استدعى وزيرالخارجية المصرى – أحمد أبو الغيط - يوم الأحد السفير الإسرائيلى بالقاهرة – شالوم كوهين - حيث سلمه احتجاجاً رسمياً على التقرير الذى أذاعه التليفزيون الإسرائيلى مؤخراً والذى يُشير إلى قيام الجيش الإسرائيلى بقتل 250 أسيراً مصرياً وللإعراب عن الإستنكار الشديد لهذه الجريمة ، وإبلاغه كذلك بضرورة قيام الجانب الإسرائيلى بتقديم إيضاحات حول ملابسات " الوقائع " التى تضمنها التقرير، وبأهمية الحصول على نسخة من الفيلم من الحكومة الإسرائيلية . وأكدت الخارجية المصرية ، فى بيان لها يوم الاثنين ، أهمية قيام إسرائيل بموافاتها بتفاصيل هذه الجريمة ، التى تردد أن بنيامين بن أيعازر وزير البنية التحتية الإسرائيلى الحالى ، كان قائد الوحدة العسكرية التى قامت بقتل الأسرى المصريين ، والذى كان يخدم فى لواء عُرف باسم " لواء شاكيد " خلال حرب يونيو 1967 ، وقالت إن مثل تلك " الأعمال النكراء " تؤدى إلى تغذية مشاعر الكراهية تجاه إسرائيل التى تواصل أعمالها العدوانية اليومية على الشعب الفلسطينى ، مؤكدا على أن مثل هذا الأمر يُعد بالغ الحساسية ، ولا يمكن لأحد غض الطرف عنه ، لاسيما أن مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ، كما طالبت الخارجية المصرية من السفير كوهين ، نقل تخوفها إلى الجانب الإسرائيلى من عواقب التهاون مع هذا الحدث ، وضرورة التحقق من الأمر ، فى ضوء المعلومات الجديدة والشهادات التى تم الكشف عنها من خلال البرنامج الوثائقى التليفزيونى ، وتقديم المتهمين إلى المحاكمة. وفى رد فعل من جانبه بعد إذاعة التقرير ، أرجأ بن أليعازر إلى أجل غير مسمى زيارة كانت مقررة إلى مصر الخميس تتعلق بمسألة استيراد إسرائيل الغاز الطبيعى ، على ضوء الجدل الذى تشهده القاهرة حالياً بشأن الأسرى المصريين . وفى بيان اسرائيلى حول قضية الفيلم الوثائقى كشف وفقاً لتقارير إعلامية أن وحدة خاصة فى الجيش الإسرائيلى كان يقودها وزير البنية التحتية الحالى بنامين بن أليعازر قتلت 250 أسيراً مصرياً فى منطقة العريش ( شبه جزيرة سيناء ) بدلاً من نقلهم إلى معسكرات أسرى الحرب ، بينما نفى بن أليعازر هذه المعلومات وقال فى بيان : " الواقع أنه فى إحدى معارك تلك الحرب ، قتلنا عناصر من كتيبة للفدائيين الفلسطينيين كانت تشن هجمات على إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة ،وخصوصاً ضد الوحدة التى كنت أقودها"، وأكد أن هؤلاء الجنود لم يتم تصفيتهم كما ذكر – فى الوثائقى – بل قتلوا فى المعارك . وجاء أيضاً فى البيان الإسرائيلى .. وقد يكون سبب الالتباس أنه قبل يومين من المعارك المذكورة ، صادفت الوحدة " الإسرائيلية " كتيبة مصرية كانت توقفت عن القتال وبادر عناصر الوحدة إلى مساعدتها وتزويدها بالمواد الغذائية والمياه. من جهته قال مخرج الفيلم الوثائقى ران ادرليست أن التقارير المصرية أعطت صورة مشوهة عن عمله ، وأنه فى الوثائقى لم يكن الأمر يتعلق أبداً بقتل سجناء حرب ، إذ أن الجيش الإسرائيلى كان يقاتل فرقة كوماندوز فلسطينية لم تستسلم بعد ، لكنها كانت فى طريقها إلى ذلك ، وأضاف : " يمكن القول أنه كان هناك استعمال مفرط للقوة ، ولكنه لم يكن الأمر يتعلق بسجناء " . وكان النائب العربى فى الكنيست الإسرائيلى – عزمى بشارة – قد أشار فى بيان إلى أنه سبق وكشف عام 2001 عن تورط بن أليعازر فى مجزرة بحق الجنود المصرين عام 1967 ، وذلك استناداً لكتاب صدر عام 1994 بعنوان " كتاب شاكد " للمؤرخ أورى ميليشتاين ، وأشار بشارة إلى أن المؤرخ جمع شهادات تشير لتورط الوحدة التى كان يقودها بن أليعازر فى تصفية المئات من المصريين والفلسطينيين بعد انتهاء الحرب وبعد استسلامهم فى كثبان الصحراء بالقرب من العريش . وعلى صعيد ردود الفعل المصرية فقد أدت قضية كشف مقتل الأسرى المصريين فى حرب 1967 إلى غضب رسمى وشعبى فى البلاد وصلت حد مطالبة نواب فى البرلمان المصرى بإعلان الحرب على إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلى ، حيث أكد سلام الرقيعى النائب المستقل من شبه جزيرة سيناء : " أننا مازلنا نعثر على مقابر جماعية للجنود المصريين ، ومنذ شهرين استخرجنا رفاتاً لجنود مصريين عُزل ومدنيين من أبناء سيناء " . وأرجع نائب الحزب الحاكم – مصطفى الفقى – الذى يرأس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشعب المصرى إذاعة الفيلم إلى رغبة تل أبيب فى رفع معنويات مواطنيها ، وقال إن إسرائيل تتعمد تسريب معلومات مهمة هذا العام بقصد إعادة الثقة للشارع الإسرائيلى بعد اهتزازها فى حرب لبنان الأخيرة ، وأضاف أن الهدف من إذاعة الفيلم هو تخويف الجيوش العربية ، كما ذكر رئيس لجنة الشئون العربية – سعد الجمال – أن الفيلم يثبت انتهاك إسرائيل للقوانين الدولية ولا يساعد على بناء الثقة بين الشعوب ، وتساءل عن جدوى التطبيع معها .. ؟ أما رئيس لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى والسفير السابق لدى إسرائيل – محمد بسيونى – فقد أشار إلى أن وزارة الخارجية المصرية تدرس حالياً مضمون الفيلم وكافة المستندات والوثائق ذات الصلة للتأكد من وقوع الجريمة ، مُذكراً بأن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم أو بانقضاء مدة زمنية معينة ، ولم يستبعد بسيونى وجود أهداف داخلية من وراء إذاعة الشريط كتصفية حسابات بين الخصوم السياسيين الإسرائيليين أنفسهم ، وقال إن إسرائيل تعلم حرص مصر على التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية ، فما الداعى لهذا الاستفزاز الآن .. ؟ وعلى صعيد ردود الفعل والاحتجاجات الشعبية والرسمية أيضاً طالب النائب رجب هلال حميدة من حزب الغد دعوة قضائية أمام المحكمة الدولية بهذا الشأن ، خاصة أن المتهم الرئيسى فى القضية لا يزال حياً ويتولى منصباً رفيعاً بالحكومة الإسرائيلية ، وقال حميدة إن إسرائيل أرادت توجيه رسالة واضحة للقاهرة مفادها أن مصر التى تتزعم حملة عربية وإسلامية لمواجهة حفريات الأقصى ، هى نفسها عاجزة عن حماية حقوق ومكتسبات شهدائها فى الحرب ، وكذلك محاولة إخافة السلطات المصرية للتراجع عن محاكمة العطار المتهم فى قضية التجسس لصالح إسرائيل . ومن جانبه أكد النائب المستقل – مصطفى بكرى – أنه لا مجال للصدفة فيما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية الرسمية خاصة فيما يتعلق بمصر ، مُشيراً إلى أن إذاعة الفيلم تؤكد تصميم إسرائيل على إذلال المصريين والعرب وتوجيه الضربات لهم من كل اتجاه ، خاصة مع تصاعد الغضب الجماهيرى من أعمال الحفر والهدم الإسرائيلية قرب المسجد الأقصى . ومن هنا وهناك ومع أحداث استمرار سلسلة القمع التى تمارسها إسرائيل مع الشعب الفلسطينى ، ومواصلة تحديها لكل القوانين والشرائع الدولية خاصة فيما يتعلق بالحفريات بالمسجد الأقصى ومع استمرار توسيع نفوذها فى المنطقة فإن مواقف اسرائيل المدروسة والتى لا تأتى بالصدفة تؤكد بإن عرض الفيلم هو دخول اسرائيل مع مصر بداية جديدة فى العلاقات المصرية الإسرائيلية ، وعلى قادة إسرائيل أن يعرفوا جيداً ما هى مصر وما هى مكانتها .. سواء على الصعيد الرسمى أو الشعبى ...