بعد ساعات قلائل - وربما بعد أيام لو كانت هناك جولة إعادة - سيتم الاعلان عن اسم رئيس مصر الجديد. هذا الرئيس - سييء الحظ - بعيدا عن اسمه وهويته وتوجهه هو رئيس كل المصريين.. هو الرئيس الذي اسفرت عنه صناديق الانتخابات الحقيقية التي طالما حلمنا بها. وتطلعنا إلى نتائجها بعيدا عن مافيا تزوير كل الانتخابات الذين ابتلينا بهم في مصر طوال عقود مضت. الرئيس الجديد الذي سيتم الاعلان عن اسمه هو رئيسنا جميعا.. رئيس لليبراليين والإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية وكل فئات الشعب المصري الذين اختلفوا حول شخصية الرئيس القادر على قيادة البلاد في هذه الظروف الصعبة. وتنافسوا في أكثر انتخابات شهدتها مصر في طوال تاريخها سخونة.. ونتائج الانتخابات حتى ولو لم تسفر عن الرئيس المقنع لكثير من المصريين لابد أن يتقبلها الجميع بصدر رحب وروح رياضية. *** حماية هذا الرئيس ليست مسئولية الحرس الجمهوري أو الجيش والشرطة فحسب بل حمايته مسئولية الشعب المصري كله فهو الرئيس الذي اختاره غالبية الشعب والتطاول عليه واهانته حتى ولو كنا مختلفين معه ولم يحظ بقبولنا وقناعتنا.. اهانة لمصر كلها واساءة لها في نظر شعوب العالم. في تونس التي اقتدنا بها في الثورة لم يرض كل التوانسة عن رئيسهم الجديد وحاول البعض في تونس الشقيقة اهانة رئيسهم والتطاول عليه بعبارات تحمل السخرية والتهكم فتصدى لهم عقلاء تونس واجبروهم على السكوت واحترام الرئيس. ونحن في مصر - للأسف الشديد - يقوم اعلامنا منذ فترة بشحن الشعب المصري مقدما للخروج على الرئيس من خلال نشر تهديدات لبعض الغوغائيين والمتطرفين الإسلاميين والليبراليين الذين لا يريدون لهذا الوطن أمنا ولا سلاما ولا استقرارا. حاول بعض الغوغائيين ارهاب الشعب والتأثير على قراره لكي ينصرف عن مرشح لا يريدونه ويذهب إلى آخر يرون مصالحهم معه وساعدهم الاعلام الفاسد على ذلك ليفسد علينا هذا العرس الديمقراطي الذي حلمنا به كثيرا. هؤلاء الذين يحرضون المصريين على رفض رئيسهم المنتخب يحملون حقدا دفينا لهذا الوطن.. هم لا يريدون استقرارا فقد استهوتهم حالة الفوضى وغياب الأمن وضياع هيبة الدولة في مواجهة البلطجية والمجرمين والخراب الاقتصادي وانهيار كل مؤسسات الدولة. الذين يحرضون على الرئيس الجديد خائنون للدين والوطن وينبغي ان يتم جمعهم والالقاء بهم في غياهب السجون ليعيشوا بعيدا عن الاعلام الفاسد المأجور وينالوا العقاب الرادع الذي يستحقونه.. فالتحريض على رفض نتائج الانتخابات اشاعة للفوضى ونشر للفساد واضرار بمصالح الوطن العليا.. وعقوبات الفوضويين والفاسدين والمأجورين يجب أن تكون رادعة. *** لقد اختنق الشعب المصري طوال عام ونصف العام من صور الفوضى والبلطجة وعاش - ومازال - في خوف ورعب بسبب انتشار قوافل البلطجية والمسجلين خطر في كل مكان وضاعت حقوق الاغلبية في ظل فوضى الاقلية الذين ابدعوا في قطع الطرق وتعطيل القطارات ووقف مصالح الناس وشجعوا الانتهازيين على الاحتجاج والابتزاز لينالوا ما يريدون من خزينة الدولة الخاوية. كان شعار الثورة منذ انطلاقها "عيش - حرية - عدالة اجتماعية" ولم يتحقق مطلب واحد من هذه المطالب حتى الآن بل انتقلنا من سييء إلى أسوأ ومن فساد إلى فساد ومن ديكتاتورية الحزب الوطني إلى ديكتاتورية جماعات دينية وسياسية.. وإلى جانب كل هذه المساوىء عم الانفلات الأمني والأخلاقي البلاد من اقصاها إلى اقصاها وانتشرت الاسلحة بكل اشكالها وانواعها في ايدي البلطجية وعصابات الاجرام!! في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها ينبغي ان نتناسى خلافاتنا وان نتخلص من حالة الفرقة والانقسام التي عشناها طوال الاسابيع الماضية حول هوية الرئيس الجديد.. واجبنا الآن ان نواجه - بكل شجاعة - المحرضين على الفوضى الذين لا يريدون لهذا الوطن أمنا ولا استقرارا. *** بالتأكيد الرئيس الجديد لن يحظ باجماع الشعب المصري.. فالإسلاميون وانصارهم في الشارع يريدون رئيسا اسلاميا وداخل دولة الاسلاميين خلاف وصراع حول هوية هذا الرئيس الاسلامي فالاخوان يرون انهم الأحق بمنصب الرئيس باعتبارهم اصحاب التيار الاسلامي لأكثر خبرة ونفوذا على الساحة السياسية المصرية والعربية والسلفيون يريدون للمرشح الذي دعموه وناصروه الفوز باعتبارهم اصحاب القاعدة الشعبية الأكبر على أرض الواقع ومن حقهم اختيار رئيس اسلامي بعيد عن عباءة الاخوان الذين استحوذوا على أغلبية مقاعد البرلمان ووضعوا ايديهم على النقابات المهنية والليبراليون لا يريدون رئيسا اسلاميا فقدوا ومعهم عدد كبير من افراد الشعب المصري الثقة في الاسلاميين بعد ان شاهدوا خلافاتهم وصراعاتهم واداءهم الضعيف داخل مجلس الشعب. كل هذا الانقسام الذي يعيشه المصريون ينبغي تجاوزه والتخلص منه بعد الاعلان عن اسم الرئيس الجديد ليس حرصا على شخص الرئيس ولكن حرصا على وحدة الوطن واستقراره وحتى لا يزداد الوضع الحالي أمنيا واقتصاديا واخلاقيا سوءا وتدهورا. نقلا عن جريدة الجمهورية