تنويه عاجل بشأن امتحان المتقدمين لشغل وظائف بالهيئة القومية للبريد    "عايزين طريق ديمقراطي حقيقي".. عبدالمنعم إمام يتحدث عن حزبي مستقبل وطن والجبهة الوطنية    محافظ المنيا يجتمع بنواب مركز مطاي ورؤساء القرى.. تفاصيل ما دار في اللقاء    تنظيم الاتصالات: تعويضات متفاوتة للمتأثرين بحريق رمسيس    استعدادًا لتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع.. استمرار تركيب القضبان في الخط الأول    وزير الإعلام السوري: بيان الطائفة الدرزية تضمن دعوة لتهجير البدو    أحمد موسى: مصر والسعودية صمام أمان للشرق الأوسط ..والعلاقة بين القاهرة والرياض أبدية    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    موعد مباراة ناشئى كرة اليد أمام كوريا فى ضربة بداية بطولة العالم    الأهلي يرفض بيع أليو ديانج لنادي الحزم السعودي    ذهبية وفضية لألعاب القوى فى البطولة الأفريقية بنيجيريا    هدير عبد الرازق في قبضة الأمن بعد فيديو اعتداء طليقها عليها بالضرب    ندى وشهد أبو حسين.. تومأن ضمن الأوائل على الجمهورية بالدبلومات الفنية: فرحتنا متتوصفش (صور)    مصرع طفل تعرض للغرق فى نهر النيل بمنشأة القناطر    كشف غموض واقعة "رضيع المقابر" بعد إدعاء العثور عليه بقنا    بعثة الفنون الشعبية تطير لليابان لتمثيل وزارة الثقافة فى العيد القومى المصرى    بالفيديو.. شاهد رقص هيدي كرم على أغنية أحمد سعد "مكسرات"    محمد رمضان يطرح أحدث كليباته من ضهر راجل    فستان جريء بفتحة ساق.. إليسا تستعيد تألقها في حفل زفاف نجل إيلي صعب    حبايب قلبي.. إلهام شاهين تنشر صورًا مع شقيقتها وابنتها إلهام صفي الدين    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت 5.47 مليون خدمة طبية مجانية خلال أربعة أيام    توزيع 600 كرتونة غذائية و7 أطنان من السلع الأساسية للأسر الأولى بالرعاية بسنهور المدينة في كفر الشيخ    خل التفاح مفيد لصحة الكبد- إليك السبب    سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم السبت 19 يوليو 2025 بعد التراجع الأخير.. بكام الآن في الصاغة؟    ألسن عين شمس تعلن فتح باب القبول ببرامج الدراسات العليا    «المعلمين»: مشروع علاج لأعضاء النقابة بخصومات تصل 60%.. تفاصيل    انتشال سيارة ميكروباص سقطت في رشاح شبرا هارس بالقليوبية    مرتبات شهر يوليو 2025.. موعد وأماكن الصرف وجدول الحد الأدنى للأجور بعد الزيادة الجديدة    افتتاح وحدة الرنين المغناطيسي المطورة ب مستشفى سوهاج الجامعي    أسامة نبيه يدفع بتشكيل جديد لمنتخب الشباب فى الودية الثانية أمام الكويت    احتجاجات غاضبة بالسويد ضد جرائم إسرائيل في غزة    جهاز المحاسبة الألماني يحذر من عجز محتمل في صندوق المناخ والتحول التابع للحكومة    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    باحث: موسكو لا تسعى لصراع مع واشنطن والمفاوضات في إسطنبول مؤشر إيجابي    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    ليالي المسرح الحر تختتم الدورة ال20 وتعلن نتائج المسابقات    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    صدقي صخر صاحب شركة إعلانات في مسلسل كتالوج    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    بيسكوف: لا معلومات لدينا حول لقاء محتمل بين بوتين وترامب وشي جين بينج    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيعة.. كثرة الأحزان لا تُعمر الأوطان!
نشر في محيط يوم 12 - 09 - 2007


الشيعة.. كثرة الأحزان لا تُعمر الأوطان!
رشيد الخيون
أحيا شيعة العراق ذكرى مولد المهدي المنتظر، حيث زيارة الشعبانية إلى كربلاء، وكان ما كان من فاجعة القتال بين جماعتين شيعيتين. وقبلها أحيوا الذكرى (1245) لوفاة الإمام موسى بن جعفر (183ه)، بمهرجان لا يغيب عن ناظره كارثة الجسر، حيث راح ضحيتها ألف وثلاثمائة ويزيد. وإن تباين المؤرخون في ولادة المنتظر تباينوا حول وفاة الإمام الكاظم، بين وفاة طبيعية، واغتيال سياسي.
وذكر اليعقوبي (292ه) أن الرشيد (ت 193ه) دعا الوجهاء للنظر في جسده، وكان سجيناً، ليشهدوا أنه خال من أثر اغتيال. أما الغرض من طرح جنازته على جسر بغداد فيقول الأصفهاني (ت 356ه): لإبطال إشاعة أنه كان المهدي المنتظر (مقاتل الطالبيين).
وقد أورد جواد علي (ت 1987) في «المهدي المنتظر..» آخذاً عن «الغيبة» للطوسي (ت 460ه): بعد وفاة الإمام كتب ولده الرضا إلى وكلائه بشأن الأموال فلم «يستجب لطلبه الوكيل زياد بن مروان بمبلغ 70 ألف دينار، وكذلك علي بن حمزة بمبلغ 30000، وعثمان بن عيسى الرواسي بنفس المبلغ، وإنما نازعوا في شرعية الرضا بدعوى أن الإمام السابق لم يمت، وإنما اختفى». إلا أن الذين فشلوا في ترسيخ مهدوية الإمام موسى من أجل المال نجحوا مؤخراً في إحياء مشهد الجنازة.
ليس محايداً مَنْ ينكر على الإمام مظلوميته كونه مات سجيناً، مع اجماع المذاهب على ورعه، لكن المتاجرة بآلامه بهذه الصورة تبدو أمراً مؤلماً. وصار معلوماً أن طرح الجنازة على جسر بغداد، قبل العبور بها إلى الجانب الغربي، مقصود لفضح حيلة المستولين على الأموال، وهي ما يعرف بسهم الإمام. ومن المرجح أن صياغة المشهد بهذا الشكل الدرامي ظهر مؤخراً، فالرثاء والنوح كان مختصراً على الإمام الحسين (قُتل 61ه). ولا ريب أن ممارسة الطقوس الشعبية، وبهذه الفوضى يشل عمل الدولة، وخصوصاً إذا كانت هي المشجعة. بل ويكلفها أموالاً وأرواحاً، حيث الصرف الرسمي حالياً على المواكب.
ربما جاءت المغالاة بذاكرة الأحزان رداً على حجب الممارسة طويلاً، حتى انفجرت بقوة في أول انفراج. لكن، الإلحاح بمهرجانات الأحزان، وبهذا الشكل المعطل للحياة، والمؤدي إلى تكريس الفوضى والإشغال بطقوس متواصلة، والإنفلاق حتى داخل الطائفة نفسها، مثلما حصل بكربلاء مؤخراً، أخذ يبرر ذلك المنع، وإن كان مجحفاً.
ولو نظرنا الأمر معكوساً نجد المعارضة التي حاولت تسخير تلك الشعائر لشعاراتها، في ما مضى، استمرت وهي في الدولة تلعب اللعبة نفسها، وكأنها حصرت منافع الشيعة من الديمقراطية بتكثير المواكب وفرض خطاب الحزن وسياسة التجهيل! مع أن هذا التكوين العراقي الأصيل الشيعة أولد للعراق كباراً في الفكر والعلم والسياسة والاجتماع والفن.
تجد العراقي يباري الأمم الأخرى بأسماء انتجتها مدينة الكاظمية نفسها، حيث جرت الطقوس: عالم الاجتماع علي الوردي (ت 1995)، والمؤرخ جواد علي (ت 1987)، وعالم الدين هبة الدين الشهرستاني (ت 1967)، والسياسي محمد فاضل الجمالي (ت 1997)، والخبير بالأنساب حسين محفوظ، وصاحب «الصلة بين التصوف والتشيع» كامل مصطفى الشيبي (ت 2006)، وغيرهم. ومن هذا المكان ظهرت بالعراق الدعوة إلى الألفة بين المذهبين بسعاية الشيخ محمد مهدي الخالصي الابن (ت 1963). وتفيض الآن منه أيضاً الدعوة إلى التسامح بين الأديان والمذاهب بسعاية السيد حسين بن إسماعيل الصدر.
قال هبة الدين الشهرستاني في مجلة «العلم»، قبل الحرب العالمية الأولى، في احجام العلماء عن ترشيد الدين الشعبي: «صار العالم والفقيه يتكلم من خوفه بين الطلاب غير ما يتلطف به بين العوام» (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، عن مجلة العلم). ولو عكسنا الحالة على القيادات الحزبية الدينية اليوم لوجدنا كلمات السيد الشهرستاني تعنيهم تماماً، فهم إذا خلوا بمثقف انتقدوا الممارسة وشجبوها، وإن خلوا إلى أصحاب المواكب شجعوها.
وإضافة إلى طلب الكسب والاستفادة من مزريات الأحوال بتحشيد الجموع وراءهم، فان علماء الدين قد يخشون مما واجهته دعوة السيد محسن الأمين (ت 1954) إلى تشذيب الأحزان، حيث أنشد فيه أحد خطباء المنبر الحسيني: «يا راكباً إمَّا مررت بجلق.. فأبصق بوجهِ أمينها المتزندق». ولو علمنا ما هي منزلة الأمين في العلم والدين والمذهب، لأدركنا كم كان هذا الخطيب جريئاً على العلماء، وفياً لتجارته.
يبدو من تسخير الفضائيات للدين الشعبي، وبهذا الثقل أن وجهاء الشيعة لا يميزون بين عصر وآخر، ولعلهم لا يعلمون أن احتفاليات الأحزان بهذا الاصرار على جلد الذات والبكائيات لا تعمر الأوطان، إذا علمنا أنهم في قمة السلطة. وستبقى الأحزان تمارس بالسلوك الجمعي، وبهذا المستوى، وتستغل من ساسة وتُجار، وعلى حد قولة الجواهري: «إذا لم ينلها مصلحون بواسل.. جريئون في ما يدعوه كفاة». نعم، من وزن الشهرستاني والأمين .
عن صحيفة الشرق الاوسط
12/9/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.