على حسين بن علي" (المصدر نفسه). وما سجلته من مشاركين في منقبة نبوية ببغداد وسامراء من ترنيم سُنَّي في الحسين: "حرموه شرب الماء حتى عياله/ وجالوا عليه بالسيوف قتيلا".
ومنها: "الله قطُ قلبي عنكم بما سلا/ يالنَّازلين في نواحي كربلاء". ويعظم سُنّة العراق للأئمة الاثني عشر: "الباقر الحبر الفهيم العَالمِ/ والجعفر الصَّادق وموسى الكاظم". وغير هذا مما ثبته في "العراق... ضد الطائفية". وهذا إمام السلفية ابن تيمة (ت 728 ه)، الذي بينه وبين بقية المذاهب، والشِّيعة على وجه الخصوص، مِن خصومة، قال في قتيل عاشوراء: "الحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشهادة في هذا اليوم، وأهان بذلك مَن قتله، أو أعان على قتله، أو رضي بقتله، وله إسوة حَسنة بمَن سبقه مِن الشُّهداء ..." (مجموع فتاوى شيخ الإسلام).
بمعنى أن هناك اتفاقاً على الحسين، فلا يجب أن يؤخذ ويُرفع راية لتمزيق الأوطان، وما يجري من مواجهات بين الوقفين الشيعي والسني العراقيين الآن، على أضرحة وأمكنة ليس للحسين صلة بها، إنما هي مطامح وأهواء. أقول هذا محاولة لكبح الكراهية التي لا نعلم إلى أين تقودنا، فالعمل على تكريس الثأر باسم الحسين خطئية بحقه قبل غيره.
كذلك ليس للحسين في مواكب الجامعات العراقية، والشقاق الطائفي الجاري والتعامل في المختلف ونبذ المؤتلف؛ ناقة ولا جمل. إن ما يجري هو نقل تجربة حزبية من زمن المعارضة ومحاولة تطبيقها، في زمن السلطة، على وطن يتسع للجميع كي يضيق ويتنابذ أبناؤه، وباسم مأساة الحسين وأهل بيته أيضاً. مع علمنا أن يوم العاشر من عاشوراء معلن عطلة رسمية من أول تأسيس الدولة العراقية، وكثيراً من الأزمان كانت قصة مقتل الحسين تذاع مِن مذياع بغداد، لكنه يومٌ ويمرُّ، لا تعطيل الدولة بلا قيود.
كانت مواكب الجامعات ممارسة لحزب الدَّعوة الإسلامية حصراً، لحشد سياسي وحزبي، والبداية (1966) أو ما بعدها بعام، حسب ما سمعته من طالب الرفاعي، أحد أبرز مؤسسي الحزب، كان الغرض المعلن منها تشذيب ما يحدث في عاشوراء من ممارسات، على أساس أنها تكتفي ب"الردات" أي ما يردد من قصائد، يمكن أن يكون هذا هو الغرض، لكنه ليس الغرض الوحيد، إنما لاستغلالها في العمل الحزبي والسياسي وهو المهم على ما يبدو، أي وسيلة لا أكثر.
وبطبيعة الحال، لم توافق السلطة السابقة على هذه المواكب، لذا انتهت المحاولة، وما أن تسلم الإسلام السياسي الأمر، ممثلاً بحزب الدعوة والحركات الأُخر، حتى أُعيد العمل بتسييرها، ومن موقع السلطة، فما يُمارس الآن يجري على حساب الدراسة والمستوى العلمي وبالتالي إفراغ هذه المؤسسات من مناخها العلمي، وتحويلها إلى مؤسسات اجتماعية دينية، يبدأ فيها موسم التسرب من الدراسة ويستمر لأسابيع، وما تثيره تلك المواكب، ذات الطابع الحزبي، من تهييج بين أتباع الأحزاب نفسها، بينما المفروض في الجامعات أن تبقى مؤسسات علمية لا تأخذ دور المؤسسات الدينية وتغمرها الصراعات الحزبية.
يضاف إلى ذلك ما تتركه من تهييج آخر وهو الأخطر، بما يسفر عنه من افتراق اجتماعي حاد بين طلبة الجامعات. اطلعنا على كتب رسمية صادرة من وزارة التعليم العالي تفرض على الطلبة والموظفين المشاركة في المواكب، وهي ممارسة مستنسخة من النظام السابق، يوم كان الخروج للاستعراضات الحزبية يجري بتوجيهات رسمية! وهنا يصعب إغفال بيت الجواهري (ت 1997)، قاله عام 1942: "مضى حمزةُ الصياد يصطاد بكرةً/ فآب وقد صاد العشي غُرابا". فالزمن لدينا منتكس دائماً: نصف خطوة إلى الأمام خطوات إلى الوراء.
نعم قضية الإمام الحسين استغلت أيما استغلال، استغلها اليسار واليمين على حدٍ سواء، ففي نهاية الخمسينيات ظهر موكب كبير لأهل اليسار، عُرف بموكب العباسية، كذلك كان جمال عبد الناصر (ت 1970) حاضراً في الندب على الحسين، فعن شاهد عيان: لما سئل أحد البسطاء من المشاركين في المواكب بكربلاء: مَن عبد الناصر الذي تنشد له في عاشوراء؟! قال: "أحد أصحاب الحسين"(1959)! وكان هذا يجري في زمن المعارضة، والصراعات الحزبية، لكن زمن السلطة يختلف، والحسين ينشد إصلاحاً، وإلا لماذا عرض نفسه للقتل! هل لأجل استخدام مأساته دعاية حزبية؟ أم لتحويل المؤسسة العلمية إلى مكان طباخة؟ فالقدور الآن تنصب داخل الحرم الجامعي، وأبواب العلم تغلق مثلما تعطل مصالح البلاد لشهرين وأكثر.
هناك حالة منفرة للعلم والثقافة، وللأسف تجري باسم الحسين وخارج المعقول. يقولون: إن في عهود الدولة العراقية كافة كان لا يسمح بالتعبير عن الحزن في الدوائر الرسمية، وينعت الكثيرون تلك العهود بالطائفية، لكن هل جرى تسخير المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة آنذاك لميلاد أبي حنيفة (ت 150 ه)، مثلاً أو لتكريس حالة طائفية ما؟! لا لم يحدث هذا.
ستقولون: إن المدارس والجامعات كانت مسخرةً لأعياد ومناسبات حزب السلطة! وهذا نتفق به وهو خطأ شنيع بحق المؤسسات العلمية. لكن أيجوز تسخير العاطفة الحسينية لأغراض حزبية؟! فتكون الممارسة أشنع وأقبح، ففيها استغلال الحسين والجامعة معاً. من جهة أخرى إذا كان تسخير الجامعات والمدارس ومؤسسات الدولة الطاغي أسفر عن ابتذال للحزب الحاكم آنذاك، إلى درجة كرهه الناس، فهل النية ابتذال مأساة الحسين؟! وهو الذي من المفروض أن يريد للجامعات العلم لا اللطم!
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.