في اطار إدراك المركز المتميز للإقتصاد السعودي دوليا، باعتباره الإقتصاد الرابع والعشرين عالميا من حيث الناتج المحلي الاجمالي، فإن المصريين لهم دور غير قليل في تلك المكانة للإقتصاد، من خلال عمل نحو مليون ونصف المليون مصري، في العديد من الصناعات والخدمات بالمملكة. كما يساهم الإنفاق الإستهلاكي لهؤلاء جزئيا في تحريك السوق السعودية، كا أن لهم مدخرات في المصارف السعودية، وكذلك استثمارات مالية في البورصة السعودية خاصة من خلال صناديق الإستثمار السعودية. وفيما يخص التجارة السلعية مابين البلدين وحسب البيانات السعودية، فقد حققت المملكة فائضا تجاريا في تجارتها مع مصر بلغ 947 مليون دولار، كما تشير تلك البيانات السعودية الى تحقيق السعودية فائضا في تجارتها السلعية مع مصر، بالسنوات الخمس الممتدة من 2006 وحتى العام الأسبق بلغ 9 مليارات و288 مليون دولار. وفي مجال السياحة وفي اطار الحصة المتاحة للمصريين لأداء الحج يذهب أكثر من ستين ألف مصري الى السعودية، بخلاف من يحصلون على تأشيرات من بلدان أخرى وبخلاف من يؤدون الفريضة من المصريين المقيمين بالمملكة. إلى جانب رحلات أداء العمرة المتعددة التي يرتادها عشرات الآلاف من المصريين سنويا، بما هو معروف عنهم من سياحة المشتريات، بخلاف ما ينفقونه على أماكن الإعاشة والمواصلات والنقل الداخلي والخارجي. حتى أن البيانات السعودية تشير الى بلوغ المتحصلات من سياحة المصريين خلال عام 2009، نحو عشرة مليارات و755 مليون دولار خلال عام 2009 وحده، رغم انخفاض تلك المتحصلات من المصريين عما كانت عليه خلال عام 2008. وعندما يتحدث مسؤلون سعوديون عن تقديمهم لوديعة بالبنك المركزي بنحو مليار دولار لمدة ثماني سنوات، فمن المعروف أن الفائدة على الودائع بالجنيه المصري قد تخطت نسبة السبعة بالمائة، وتزيد عن ذلك فيما يخص شهادات الإيداع بالبنوك المصرية، مما يحقق للسعوديين عوائد تمثل أضعاف ما كان يمكنهم الحصول عليه في حالة إيداع تلك الأموال في البنوك الأوربية أو الأمريكية. ونفس الأمر مع تصريح المسئولين السعوديين عن اتجاههم لشراء أذون خزانة مصرية بنحو 750 مليون دولار، فإن العائد الذي تحققه أذون الخزانة المصرية بالجنيه حاليا قد تخطى نسبة 15%، كما بلغ العائد على أذون الخزانة بالدولار 3.8%، كذلك بلغ العائد على سندات الخزانة المصرية حسب الآجال المختلفة بين 16 و17%. ما نود أن نذكره أن العلاقة بين البلدين من الناحية الاقتصادية لا تسير في اتجاه واحد، ولكن العلاقات الاقتصادية تحقق منافع للطرفين، فإذا كانت هناك استثمارات سعودية في شكل شركات في مصر، فإن هناك أيضا استثمارات مصرية في شكل شركات بأراضي المملكة، وإذا كانت هناك استثمارات للسعوديين بالبورصة المصرية، فهناك أيضا استثمارات للمصريين بالبورصة السعودية. وإذا كانت هناك سياحة سعودية قادمة لمصر تتميز بالإنفاق الأكبر من السياحة الأوربية الواردة لمصر، فإن هناك سياحة مصرية تتجه للسعودية تتميز أيضا بالإنفاق الأعلى من جنسيات عربية وآسيوية وأفريقية أخرى. واذا كان المصريون العاملون بالسعودية يقومون بتحويل أموال إلى ذويهم في مصر، فإن هناك أيضا تحويلات تقوم بها المشروعات الإستثمارية السعودية الموجودة في مصر، وإذا كان هناك مئات الألوف من المصريين يعيشون بالسعودية، فإن هناك مئات الآلاف من السعوديين يعيشون في مصر، وحقق بعضهم مكاسب كبيرة من استثماراتهم في مصر خاصة في مجال الأراضي والعقار. ومن المهم أن نشير الى أن حجم الدين المصري الخارجي لصالح السعودية قد بلغ 308 ملايين دولار فقط في منتصف العام الأسبق، كما أننا نشتري ما نحصل عليه من مشتقات بترولية من الجانب السعودي، وإذا كانت هناك مساعدات سعودية لمصر فإن حجمها لا يقارن بما تحققه السعودية من فائض تجاري مع مصر. من كل ما سبق نؤكد استمرار العلاقة التاريخية مع السعودية، لوجود مصالح مشتركة سياسية واقتصادية بل واجتماعية في ظل حالات الزواج الكثيرة بين المصريين والسعوديين، مما يعزز موقفنا التفاوضي لضمان حقوق المصريين بالسعودية والسعي لإلغاء نظام الكفيل، خاصة أن العمالة المصرية هناك تحقق تجانسا وأمانا اجتماعيا لا يتحقق بنفس الدرجة مع العمالة الآسيوية. نقلا عن جريدة الأهرام