اتصل في الفترة الأخيرة ما يقرب من عشر دول من منطقة الشرق الأوسط بالوكالة الطاقة الذرية الدولية في فيينا لمساعدتها على البدء في برامجها النووية الخاصة بها. وإذ يزداد الاهتمام بالطاقة النووية عالميا فإن هذا الاهتمام أصبح قويا جدا في الشرق الأوسط. قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الفترة الأخيرة لصحيفة هآرتز الإسرائيلية «القواعد تغيرت. سيصبح لدى الجميع برامج نووية». وتقول دول الشرق الأوسط إنها تريد الطاقة السلمية فقط. وقد يشعر بعضها بذلك لكن الحكومة الأميركية وبعض المحللين الخاصين يرون أن هذا التوجه هو من أجل مواجهة التهديد النووي الذي تشكله إيران حاليا. وقال مارك فيتزباتريك، من معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية إن هناك «خطر تحول إيران إلى دولة نووية ومصدر استفزاز للآخرين، لذلك فحينما تشاهد تطورا للقوة النووية في مكان آخر من المنطقة فإن ذلك يثير قدرا من القلق لدى الدول الأخرى». وتساءل بعض المحللين عن سبب احتياج بعض دول الخليج التي تمتلك نصف احتياطي النفط العالمي الطاقة النووية على الرغم من تكاليفها العالية. والجواب الذي قدمته هذه البلدان أنها تريد أن تستثمر من أجل المستقبل لليوم الذي تجف فيه مصادر النفط. لكن إيران التي أصبحت وبشكل متزايد أقوى فأقوى في المنطقة تحمل أهدافا أخرى غير هذه. وحذر مسؤولون من 21 دولة في داخل وحول الشرق الأوسط في مؤتمر جرى للقادة العرب في مارس الماضي من مسعى إيران لامتلاك تكنولوجيا الذرة إذ أن ذلك سيؤول إلى «سباق تسلح نووي تدميري وخطير في المنطقة». وفي واشنطن استثمر المسؤولون هناك هذه التطورات لرفع الضغط على إيران. وتحدث الرئيس بوش في جلسة خاصة مع خبراء في شؤون الشرق الأوسط حول مخاوفه من «القنبلة السنية» ومخاوفه هي أن دول الشرق الأوسط قد تتحول إلى الدولة السنية الوحيدة، باكستان، طلبا للمساعدة. مع ذلك، فإن هذا التخوف ظل مطروحا بصيغة حذرة. وفي مقابلة جرت مع مسؤول رفيع من إدارة واشنطن قال الاخير: «من الواضح أن جزءا من هذا الجهد هو لإرسال إشارة إلى إيران أن اثنين يمكنهما أن يلعبا هذه اللعبة. ومن بين البرامج غير الإيرانية لم أسمع أن إعادة معالجة وتخصيب ومواضيع من هذه ستكون موضع قلق بالنسبة لنا». وقال جفري كمب الخبير في مركز نيكسون في شؤون الشرق الأوسط: «هذا هو وقت القلق. وعلى الإيرانيين أن يتخوفوا ايضا. ففكرة أن يخرجوا كقوة محلية مسيطرة سخيفة. ستكون هناك ردود فعل جادة وبالتأكيد في مجال تحشيد الجيوش وفي اختبار الخيار النووي». وقال كريستيان كوتش مدير الدراسات الدولية في مركز أبحاث الخليج بدبي: «إذا وصلت الامور إلى نقطة الحسم ويصبح الخيار ما بين القنبلة النووية الإيرانية وضربة عسكرية أميركية فإن دول الخليج لا تمتلك أي خيار سوى دعم الولاياتالمتحدة». وقال علي رضا أسار، وهو مستشار نووي لوزارة الدفاع الايرانية انشق عن النظام، انه حضر اجتماعا سريا عام 1987 قال خلاله القائد العام للحرس الثوري الايراني ان على ايران ان تفعل كل ما هو ممكن لتحقيق النصر، ويتذكر ان أسار ان القائد العام للحرس الثوري الايراني قال على وجه التحديد ان «ايران في حاجة الى الحصول على كل المتطلبات الفنية اللازمة لإنتاج قنبلة نووية». ويعني ذلك ان ايران كانت تعمل سرا على مدى 18 عما قبل كشف النقاب عن برنامجها النووي عام 2003. وطبقا لتقديرات أجهزة استخبارات وخبراء نوويين، فإن ايران تحتاج الى زمن يتراوح بين عامين وعشرة أعوام لإنتاج قنبلة نووية باستخدام اليورانيوم. إلا ان ايران تقول ان تخصيبها لليورانيوم يرتبط باستخدامات سلمية والغرض منه تزويد المفاعلات بالوقود. تجدر الإشارة الى ان روبرت جوزيف، وكيل وزارة الخارجية السابق للحد من التسلح والأمن العالمي ومبعوث بوش حاليا في مجال الحد من الانتاج النووي، زار القاهرة في وقت سابق من العام الجاري. وطبقا لتصريحات شخصيات مطلعة أشار مسؤولون من وزارة الكهرباء الى ان مصر اذا كانت واثقة من امكانية تأمين وقود مفاعلات نووية، فإنها لن تكون راغبة في الاستثمار في العمليات المكلفة لإنتاج وقود نووي خاص بها، وهو الجانب الذي يخشى خبراء من ان يؤدي الى إنتاج ايران قنبلة نووية.