أشاد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بالموقف الإنسانى للمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل تجاه الفارين من جحيم الحروب وويلاتها فى الشرق وتنديدها بالإسلاموفوبيا حينما قالت إن الإسلام جزء من ألمانيا. وقال الدكتور الطيب فى خطاب له فى البرلمان الألمانى "البوندستاج" إن الأزهر يقدر موقف ميركل, مؤكدا أنه ليس لديه أى انتماء سياسى أو توجه حزبى ولا يتبنى أية أيديولوجية من أيديولوجيات اليمين أو اليسار وأنما هو مسلم يسعي دائما فى البحث عن السلام وتمنيه لكل الناس مهما اختلفت أوطانهم وأجناسهم. وخاطب الإمام الأكبر مسلمى أوروبا قائلا "أنتم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطنى الأوروبى فحافظوا على تعاليم الإسلام وصورته السمحة، شارحا دور علماء الأزهر وكيف أنهم يواجهون الآن فى كل مكان الأفكار المغلوطة التى تحرف الدين وتستغله فى الدعوة إلى الفتنة المدمرة والداعية للدمار والخراب. كما تحدث الدكتور الطيب عن دور المرأة ومعاناتها ودورها المساند للرجل، مشيرا إلى أن معاناة المرأة فى الشرق الاوسط يعود إلى البعد عن حقيقة الاسلام وحديثه عن المرأة ودورها فى المجتمع. وأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أن المرأة فى شريعة الإسلام شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وبتعبير نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: النساء شقائق الرجال. وقال الدكتور الطيب إن التعددية بين الناس واختلافهم طبيعة قررها القرآن الكريم ورتب عليها قانون العلاقة الدولية فى الإسلام، وهو "التعارف" الذى يستلزم بالضرورة مبدأ الحوار، مع من نتفق، ومن نختلف معه نحتاجه حاليا للخروج من أزماتنا الخانقة. وأضاف "قد يتهامس البعض معترضا على ما أقول أو متسائلا مستنكرا ما سمع … ويقول إذا كان الإسلام والمسلمون بهذه الصورة الوردية المضيئة فكيف خرجت الحركات الدينية المسلحة من عباءة الإسلام والمسلمين مثل "داعش" وأخواتها. وتابع القول "إجابتى على هذا السؤال هي لو أن كل دين من الأديان السماوية تمت محاكمته بما يقترفه بعض أتباعه من جرائم والقتل والإبادة لما سلم دين من الأديان من تهمة العنف والإرهاب، ذلك أن الإرهابيين الذين يمارسون جرائمهم باسم الأديان لا يمثلون هذه الأديان بل هم فى حقيقة الأمر.. خائنون لأمانات الأديان التى يزعمون أنهم يقاتلون من أجلها. وأشار إلى أن هذا الإرهاب الذى نعانيه جميعا الآن أدانه العالم الإسلامى كله شعوبا وحكومات وأزهر وكنائس وجامعات ومفكرين ومثقفين وغيرهم، وعلينا جميعا مسلمين وغير مسلمين أن نقف صفا واحدا لمجابهة التطرف والإرهاب والظلم بجميع أشكاله وأن نبذل أقصى ما يمكن من أوجه التعاون من أجل القضاء على هذا الوباء القاتل. وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إن هناك الكثيرين فى الشرق العربى والإسلامى لا يعرفون من الغرب إلا سياسة الكيل بمكيالين وسياسة المصالح الخاصة التى لا تراعى مصالح الشعوب ويضربون من الأمثلة على ذلك ما حدث فى "العراق" و"ليبيا" وغيرهما ورسالتى إليكم أو رجائى الكبير هو أن تعملوا باهتمام على تغيير هذه النظرة القاتمة المتشائمة ولعلنا نبدأ معا صفحة جديدة نعمل فيها على ترسيخ السلام العالمي، وإخماد نيران الحروب ووقف شلالات الدماء والفرار من الأوطان وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا يضمن السلام والاستقرار فى المنطقة.وقال "فهذه يدى ممدودة إليكم للعمل سويا من أجل هذه الأهدف الإنسانية النبيلة.. فهل من مجيب؟. وأشار إلى أن الديمقراطية التى نتطلع لأن ترفرف أعلامها عالية خفاقة فى بلادنا العربية والإسلامية لا يمكن أن تتحقق بالحروب وصراع الحضارات والفوضى الخلاقة وأنهار الدماء وقعقعة السلاح بل بالتبادل الحضارى بيننا وبينكم والحوار المتكافئ غير المستبد وبرامج تبادل التعليم والصناعة والتكنولوجيا. وأوضح أن المسيحيين والمسلمين فى الشرق إخوة عاشوا معا على مدى قرون عديدة والجميع عازم على مواصلة العيش فى دولة وطنية تحقق المساواة وتحترم الحريات وأن التعرض للمسيحيين وغيرهم باسم الدين هو خروج عن تعاليم الإسلام وأن التهجير القسرى جريمة مستنكرة نجمع على إدانتها. وقال إن الأزهر ناشد المسيحيين أن يتجذروا فى أوطانهم حتى تزول موجة الإرهاب الذى نعانى منه جميعا، واليوم يدين الأزهر جميع الأعمال الوحشية التى يقترفها دعاة الإرهاب والتى كانت كوت ديفوار آخر مسارحها الكريهة، ولا يفوتنا هنا أن نعزى الشعب الألمانى فى ضحيتهم فى هذا الحادث المؤسف. وختم الدكتور الطيب خطابه قائلا: "مرة أoخرى أoكرر ما قلته آنفا من أن الأزهر إنما جاء ليمد يده إليكم وإلى الإتحاد الأوروبى من خلالكم.. من أجل ترسيخ علاقات الإخاء الإنساني والسلام العالمى بين الشرق والغرب بصفة عامة وبين الأزهر والمواطنين المسلمين فى أوروبا الذين أتوجه إليهم فى ختام كلمتى أمام هذا البرلمان العريق بأن يمثلوا النموذج الإنسانى الراقى للدين الإسلامى ولنبيهم الذى بعث رحمة للعالمين جميعا وليس للمسلمين وحدهم. وقال إن الأزهر مستعد لتقديم المناهج التى تعصمكم من الاستقطابات المنحرفة وتعينكم على تمثيل دينكم الإسلامى بحسبانه دينا صالحا للتعايش فى كل زمان ومكان. https://