لم تحرز الجهود المتواصلة لايجاد اتفاق لحل الخلافات بين السودان وجنوب السودان الكثير من التقدم ، في اليوم الثالث من القمة الرئاسية التي تعقد في العاصمة الاثيوبية. وساد جو من التفاؤل في البداية عندما بدأ الرئيسان محادثاتهما الاحد، في اللقاء الذي كان من المفترض ان يستمر يوما واحدا فقط، ولكن التوتر اخذ يسود بسبب النقاط العالقة المتعلقة بالمناطق الحدودية المختلف عليها والقضايا الامنية. وقال دبلوماسي غربي "جرى اخذ ورد وطوال اليوم في محاولة لايجاد موقف مقبول لدى الطرفين .. ولا شيء مستبعد بعد". والتقى الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره السوداني الجنوبي سلفا كير في وقت لاحق من الثلاثاء لاجراء جولة جديدة من المحادثات المباشرة شارك فيها كبير وسطاء الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي الرئيس السابق لجنوب افريقيا. وبدت الصرامة على وجه البشير اثناء دخوله الغرفة للاجتماع مع كير، الا انهما ابتسما لبعضهما اثناء جلوسهما على طرفي الطاولة قبل ان يتم الطلب من الصحافيين مغادرة الغرفة. ووسط ضغوط دولية للتوصل الى اتفاق - بعد انتهاء المهلة النهائية التي حددها مجلس الامن الدولي يوم السبت-- امضى الوفدان المفاوضان اليوم وهما يسعيان لتقريب مواقفهما بمساعدة الوسطاء. ومن بين العقبات الرئيسية في المحادثات منطقة الميل-14 الحدودية المتنازع عليها. وكان وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين قال عن هذه المنطقة انها "منطقة سودانية ولن يتم المساومة بشانها"، طبقا لمركز الاعلام السوداني المقرب من الاجهزة الامنية. والاثنين ذكر العبيد مروح عضو الوفد السوداني اكد ان "تقدما تم احرازه" من دون ان يدلي بتفاصيل. وادلى وزير الاعلام في جنوب السودان بارنابا ماريال بنجامين بتصريحات مشابهة من جوبا. الا ان اعضاء الوفدين ابدوا تشاؤما حول فرص التوصل الى اتفاق، وقال دبلوماسيون انهم يستعدون لاحتمال ان تستمر المحادثات حتى نهاية الاسبوع. وبدأت المحادثات التي تجري بوساطة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية قبل عدة اشهر من انفصال جنوب السودان في تموز/يوليو 2011، عقب استفتاء بعد عقود من الحرب. ولا يزال على البلدين الاتفاق على تفاصيل الاتفاق النفطي وكذلك على وضع منطقة ابيي المتنازع عليها وعلى ترسيم الحدود واقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح. وتهدف هذه المنطقة الفاصلة الى منع تجدد المواجهات الحدودية وايضا الى قطع خطوط امدادات الحركات المتمردة الناشطة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق السودانيتين التي تتهم الخرطومجوبا بدعمها. وقد كثف المجتمع الدولي، الذي يشعر بقلق شديد من تحول الخلافات بين جوباوالخرطوم الى نزاع جديد واسع النطاق، ضغوطه على رئيسي الدولتين كي يتوصلا الى اتفاق نهائي بعد الاشتباكات الدامية التي اندلعت في اذار/مارس عندما سيطرت قوات الجنوب على حقل هجليج ما دفع الخرطوم الى شن غارات جوية على المنطقة. وانتهت السبت المهلة التي اعطاها الاتحاد الافريقي للبلدين والتي كان تم تمديدها بعد تجاوز موعدها الاصلي المحدد في 2 آب/اغسطس الماضي. ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون زعيمي البلدين الى معالجة الخلافات المتبقية بينهما "حتى تختتم القمة بنجاح يؤذن بنهاية عهد من النزاع". ورغم بطء التقدم، الا ان الجانبين بديا حريصان على انهاء النزاع والمازق المتعلق بتوقف انتاج النفط الذي يشل اقتصاد البلدين. ويجب ان يشتمل اي حل شامل على تسوية مسالة منطقة ابيي التي يزعم الطرفان احقيتهما فيها وتسيطر عليها حاليا قوات حفظ السلام الاثيوبية. ولكن وحتى بين اكثر الدبلوماسيين تفاؤلا، فان فرص تحقيق اختراق تبدو ضئيلة لحل الازمات الانسانية المتزايدة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق اللتين تعانيان من حرب اهلية. وفي مطلع اب/اغسطس توصلت الخرطوموجوبا الى اتفاق بشان النفط يشمل خاصة عودة نقل نفط جنوب السودان عبر خط انابيب الشمال وهو من المواضيع الشائكة بين البلدين الجارين. ومن المؤمل ان يتم في القمة وضع تفاصيل الاتفاق الذي يتناول كذلك رسوم تصدير النفط التي ستدفعها جنوب السودان المحرومة من اي منفذ على البحر لقاء نقل نفطها الخام عبر خطوط النفط السودانية الى البحر الاحمر. وقد ورث جنوب السودان 75% من نفط السودان بعد الانفصال لكنه يعتمد في تصديره على البنية التحتية للشمال. وتؤكد كل من جوباوالخرطوم منذ اشهر رغبتهما في السلام الا ان العديد من الاتفاقات الموقعة بالفعل وخاصة بشان المنطقة المنزوعة السلاح لم تطبق حتى الان كما جرى انتهاك عدة مواثيق بمنع الاعتداء. ومع ذلك فان البلدين في حاجة ماسة الى الاتفاق بعد ان ادى النزاع الى تدهور وضعهما الاقتصادي بشكل كبير وخاصة منذ ان اوقفت جوبا انتاجها النفطي في كانون الثاني/يناير احتجاجا على قيام الخرطوم باستقطاع جزء من نفطها مقابل نقله عبر اراضيها بسبب عدم وجود اتفاق على رسوم النقل.