وضعت جماعة الاخوان المسلمين في مصر خطة ترتكز على اقتصاد السوق الحر وتعهدت بالتحرك بسرعة للتفاوض على قرض من صندوق النقد الدولي في حال شكلت حكومة بعد جولة الاعادة في انتخابات الرئاسة التي تجرى هذا الشهر. ويصور الخصوم الاخوان على أنهم تنظيم غامض هاجسه الدين لكن الخطة واسعة النطاق التي تم الكشف عن تفاصيلها خلال الحملة الانتخابية للجولة الاولي من انتخابات الرئاسة الشهر الماضي تكشف عن توجه عملي يمنح الاولوية للنمو الاقتصادي السريع على الايدلوجية. وسيواجه محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان أحمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك في جولة الاعادة يومي 16 و17 يونيو حزيران التي تتوج أول انتخابات نزيهة لرئاسة البلاد بعد 16 شهرا من تولي المجلس الاعلى للقوات المسلحة دفة الامور. ومنذ أن فاز الاخوان بغالبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي انتهت في يناير كانون الثاني الماضي وهم على خلاف مع الحكومة المؤقتة التي يدعمها الجيش مما عطل قرارات سياسية ملحة لانتشال الاقتصاد من حافة الازمة. وخلال السنوات الاخيرة من عمرها انتهجت حكومة مبارك سياسات اقتصاد السوق التي حققت نموا بنسبة سبعة في المئة لعدة سنوات الا أن الازمة الاقتصادية العالمية التي تفجرت عام 2008 اقتطعت نقطتين أو ثلاث نقاط مئوية من هذا النمو. الا ان هذا النمو لم ينعكس على الشعب وكان الرأي الشائع أن الثروات الجديدة تعود بالنفع بشكل غير متناسب على دائرة صغيرة من المقربين من الحكومة وعائلة الرئيس في حين أنها تتسبب في ارتفاع الاسعار وتضر بالفقراء. ولن يعالج فوز مرسي الانقسامات السياسية في مصر اذ يتشكك الليبراليون واليساريون وغيرهم في نوايا الاخوان المسلمين وقد يستغرق تشكيل الحكومة عدة أسابيع. أما العقبة الثانية فتتمثل في المهمة الصعبة لكتابة دستور جديد يحل محل الاعلان الدستوري المؤقت الذي يتسم بالغموض فيما يتعلق بتوزيع السلطات بين الرئيس والبرلمان. ومنذ أكثر من عام يضع الاخوان المسلمون برنامجا اقتصاديا واجتماعيا مفصلا تحت اسم مشروع النهضة. ويعد خيرت الشاطر الذي كان اختيار الجماعة الاول لمنصب الرئيس قبل أن تستبعده اللجنة العليا للانتخابات هو القوة المحركة لهذا المشروع. يقول الشاطر ان الحالة المؤسفة للاقتصاد المصري والديون الحكومية الثقيلة التي يقدرها بنحو 1140 مليار جنيه مصري - 189 مليار دولار - لا تتيح للبلاد أي خيار سوى الاعتماد على الشركات الخاصة ومستثمري القطاع الخاص. وقال الشاطر في أبريل نيسان ان هذه المسألة ليست اختيارية بالنسبة للمصريين في الفترة المقبلة وأضاف أن الاقتصاد المصري يجب أن يعتمد بدرجة كبيرة للغاية على القطاع الخاص وأن الاولوية ستكون للمستثمرين المصريين ثم العرب ثم الاجانب. وذكر أن البلاد بحاجة الى محطات كهرباء جديدة باهظة التكلفة لتلبي الطلب المتزايد على الكهرباء الى جانب محطات لمعالجة المياه وطرق وجسور. وتساءل من أين سيتم توفير الاموال اللازمة لتمويل هذه المشروعات. وأضعفت الانتفاضة المصرية الاقتصاد اذ أبعدت السياح والمستثمرين الاجانب ودفعت موظفي الحكومة للاضراب للمطالبة بزيادة الاجور. وانكمش الاقتصاد بنسبة 3ر4 بالمئة في الربع الاول من 2011 ثم استقر في الارباع الثلاثة التالية. واستنفدت الحكومة المؤقتة أكثر من نصف الاحتياطي الاجنبي للبلاد. واقترضت من أجل تمويل عجز الميزانية بأسعار فائدة متزايدة اذ بلغت قدرة البنوك المحلية على الاقراض حدودها القصوى. وسيحرص الاخوان المسلمون على بدء محادثات بشأن قرض من صندوق النقد في أقرب وقت ممكن. وقال عمرو أبو زيد أحد مستشاري التنمية لمشروع النهضة انهم يريدون البدء في المفاوضات مع الصندوق مؤكدا أنهم لا يعارضون التعامل معه لكنهم ضد غياب الشفافية من جانب الحكومة الحالية. وتابع قائلا ان الاخوان سيدرسون أيضا الاقتراض من البنك الدولي ولم يستبعد أن تسعى الجماعة للحصول على حزمة من صندوق النقد أكبر من القرض الذي تطلبه الحكومة الحالية والذي يبلغ حجمه 3.2 مليار دولار. وأضاف أبو زيد قائلا "سنتحرك سريعا لدينا مستوى عال جدا من الخبرات في أمور المالية العامة". وظهرت فكرة مشروع النهضة لدى الاخوان في أواخر التسعينيات حينما لم تكن أمامهم أي فرصة للوصول الى السلطة. لكن الجماعة بدأت بعد الانتفاضة التي أطاحت بمبارك التخطيط والعمل بجدية على الجانب الاقتصادي من المشروع في مارس اذار 2011. ويرأس الشاطر أمانة مشروع النهضة التي تشرف على مجموعة من فرق العمل تضم المئات من الخبراء -كثير منهم لا ينتمي للاخوان- يقومون برسم الخطط للعديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية ككل منها الامن والتعليم والصحة. وقال أشرف سري العضو في الامانة ان فرق مشروع النهضة قامت بزيارة أكثر من 25 دولة بينها سنغافورة وجنوب أفريقيا وبريطانيا. وافاد الشهر الماضي انه حتى عام 2011 كان أقصى ما يفعلونه هو صياغة أفكار لم يكن من الممكن تحويلها الى برنامج عملي أو واقعي لكن الفرصة سنحت بعد الثورة ليتحول المشروع الى واقع.