قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.. مجلس الوزراء في أرقام    وزارة التعليم العالى: نحرص على إعداد جيل من الكوادر فى مجالات الأمن السيبرانى    بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة.. رفع الجلسات العامة ب«النواب» دون تحديد موعد عودتها    قطر تدين محاولة الاحتلال الصهيوني تصنيف "الأونروا" منظمة إرهابية    روسيا :كشف عملاء للمخابرات الأوكرانية يعدون لهجمات ضد أسطول البحر الأسود    تشكيل الحكومة الجديدة.. 5 أسباب ترجح كفة استمرار أشرف صبحي وزيرا للرياضة    رودري: اعتزال كروس يلهم الجميع    إحالة أوراق متهم في قضية مقتل اللواء نبيل فراج إلى المفتي    تعديل تركيب وامتداد مسير عدد من القطارات على خط «القاهرة / الإسماعيلية»والعكس بدءًا من السبت المقبل    ثقافة الإسكندرية تقدم "قميص السعادة" ضمن عروض مسرح الطفل    نتنياهو: الحرب فى غزة ستتوقف لإعادة المحتجزين ثم ستتبعها مناقشات أخرى    قناة الوثائقية تستعد لعرض فيلم «رحلة في عالم فيليني»    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    بقيمة 200 مليون يورو.. «النواب» يوافق على اتفاقية مع إسبانيا لتوريد قطارات «تالجو»    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    تعرف على موعد حفل زفاف جميلة عوض على المونتير أحمد حافظ (خاص)    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    بنك القاهرة: 2.7 مليار جنيه قيمة التعاملات عبر محفظة القاهرة كاش بنهاية مارس 2024    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    حالات وإجراءات تأجيل امتحانات الثانوية العامة 2024 للدور الثانى بالدرجة الفعلية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام على حكومة المالكي.. ماذا تحقق؟الحلقه الثانيه
نشر في أخبار مصر يوم 15 - 06 - 2007


نقلا عن القبس 15/6/2007
عاد المالكي الى بغداد مع وعود اميركية بمساعدته في رفع جاهزية قواته وتعزيز قدراتها في مواجهة الارهاب والعنف الطائفي، ووعود بدعم عسكري اميركي لخطته التي اسماها فيما بعد 'خطة فرض القانون' لاستعادة امن بغداد. وكانت انذاك خطة غير معلنة تحتاج الى صياغة متكاملة والى توفير امكانات كافية لتنفيذها. كما عاد بوعود بدعم اميركي على المستوى الاقليمي والدولي فيما يخص دول الجوار ودورها في الحفاظ على امن العراق. ومايخص الدعم الاقتصادي ومايتعلق باطفاء الديون.
لكن اهم الاجراءات التي نفذتها الادارة الاميركية بعد عودة المالكي من عمان كانت تغيرات عسكرية داخل قواتها العاملة في العراق وتعيين روبرت غيتس وزيرا جديدا خلفا لرامسفيلد الذي اقيل بسبب فشله في العراق.
وارسل بوش وزير دفاعه الجديد (غيتس) الى بغداد بعد 20 يوما من اجتماع عمان ليجتمع بالمالكي وبالمسؤوليين الاخرين ومع جنوده وضباطه لتشكيل تصور عما يمكن عمله لاحلال الامن في بغداد قبل ان يتسلم بوش تقرير لجنة بيكر حول الوضع في العراق، وكان التقرير قد صدر قبل عشرة ايام من زيارة غيتس لبغداد.
إعدام صدام
في 5 نوفمبر 2006 اصدرت المحكمة الجنائية العليا قراراها بادانة الرئيس العراقي السابق صدام حسين والحكم عليه بالاعدام شنقا حتى الموت، وكذلك على برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام وعلى عواد البندر رئيس محكمة الثورة ايام النظام السابق، كما حكمت بالسجن مدى الحياة على طه ياسين رمضان وقد استانف الادعاء العام الحكم على طه ياسين مطالبا بالاعدام له بدل السجن وقد حكمت محكمة الاستئناف باعدامه فيما بعد.
وجاء ت الاحكام بعد انتهاء المحاكمة في قضية الدجيل التي اتهم فيها صدام وستة من اعوانه بمن فيهم برزان وعواد بالضلوع في قتل 148 مواطنا من سكان الدجيل اعتقلوا اثر تنفيذ مؤامرة استهدفت اغتيال صدام حسين عام 1982 خطط لها حزب الدعوة انذاك لكنها لم تنجح.
وقد دامت المحاكمة 13 شهرا، من 19 اكتوبر 2005 تاريخ مثول صدام حسين امام المحكمة العراقية المختصة في محاكمة تم بثها تلفزيونيا واثارت اهتمام الملايين في جميع انحاء العالم. وكان صدام قد قبض عليه بتاريخ 15 ديسمبر 2003 بعد ان عثر عليه في حفرة باحدى المزارع في قضاء الدور بالقرب من تكريت مسقط رأسه.
وعلى مدى اكثر من عام تابع المشاهدون مجريات هذه المحاكمة التي بدا فيها صدام متحديا لقوانينها واجدا فيها الفرصة لخطاب سياسي ومداخلات تندد بشرعية المحكمة وشرعية الحكومة القائمة معتبرا اياها عميلة للاحتلال. وفيما وصف اعوان صدام المحكمة باسوأ الاوصاف، وصفها مراقبون محايدون بانها وفرت محاكمة عادلة للدكتاتور السابق والتي لم يكن صدام حسين يوفرها لضحاياه الذين اعدمهم من دون محاكمة عادلة. لكن بعض منظمات حقوق الانسان الدولية طعنت في عدالة المحكمة واتهمتها بعدم الحياد.
وقد سبق صدور الحكم باعدام الثلاثة (صدام برزان عواد) اجراءات امنية مشددة اتخذتها حكومة المالكي (4 نوفمبر2006) لمنع المظاهر المسلحة في بغداد. وتحسبا للطواريء عند صدور الحكم في اليوم التالي.
وصرح المالكي عشية صدور الاحكام متوقعا تنفيذ حكم الاعدام قبل نهاية عام 2006، وفعلا حدث التنفيذ فيما بعد في آخر يوم من ايام السنة مما اثار تساؤل المراقبين فيما اذا كان المالكي باعتباره المسؤول الاول في الحكومة قد اتخذ قراره بتنفيذ حكم الاعدام مسبقا؟
طريقة تنفيذ حكم الإعدام

كان الرأي العام في الشارع العراقي يعتقد ان اعدام صدام لن يحصل. ودارت اشاعات وتكهنات بان صدام حسين سيخرج بصفقة مع الاميركيين، او انهم اي الاميركيين لن يحكموا عليه بالاعدام وقد يكتفون بسجنه.
كما دارت اقاويل حول ماسيكشفه صدام من اسرار عن علاقاته السابقة مع اميركا. لكن مثل هذا الشيء لم يحصل ولم تكشف مجريات المحكمة عن اسرار دولية لها علاقة بتلك الاقاويل والتكهنات.
وفاجأت حكومة المالكي العراقيين في فجر يوم السبت 30 ديسمبر 2006 وفي صباح اول ايام العيد بتنفيذ حكم الاعدام بصدام حسين في مقر مديرية الاستخبارات العسكرية في الكاظمية.بعد ان وقع المالكي على قرار تنفيذ الاعدام بتفويض من رئيس الجمهورية الطالباني الذي لم يوقع على قرار الحكم كما نص على ذلك القانون، تجنبا للتورط بذلك، مبررا عدم المصادقة على الحكم بانه ملزم بعهد دولي سابق ينص على الغاء عقوبة الاعدام.
لقد تحمل المالكي باعتباره ايضا الامين العام لحزب الدعوة تاريخيا مسؤولية تنفيذ حكم القضاء بصدام حسين، في قضية كان طرفا فيها حزب الدعوة نفسه، لكن طريقة تنفيذ حكم الاعدام وتوقيته اثارا ضجة على المستويين الاقليمي والدولي اصبح فيها صدام ضحية بدلا من ان يكون مجرما وتحول في منطق المناهضين للاحتلال الاجنبي للعراق كبطل وشهيد واجه الموت بشجاعة دون التذكير بآلاف الجرائم التي ارتكبها هو ونظامه بحق الشعب العراقي.
وبدلا من ان تكسب حكومة المالكي من وراء تنفيذها للعدالة خسرت سمعتها كحكومة قادرة على احترام حقوق الانسان باهمالها القواعد النظامية القانونية في تنفيذ الاحكام، فمشاهد تنفيذ الحكم كانت غير سليمة من ناحية النظام والحفاظ على كرامة السجين واحترام انسانيته، حيث احاطت بصدام اثناء الشنق مجموعة من المسؤولين والمرافقين الحكوميين راحت تهتف هتافات طائفية وتردد شتائم نحو صدام حسين وهتافات دينية جعلت مشهد الاعدام وكأنه عملية انتقام طائفي من قبل الحكومة الشيعية ضد صدام السني!
وكان هذا التفسير هو الغالب في وسائل الاعلام العربية والاجنبية مما اضر بسمعة حكومة المالكي واجج المشاعر الطائفية والصراع المذهبي الذي يعاني منه العراق.
ورغم ان المالكي شجب واستنكر ماحصل، وشكل لجنة تحقيق بماجرى لمعرفة المسببين لهذه التجاوزات لم تنشر نتائج تحقيقها لغاية الان!! الا ان هذه الاجراءات لم تخفف من وطأة الحملة الاعلامية ضد حكومة المالكي والاتهامات بالطائفية الموجهة لها.
خطة لتهريب صدام غير ان معلومات تسربت لوسائل الاعلام من جهة الحكومة العراقية تقول ان المالكي كان يريد تنفيذ الحكم سريعا ودون تأجيل يوم وليلة 29 30 ديسمبرليقطع الطريق بذلك على محاولات كانت تستهدف انقاذ صدام ونقله الى الخارج. وتوافقت هذه المعلومات مع تصريحات ادلى بها الرئيس الطالباني في طهران اثناء زيارة كان يقوم بها لايران انذاك قال فيها:
'اننا استعجلنا بتنفيذ حكم الاعدام لان معلومات وصلتنا بوجود خطة لتهريب صدام الى خارج العراق'.
واكد المالكي هذه المعلومة في تصريحات اخرى مما اعطى انطباعا لدى وسائل الاعلام بوجود خطة لتهريب صدام دفعت المالكي للاسراع باعدامه، غير ان التصريحات حول هذا الامر لم تكن تخلو من تلميحات تتهم الاميركان بانهم وراء هذه الخطة وبوجود نوايا لديهم بنقل صدام الى الخارج، وان المالكي احبط هذه الخطة بعد ان شعر بها على حد قول وسائل الاعلام الحكومية.
وقد انتقد البيت الابيض طريقة اعدام صدام بعد يومين من العملية وعزز بذلك الانتقادات الموجهة لحكومة المالكي التي اعتبرت تنفيذ حكم الاعدام بصدام اجج المزيد من العنف في العراق وزاد من الانقسام الطائفي، لكن حكومة المالكي ردت على الجميع بانها نفذت العدالة وان السجل الاسود لنظام صدام يبرر اعدامه ولا يقلل من شأن الحكم العادل بحقه غير ان هذا الرد لم يقلل من وطاة الاتهام بالتقصير والخطأ بالتنفيذ على حكومة المالكي التي باتت تواجه تهمة الطائفية على المستويين الداخلي والخارجي.
خطة أمن بغداد بين المالكي وبوش
لعل خطة امن بغداد تعتبر اهم منجزات حكومة المالكي، لكنها بعد مرور اربعة اشهر على تنفيذها مازالت الشكوك تحيط بامكانات نجاح هذه الخطة. وهذا مايقلل من حجم المكاسب السياسية التي اراد المالكي تحقيقها من وراء خطته التي مازالت متعثرة امام تنامي العنف الطائفي الارهابي الذي يحيط بالعاصمة بغداد.
لقد فشلت ثلاث خطط امنية سابقة نفذتها القوات العراقية والاميركية المشتركة منها خطة او خطتان في الاشهر الاولى من حكومة المالكي التي اعترفت بفشلها جميعا، وانها وضعت خطة جديدة لتلافي الاخطاء والنواقص التي رافقت تلك الخطط. غير ان الفشل الذي تحدثت عنه حكومة المالكي لاعلاقة له فقط باداء اجهزتها الضعيف اوقلة امكانات وخبرة قواتها المسلحة المخترقة من قبل الميليشيات، انما يعود ايضا الى تنامي قدرات الارهاب والجماعات المسلحة وانفراد الميليشيات بالتحكم باحياء بغداد حتى وصل الامر الى شعور عام لدى المسؤولين وغير المسؤولين بان بغداد باتت تحت سيطرة الجماعات المسلحة ليلا وجزء من النهار ايضا، وان اكثر من 500 منطقة في بغداد تشهد عنفا وتدهورا امنيا خارج سيطرة الحكومة.
وكان هذا الوضع يتمثل في صورة واضحة في شهري نوفمبر ديسمبر عام 2006 بعد مرور 7 اشهر على حكومة المالكي. واضطر المالكي الى ان يجعل موضوع 'استعادة امن بغداد' على رأس الموضوعات التي بحثها مع الرئيس الاميركي بوش في لقاء عمان. عارضا في ذاك الاجتماع الحاجة الى توفير القدرات العسكرية والتأهيلية للقوات الحكومية لكي تكون قادرة على انقاذ بغداد من السقوط بايدي الجماعات المسلحة.
وقد تفهم بوش احتياجات المالكي الامنية ومايطلبه من دعم لوجستي من القوات الاميركية، وتفهم ايضا تذمره من انعدام التنسيق بين حكومته وبين القيادات العسكرية للجيش الاميركي في بغداد. وما ساعد على هذا الفهم المشترك كون الرئيس الاميركي كان قد اتخذ قرارا لم يعلنه بعد كما نصحه قادته العسكريون يقضي بارسال قوات اضافية وتحويل قوات متباعدة عن بغداد وزجها في الخطة الامنية التي وضعتها حكومة المالكي لاستعادة امن العاصمة.
غير ان بوش لم يكن راغبا في التصريح بما توصل الية من قناعات لانه كان ينتظر اطلاق تقرير لجنة بيكر هاملتن الذي كان يتوقع ان يتضمن افكارا متجانسة مع قناعاته، لكنه حين استلم التقرير فيما بعد وجده على خلاف مع قناعته تلك لا سيما ان التقرير يشدد على ضرورة سحب القوات وفق جدول زمني بعد تأهيل جيد للقوات العراقية ويرفض ارسال قوات اضافية. ولهذا ارسل بوش وزير دفاعه الجديد(روبرت غيتس) لبغداد ليتحدث مع المالكي ويأخذ رأي الضباط والجنود حول فكرة ارسال قوات اضافية لاستعادة امن بغداد.
أزمة إنعدام الثقة مع بوش وانتظر المالكي بعد اجتماع عمان تنفيذ الوعود التي ازجاها بوش له، وهذا الانتظار تسبب في تأجيل تنفيذ
الخطة لعدم توافر الامكانات الكافية لها. وكان الرئيس بوش انذاك يعيش دوامة اتخاذ القرار بعد صدور تقرير لجنة بيكر هاملتن وينتظر هو الاخر هدوء العاصفة التي اثارها التقرير ومن وراءه الديموقراطيون، معلنا في وسائل الاعلام في كل اسبوع انه يدرس الآن كل الخيارات ويعد استراتيجية جديدة في العراق.
لكن بوش لم تكن لديه استراتيجية جديدة غير استنفاد الوقت في التصريحات العمومية وقرار مضمر بارسال قوات اضافية اثار ضجة معارضة ضده فيما بعد.
غير ان فترة الانتظار الممل دفعت المالكي الى شن هجوم على بوش واصفا اياه (بالشخص الضعيف، محملا السياسة الاميركة مسؤولية تنامي العنف في العراق لانها لم تف بالتزاماتها وبتزويد القوات العراقية بالاسلحة والقدرات اللوجستية اللازمة مما ادى الى سقوط ضحايا)وكان المالكي قد شن هذا الهجوم غير المسبوق على بوش والذي فاجأ به الجميع عندما قال لصحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية:
'ان الرئيس بوش لم يكن يوما بالضعف الذي هو عليه الآن'
واعقب ذلك بحديث له في صحيفة التايمز البريطانية انتقد فيه ادارة بوش قائلا:
'انهم اي الاميركيون لم يزودوا القوات العراقية بالاسلحة مما ادى الى سقوط ضحايا كثيرة'، وقد حظيت انتقادات المالكي لبوش بضجة اعلامية في واشنطن. وراح الصحافيون يستفسرون من الناطق الرسمي للبيت الابيض (طوني سنو) عن خلفية هذه التصريحات. ووصفتها الصحافة في واشنطن بانها 'بداية حرب الاتهامات بين الرجلين'. وراح البعض هناك يصف هذه الانتقادات بانها خطوة (انتهازية) من المالكي نحو الديموقراطيين لارضائهم وكسب ودهم واستخدامهم للضغط على ادارة بوش، فيما وصفها البعض الاخر بانها محاولة من المالكي المتهم بالعمالة للاميركان لكي يظهر هو وحكومته امام الشعب العراقي بمظهر المستقل الممسك بزمام الامور.
ردود فعل بوش ورسالته للمالكي غير ان بوش اظهر برودا شديدا ازاء هذه التصريحات واعتبرها صادرة من شخص 'حريص سينفذ مايريده الاميركيون' وهي عبارة تنطوي على رد جميل على المالكي لكنه ينطوي على الحط من مكانته كحاكم مستقل، وكأنه يقول له: 'لاتغضب فاننا نقدر حرصك على تنفيذ مانطلبه منك'.
وقال الناطق الرسمي للبيت الابيض للصحافيين ناقلا جواب الرئيس:
'ان تصريحات المالكي مؤشر اضافي الى اننا امام شخص ينوي تحمل مسؤولياته جديا حين يتصل الامر بالامن في العراق'
البيت الأبيض: لن نقدم وجبة غداء مجانية للحكومة العراقية ولم تكتف الادارة الاميركية بذلك لتنبيه المالكي بالحدود المتاحة له، انما سمحت لمسؤول اميركي لم يعلن عن نفسه (وقد يكون السفير االاميركي في بغداد زلماي خليل زاد) ليصرح لوسائل الاعلام قائلا:
'ان واشنطن لن تقدم وجبة غداء مجانية للحكومة العراقية وان عليها الوفاء بالتزاماتها' واعقب ذلك بالقول:
'ان اعطاء المزيد من الصلاحيات الامنية لحكومة المالكي يرتبط بشكل مباشر مع احرازها تقدما في الوصول الى حل سياسي مع مختلف الاطراف العراقية' ثم اكد قائلا:
'ان تصريحات الرئيس بوش المنتقدة للمالكي تؤكد جدية واشنطن في تطبيق استراتيجيتها الجديدة في العراق وان المهلة غير مفتوحة لاي طرف لتحمل المسؤلية'.
وقد ارادت واشنطن ان تقول للمالكي شيئين في هذه الرسالة:
اولا: ان خطتك الامنية وتجهيز قواتك وتأهيلها تسليحا وتدريبا يرتبط بما تحرزه من تقدم على صعيد المصالحة مع جميع القوى السياسية بمن فيها البعثيون وجماعات النظام السابقثانيا: ان بقاءك في السلطة ليس زمنا مفتوحا (مهلة) مفتوحة لك من دون ان تؤكد انك تتحمل المسؤوليةإعلان الخطة وماشابها من اخطاء
في الرابع عشر من فبراير الماضي 2007 اعلن المالكي البدء بتنفيذ خطة امن بغداد التي اسماها (خطة فرض القانون) بعد شهرين من الحديث عنها والتلويح باهميتها والقول بامكاناتها الكبيرة قبل انطلاقها. مما اتاح للجماعات الارهابية والميليشيات المسلحة ان تملك الوقت الكافي لاتخاذ احتياطات وتدابير احترازية وان تغير اماكنها ووسائل عملها ويتخذ قسم كبيرمنها معاقل جديدة في المحافظات المجاورة لبغداد.
وحسب رأي المراقبين فان الاعلان المستفيض عن الخطة مسبقا من قبل حكومة المالكي اضعفها وقلل من جدواها بما اتاح من معلومات عنها للطرف الاخر المستهدف ولم يكن هذا الانتقاد الوحيد الذي وجه لخطة امن بغداد انما هناك ملاحظات عدة قيلت عنها منها انها خطة تفتقر إلى الدعم السياسي الكافي. فالعملية السياسية في البلد كانت ومازالت تشهد انقساما كبيرا وعدم توافق على ادارة الدولة، فيما اصبح مشروع المصالحة الوطنية متباطئا ولم يحقق خطوات جادة الى الأمام.
ورغم وجود مشاركة سياسية في الحكومة والبرلمان من قبل المكونات السياسية المتصارعة على السلطة فإن هذه المشاركة لم تكن تكفي لحماية ودعم مشروع امني كبير يخص جميع اطراف المجتمع مثل (الخطة الامنية).
لذلك تعرضت الخطة الى انتقادات كثيرة وتم التركيز في الكلام حولها على جانبها الطائفي والخشية من ان تكون موجهة ضد طائفة او اخرى. لكن رئيس الوزراء العراقي الذي خصص اوقاتا كثيرة للدفاع عنها طمأن المواطنين بأن الخطة تستهدف الخارجين على القانون ان كانوا شيعة او سنة، وانها (اي قوات الخطة) لن تتصرف بروح طائفية انما ستحمي الجميع وستضرب كل مخالف للقانون من دون اعتبار لانتمائه الطائفي.
ولان الشارع السياسي العراقي بات حساسا نتيجة الاجواء الطائفية السائدة في البلد، فان مكان اعلان الخطة حيث اعلنها المالكي عزز الشكوك حولها من الطائفة السنية.
فلقد اختار المالكي مدينة كربلاء المقدسة عند الشيعة لاعلان الخطة الامنية ملقيا خطابا حماسيا هناك لايخلو من تهديد لكل من يقف بوجه خطته الامنية قائلا:
'ان حكومته مصممة على تطبيق هذه الخطة الجديدة.. ,ان خطة محاربة الفساد والمفسدين ستظل مفتوحة تماما كالحرب مع الارهاب'
كانت عبارته الاخيرة مستمدة من قاموس الرئيس بوش (الحرب على الارهاب حرب مفتوحة).
وكأنه اراد ارسال رسالة لحليفه تقول انه متفق معه على (ان تكون خططهما مفتوحة من دون حدود زمنية لانها حرب على الارهاب بما في ذلك بقاء القوات في العراق) بعد كل هذا العرض الذي القى الاضواء على مسيرة حكومة المالكي خلال عام من ولايته اتضح للمراقبين ان المالكي اهتم بالعلاقات السياسية الداخلية والخارجية واهمل كثيرا الخدمات التي ينتظرها الشعب منه في مجالات الماء والكهرباء والصحة والتعليم والخدمات البلدية ومتابعة اداء المحافظات ومحاربة الفساد ووضع حلول لمشكلة البطالة وغير ذلك من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
وقد تعتبر حكومة المالكي هذا القول تجنيا على ادائها وتقوم المكاتب الاعلامية الكثيرة في حكومته بتعداد المنجزات الداخلية والمشاريع المنجزة ومنها اقرار الميزانية لعام 2007 وعقد العديد من مؤتمرات المصالحة الوطنية واعداد مشروع قانون المساءلة والعدالة بديلا عن قانون اجتثاث البعث اضافة الى مشاريع في قطاع الخدمات.
وهذا لايمكن نكرانه، لكن الاهمال والفساد وانعدام التخطيط وفشل العديد من الوزراء في اداء مهماتهم هو اكبر بكثير مما تحقق، وهذا جاء باعتراف المالكي امام البرلمان حين اعلن عن رغبته باقالة ثلث عدد الوزراء في حكومته واجراء تعديل وزاري مضى عليه اكثر من ثمانية اشهر ولم يتحقق لغاية الان.
إعلان تفاصيل الخطة
لقد تعلم المالكي واكتسب خبرة لابأس بها في التعامل مع الادارة الاميركية وبات يعرف مايرضيها ويرضيه ومايزعجها ويزعجه، لذلك جاءت خطاباته في الاشهر الاربعة الاخيرة من عام ولايته منضبطة تماما مع الوضع النفسي للسياسة الاميركية.
وحال الاعلان عن الخطة من قبل المالكي اعلن مسؤول في وزارة الداخلية عن اغلاق الحدود البرية مع سوريا وايران لمدة 72 ساعة. فيما اعلن قائد العمليات اللواء عبود قنبر الذي انيطت به قيادة تنفيذ الخطة من خلال شاشة التلفزيون العراقي معلومات عن الخطة للمواطنين وتخويل قوات الدفاع والداخلية صلاحيات واسعة وزيادة ساعات منع التجوال في منطقة بغداد ليكون المنع من الساعة الثامنة مساء الى السادسة صباحا. وشملت القرارات ايضا منع حمل السلاح والغاء تراخيص حمل الاسلحة ماعدا اشخاص القوات الاجنبية والحراسات الامنية وقوات الدفاع والداخلية.
وتم تقسيم بغداد الى 10 مناطق، ووضع على كل منطقة قائد عسكري مع قوة تابعة له. واعطيت لقوات الداخلية والدفاع صلاحيات الاستجواب والتفتيش والايقاف وفرض القيود الضرورية على كل الاماكن العامة والمراكز والمنشآت.
وتشكلت قوات لتنفيذ الخطة من 85 الف جندي منهم عراقيون واميركيون. بعدما اعلن الرئيس بوش اخيرا ارسال قوات اضافية قوامها 21الفا و500 جندي اميركي منهم 4 الاف الى الانبار. ثم اعقب ذلك بقرار جعل القوات الاضافية 35 الفا..
هل حققت الخطة أهدافها؟
من المصادفات المهمة ان يصدر تقرير اميركي يقيم خطة امن بغداد في اليوم الذي يكون فيه قد مرعام على حكومة المالكي. ونشر التقرير بهذه المناسبة قد يكون من باب الصدفة. غير ان التقرير بعد مرور 4 اشهر على خطة امن بغداد كشف انها مازالت بعيدة عن اهدافها وانها لم تسيطر الا على ثلث مساحة بغداد وانها حققت نفوذا امنيا في 146 حيا من مجموع 456، اي مازال هناك 310 من احياء بغداد خارج سيطرة القوات العراقية والاميركية المشتركة.
ويكشف التقرير عن ضعف اداء القوات الحكومية ويأس الاميركيين منها ووجود اختراقات طائفية لوسائل تنفيذ الخطة والاساليب التي تتبعها الجماعات المسلحة مثل اسلوب الكر والفر في المناطق مما يجعل فرض الامن والقانون وقتيا في العديد من المناطق.
ومن الانصاف القول ان الخطة تمكنت من تحقيق بعض المنجزات الامنية واجهزت على اوكار ارهابية وقتلت واعتقلت الكثيرمن عناصر الشبكات الارهابية وتمكنت من كشف خريطة الجماعات المسلحة في بعض المناطق، وعطلت خطط العديد من الميليشيات وحققت امنا نسبيا في بعض احياء بغداد، غير ان كل هذه المنجزات لم تعد ترقى الى مستوى النجاح المطلوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.