نقلاً عن الاهرام 10/5/2007 القانون هو القانون.. والمال العام يجب الحفاظ عليه.. لكن ماذا يفعل مئات الآلاف من قاطني الإسكان الشعبي في الإسكندرية بعد أن فاقت فوائد مديونياتهم المتأخرة أصل الدين بسبب عجزهم عن سداد القيمة الايجارية.. ولأن هذه المتأخرات بلغت120 مليون جنيه فإن المسئولين بالاجهزة المحلية في المحافظة لجأوا إلي تطبيق القانون, أما السكان فلجأوا إلي الهروب وهجرة مساكنهم حتي لاتلقي شرطة تنفيذ الأحكام القبض عليهم لتنفيذ عقوبة الحبس بموجب أحكام قضائية غيابية صدرت عقب الاجراءات القانونية التي بدأت بالانذار ثم الحجز الاداري ثم جلسات المحاكمة.. فهل القانون وحده هو الذي يحل هذه المشكلة, خاصة أن المحكوم عليهم رجال ونساء وشباب ومسنون... في هذا التحقيق نستطلع آراء السكان المحكوم عليهم, والمسئولين فماذا يقولون. داخل مساكن زاوية عبدالقادر غرب الاسكندرية التقينا بعدد من السكان, وبداية اللقاء مع أحمد محمد محمود الذي بدأ حديثه قائلا: اسكان زاوية عبدالقادر يبلغ(216) بلوكا ويضم حوالي5 آلاف أسرة.. في عام1999 تقدمنا بطلبات لمحافظ الاسكندرية للحصول علي عدد وحدات سكنية بهذا المشروع, منها حالات زواج حديث.. حالات اجتماعية.. اخلاء اداري.. وقد قمنا بسداد مبلغ(2120) جنيها للوحدة السكنية التي تبلغ مساحتها(65) مترا.. أما الوحدة السكنية ذات(90) مترا فقد كان مقدم السداد حوالي(4120) جنيها ثم وقعنا علي عقد تسلم علي بياض غير مدون البيانات أو حتي القيمة الايجارية الشهرية لكل وحدة, وكانت المفاجأة عند تسلم الوحدة السكنية.. عبارة عن مسطح فقط دون تقسيم للحجرات اللهم إلا دورة مياه فقط, كما لايوجد بها كهرباء.. وبالطبع الكثير منا تحمل تكاليف تقسيم الوحدة حتي تصبح صالحة للعيش والاقامة بها وهناك من عجز عن استكمال وحدته السكنية فظلت كما هي حتي الآن. سؤال بلا اجابة ويلتقط أطراف الحديث محمود فرج حسن فيقول: بعد مرور شهرين من استقرارنا بالمساكن توجهنا لحي العامرية بالاسكندرية للاستفسار عن القيمة الايجارية لكل وحدة سكنية, وكان الرد من الموظفين والسادة المسئولين لانعلم ولم تصل اليهم أية تعليمات بهذا الشأن.. وكان التأكيد بأن هناك فترة سماح ثلاث سنوات لأن الوحدات السكنية غير مكتملة البناء ولكننا فوجئنا عام2003 بوصول انذارات من الحي لكل سكان المساكن تطالبنا بسداد مبلغ(3500) جنيه وإلا سيكون الحجز الاداري, وعند الاستفسار عما يحدث فوجئنا بأن هذه هي المتأخرات عن القيمة الايجارية بالفوائد وعند استغاثتنا بالسيد اللواء عبدالسلام المحجوب محافظ الاسكندرية السابق وعد برفع الفوائد علي أن نقوم بسداد القيمة الايجارية فقط ولكن للأسف إدارة الايرادات بحي العامرية رفضت تنفيذ قرار المحافظ. حجز وحبس ابراهيم علي عوض يقول: قام الحي بتوقيع الحجز الاداري علينا بعد القاء القبض علي بعض المواطنين وتقديمهم للمحكمة, وتكون المصالحة بعد سداد شهر واحد من القيمة الايجارية بالفوائد ثم يطلق سراحنا بعد الحصول علي البراءة.. ويتساءل: ماذا أفعل وقد وصل مبلغ المتأخرات علي حوالي سبعة آلاف جنيه شاملة الفوائد, فأنا لا أملك هذا المبلغ وعندما توجهت للحي مطالبا برفع الفوائد كان الرفض القاطع واعلان أن ذلك مالا عاما لايجب التفريط فيه, فالمسئولون بالحي لم يبلغونا بالايجار الشهري عند تسلم الوحدة السكنية, بالطبع الخطأ لديهم لأنهم قد التزموا الصمت تجاهنا حوالي أربعة أعوام قبل أن تتقرر القيمة الايجارية. لا للفوائد \ويصرخ اكرامي كرواني محمود لقد اقتحمت شرطة تنفيذ الأحكام احدي الوحدات السكنية لإلقاء القبض علي ساكنيها وقد كان موجودا الزوج والزوجة والأبناء, حيث اقتادوا الزوجة ورفضوا القاء القبض علي الزوج وذلك لأن الوحدة السكنية باسم الزوجة وليس الزوج, هل يعقل ذلك؟!! أما المأساة الحقيقية فعندما القي القبض علي احدي السيدات التي كانت قد وضعت طفلها قبل قدوم رجال مباحث تنفيذ الاحكام بساعات قليلة ولم يكن زوجها موجودا, حيث يعمل بمحافظة مطروح, وقد أسرع الأهالي بجمع قيمة شهر من الايجار كي يفرج عن هذه السيدة. 40 كيلو بعيدا عن الإسكندرية ولم يكن حال قاطني اسكان الناصرية الجديدة أفضل من سكان زاوية عبدالقادر, فرحة محمد مسعود جابر(60 سنة متزوجة ولديها5 أبناء) فتقول: تسلمت الوحدة السكنية عام1997, التي تتكون من حجرة واحدة فقط وصالة بعد أن قمت بسداد مبلغ1100 جنيه جمعتها من أصحاب القلوب الرحيمة.. وطوال سبع سنوات لم أر أحدا من المسئولين بحي العامرية بالاسكندرية ولم يطالبني أحد بالايجار الذي لم نكن نعلمه حينما تسلمنا الوحدات السكنية لأننا قد وقعنا علي بياض, حتي فوجئنا عام2004, بسداد مبلغ(150) كل شهر بعد سداد كل المتأخرات من أين لي بهذا المبلغ الكبير وأنا أتولي رعاية أسرتي ولدي الابنة الكبري مصابة بفيروس سي. 65جنيها معاشا \وتبتسم باتعة بزاد محمد61 سنة أرملة ولديها أربعة أبناء لأنها تتقاضي معاشا من وزارة الشئون الاجتماعية مبلغ(65) جنيها ومطالبة بسداد مبلغ ثمانية آلاف جنيه قيمة المتأخرات عن القيمة الايجارية للوحدة السكنية بالمساكن, فتصرخ وتقول لقد توفي زوجي وتركني وأنا وأبنائي بلا مورد حتي أنني لجأت لأحد المساجد كي أحصل منه علي اعانة وبالفعل حدد لي مبلغ(40) جنيها شهريا. ويوضح عادل رياض بسيوني 55 سنة حارس موقفه بقوله: أنا لم أرفض سداد المتأخرات ولكن طالبت بجدولة الديون فبعد القاء القبض علي قمت بسداد قيمة شهرين من الايجار وعندما توجهت للحي كي أسدد الشهر التالي رفض المسئولون به متعللين أن القيمة زادت إلي(142) جنيها شهريا, ماذا أفعل وأنا أتقاضي من عملي(180) جنيها فقط. وتبكي نعمة ابراهيم محمد(40 سنة ربة منزل) فتقول: لقد وصلني انذار بالحجز الاداري نظرا لعدم قيامي بسداد آلاف الجنيهات قيمة متأخرات الايجار فمن أين لي بهذا المبلغ؟ وأنا التي أعيش وزوجي المسن المريض علي مساعدات أهل الخير والقلوب الرحيمة. وبسؤال اللواء محمد منيسي رئيس حي العامرية بالاسكندرية عن موقف المسئولين بمحافظة الاسكندرية حيال سكان مساكن الاسكان الشعبي أجاب قائلا: الاسكان الشعبي بالمحافظة واقع في نطاق حي العامرية, والبالغ عددها30 ألف وحدة سكنية وهي مساكن زاوية عبدالقادر, الناصرية الجديدة, البتروكيماويات, يقطنها آلاف من المواطنين بأسرهم منذ عام1997, ومنذ ذلك التاريخ وحتي الآن لم يقوموا بسداد القيمة الايجارية حتي تراكمت المتأخرات عليهم فوصلت إلي120 مليون جنيه متأخرات, أما عن الفوائد فلا أحد يملك رفع قيمة الفوائد سوي الوزير ومجلس الشعب, وقد عرضنا نحن المسئولين بالمحافظة أكثر من مرة علي هؤلاء السكان جدولة مديونياتهم ولكنهم رفضوا السداد قبل أن يتم حذف الفوائد وهذا ليس في سلطة أي منا حتي وصل بهم الأمر إلي الاعلان عن عدم السداد مطلقا لا للقيمة الايجارية الأصلية ولا الفوائد. ويستطرد قائلا من أجل تحصيل المال العام قمنا بإرسال انذارات بالحجز الاداري وتحرير محاضر ضدهم وعرضهم علي النيابة فقد تم تحرير1800 محضر حجز اداري عام2005 فقط, وقد لجأ عدد كبير منهم إلي حيلة بأن قاموا بسداد شهرين من المتأخرات حتي يحصل علي البراءة, ثم بعد ذلك توقفوا عن السداد نهائيا. بل الأكثر من ذلك أن حوالي60% من سكان هذه المساكن يقومون إما بتأجير وحداتهم السكنية بمبالغ معقولة أو بيعها, وللعلم قانونيا هذا مخالف, ويختتم حديثه قائلا: إن ديون هؤلاء السكان يعد مالا عاما يجب تحصيله والحفاظ عليه وليس أمامنا سوي الحجز الاداري واتخاذ الاجراءات القانونية.