لم نكد نفيق من صدمة ذلك الفيلم الأمريكي الحقير الذي يسئ إلى نبينا الكريم ويستهدف اشعال الفتنة وضرب الوحدة المصرية، حتى جاءتنا صفعة أخرى من فرنسا حيث نشرت احدى المجلات رسوما كاريكاتورية تمثل حلقة جديدة في مسلسل الإساءة لخاتم المرسلين، وقبل أن نتحدث عن ضرورة وحتمية مراجعة ردود افعالنا إزاء أولئك المضللين المتآمرين. علينا أن نتوقف أمام جذور العداء للإسلام والمسلمين، وكيف تطورت صناعة الكراهية لنا حتى اتخذت شكل "الاسلامو فوبيا"، فمن يقرأ التاريخ جيدا يعلم أن ثمة جذورا معروفة لهذا العداء الذي تزايد مع هجرة اعداد من المسلمين إلى الغرب، ثم قيام الثورة الايرانية بوجهها الديني المتشدد، إلى جانب بعض عمليات خطف الطائرات من اجل لفت الأنظار إلى القضية الفلسطينية، وهكذا ظهر ما يسمى التحالف الثلاثي الذي يضم اليمين الأمريكي والغربي الموالي علنا لإسرائيل، والجماعات المسيحية المحافظة، وتصاعد نشاط هذا التحالف في العقدين الأول والثاني من القرن العشرين، وساعدهم بعد ذلك ما ارتكبه تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر بضرب برجي التجارة العالمي، وخروج الأخ "بن لادن" بتلك التصريحات الخرقاء عن قيام عناصر القاعدة بارتكاب تلك الكارثة التي مازالت موضوع شكوك من الخبراء الذين يرون انها تمت بفعل فاعل من الموساد والمخابرات الامريكية، لكن التهمة التصقت بالمسلمين، مما ضاعف من فرص الاعداء المتربصين لكي يطلقوا سهام الخوف والكراهية نحو صدورنا وصوب ديننا ونبينا، وبدلا من ان نواجه تلك المخططات بالعقل والاسلوب الذي يفهمه المواطن الاوروبي والامريكي اكتفينا بردود الفعل الهوجاء غير المدروسة والتي اتسمت احيانا بالعصبية والعنف الذي بلغ حد محاولات اقتحام السفارات وقتل بعض الدبلوماسيين، وللأسف كان ذلك هو اقصى ما اراده اعداؤنا لكي يصعدوا من تشويه صورتنا ووصفنا بالغوغائيين الدمويين، ولعلنا نكون قد ادركنا خطورة وبشاعة ما اندفع اليه البعض، مما يستدعي الاسراع باعادة النظر في ردود افعالنا لترشيدها ووضعها في الاطار الصحيح فنلتزم تماما بالتظاهر السلمي الحضاري ونخاطب الآخرين بالاسلوب الذي يفهمونه سواء بالكتابات أو بالاعمال الدرامية التليفزيونية والسينمائية التي تجسد اعتدال وتحضر وسماحة الاسلام كما يقول القرآن الكريم "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" ويكفي مثلا ان نذكر قصة ذلك اليهودي الذي اعتاد ان يرمي القاذورات امام بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولما توقف عن فعل ذلك سأل عنه الرسول الكريم فعلم انه مريض، فذهب الى بيته ليعوده ويطمئن عليه، فأدرك ذلك اليهودي انها اخلاق الانبياء، ودخل الاسلام من اوسع ابوابه!! هكذا يكون ردنا على من تحركهم الاهواء والاغراض والاهداف المشبوهة، وهكذا نستطيع ان نكتسب تعاطف وتأييد المجتمع الدولي وندفع الأممالمتحدة إلى اصدار قانون يحرم ويجرم المساس بالأديان والاساءة الى رموزها، كما عبر عن ذلك فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في رسالته الى "بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة يدعوه فيها الى وضع قوانين تماثل قوانين تجريم المساس بالسامية والهولوكوست، وهما أقل بكثير من المساس برموز الدين الاسلامي وغيره من الأديان السماوية. نقلا عن جريدة الأخبار