مؤتمر القاهرة للم شمل المعارضة السورية تحت سقف واحد، يقرأ من عنوانه. المعارضة معارضات، والخلافات بين أطرافها أشد قسوة من خلافها مع النظام، ولعل هذا ما يجعل الانتفاضة السورية أطول الثورات عمرا بين نظيراتها العربيات. الشتائم المتبادلة بين المعارضين سبقتهم الى قاعة المؤتمر، ولم تفلح كل أنواع الاغراءات في لجم الألسنة والصمت قليلا لإنجاح المناسبة. “الجيش السوري الحر" سارع الى وصف المنتدى بأنه “مؤامرة “ تنعقد عقب “القرارات الخطيرة لمؤتمر جنيف"، علما ان الصوت الاعلامي لهذا “الجيش" أقوى من فعله الميداني في الداخل، إذ يقال إن كل مجموعة مسلحة تفتح على حسابها تمويلا وتسليحا وامتدادات. أما “المجلس الوطني السوري" فيحضر شاكيا لانه لم ينل ما كان يتوقعه من هذا الاجتماع وحده الادنى التدخل الاجنبي لطي صفحة النظام الى الابد على الطريقة الليبية، يطالب بالحسم النهائي مع النظام ولايقبل بأي تنازل ولو شكليا لجمع صفوف الخارجين عن اطاره. دعك من الخصام او الفصام بين معارضات الداخل ومعارضات الخارج، فهذا وحده كفيل باحباط أفضل المؤتمرات مهما يكن إعداده جيدا ومقومات نجاحه متوافرة. فمن في الداخل لا يكف عن اتهام من في الخارج بالعمالة للأجانب، ومن في المنافي او فنادق العواصم لايتوقف عن وصم من هم في الوطن بالاستزلام لأجهزة النظام. في الاصل، هذه المعارضات خطوط متوازية لايمكن ان تلتقي عند نقطة واحدة. بعضها معارضة كيدية سقف مطالبها ان الله يحب العبيد، وبعضها الاخر معارضة من أجل المعارضة سفسطائية تتحدث عن مكامن الخلل ولا تعطي حلولا، وبعضها الثالث معارضة تتنظر الكسب وتنظر الى الوطن كسلطة ليس إلا ، وبعضها الرابع “موظف براتب" لدى النظام، ومثلها فئة خامسة تحركها “الهدايا" الخارجية. معارضة، أشكال وألوان، معارضة علمانية نخبوية تتكلم كثيرا ولاتملك قاعدة شعبية ذلك انها اعتادت ان تخاطب السلطة وليس الناس، ومعارضة دينية طائفية كانت تخيف الاقليات بشعاراتها وصارت مع الانتفاضة تؤكد خوفها بممارساتها. وحدها المعارضة الشعبية ولفيف المثقفين العضويين الملتصقين بقضايا شعبهم، تعبر عن أوجاع الناس ويدفعون الثمن والتضحيات، لكنهم مغلوبون على أمرهم ولا يسمع صوتهم في المنتديات والاعلام. عدد المؤتمرين الذين شاركوا في احتفالية القاهرة، 250 شخصية، لها 250 رأيا وموقفا، فكيف لها ان تتحد .. هذا هو سر قوة النظام وعلة تماسكه وبقائه حتى الآن. نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية