أكدت دراسة عسكرية “إسرائيلية” جديدة أن ستة تحديات جديدة تواجه الكيان في حربه القادمة نتيجة تغير طبيعة الحروب تدريجيا منذ حرب اكتوبر/ تشرين الاول 1973 من حرب تقليدية بين دول إلى مواجهات محدودة بين دول ومنظمات. وكان رئيس المجلس الأمن القومي “الإسرائيلي” السابق الجنرال غيورا أيلاند أشار في دراسة ضمن العدد الجديد من نشرة المعهد لأبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب إلى أن عدد المواجهات المحدودة يفوق عدد الحروب التقليدية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. وأوضح آيلاند أن هناك اتساعا في ظاهرة الحروب بين الدول وبين منظمات “الإرهاب” والعصابات لافتا إلى أن قيادة الدول تخفق بشكل عام في فهم دلالات هذا التغيير وأنها تواصل رغم ذلك بالتعامل مع العدو بمعايير ليست ذات صلة. واعتبر آيلاند أن العدوان على لبنان واحتلال العراق يقدمان نموذجا على ما ذكر لافتا إلى مبادرة الرئيس الامريكي جورج بوش لمؤتمر صحافي قبل العام سوية مع قائد قواته في العراق معلنا تحسن الحالة الأمنية فيه استنادا إلى ازدياد عدد الفيالق العراقية القتالية. وأضاف “استخدم بوش في مؤتمره الصحافي مصطلحات تلائم الحروب العادية التي يمتلك فيها صاحب العدد الأكبر من الوحدات حظوظا أكبر للنصر علما أن البعد الكمي في العراق لا أهمية له مقارنة مع متغيرات أخرى أغفلها الرئيس”. وأشار آيلاند إلى أن “إسرائيل” تقع في ذات الخطأ ولفت إلى أنه شارك قبيل الحرب الثانية على لبنان في نقاشات داخل المؤسسة العسكرية حيث استكان المسؤولون إلى حقيقة أن “إسرائيل” تكرس ميزانيات أكبر مما تكرسه الجيوش العربية لكن المهم هنا أن الحزام الناسف الذي يستخدمه الانتحاري أقل بكثير من الميزانية المطلوبة لتحييده ومنعه وأضاف “ولذا فإن مصطلحات الكم في مثل هذه الحالة لا صلة لها”. وأكد آلاند أن الواقع الجديد الذي تواجهه “إسرائيل” اليوم يطرح أمامها ستة تحديات أولها يقضي بتحليل وتنسيق المتغيرات في حرب غير متوازنة تنشب في منطقة مأهولة. 1- وأوضح أن هناك بعدا سياسيا في هذا التحدي لافتا إلى تغير هوية العدو عدة مرات في المواجهات مع الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة وأضاف “في فترات معينة اعتبرنا قوات السلطة الفلسطينية حلفاء يحاربون الإرهاب لكنها أصبحت في أحيان أخرى هي العدو”. وأشار إلى أن “إسرائيل” ورّطت نفسها في الحرب اللبنانية الثانية ووثقت يديها بنفسها عندما رأت بالعدو حزب الله فقط لا لبنان كدولة راعية له. 2- أما التحدي الثاني بحسب الدراسة فيتّمثل بنظام العلاقات بين المؤسسة العسكرية وبين المستوى السياسي لافتا إلى أن التخاطب بين الطرفين في حالة الحروب غير المتكافئة أصعب مما تكون عليه في الحرب التقليدية حيث يمكن تحديد إحداثيات الانتصار وأضاف “في مثل حرب لبنان الثانية لا مجال لرئيس الوزراء أن يزعم بعد ثلاثة أسابيع على نشوبها أن الجيش لم يقدم له خططا عملياتية دون أن يصادق عليها”. 3- واعتبر آيلاند أن التحدي الثالث يتجسد بالحاجة بتغييرات تنظيمية وتراكمية معا نتيجة تغير الظروف الناجمة عن اختلاط الحرب بالسلام والتي تلزم بتوزيع جديد للصلاحيات والتنسيق بين جهات مختلفة. 4- وقال آيلاند إن التكنولوجيا تشكل التحدي الرابع وأوضح عدم أهمية الوسائل الحربية التكنولوجية المتطورة مقابل محاربين بواسطة الكلاشنيكوف والسكين والأحزمة الناسفة. 5- وأكد آيلاند على أن الإعلام وخاصة التلفاز يشكل تحديا خامسا أمام “إسرائيل” لافتا إلى أن هذه تأخرت في فهم قوة وسائل الإعلام المرئية في تحشيد الشرعية المحلية والدولية للمجهود الحربي المبذول ولإطالته وأضاف “بعد أحداث أكتوبر 2000 انفتح الجيش “الإسرائيلي” أكثر فأكثر على الإعلام لكنه لا يزال بعيدا عن الحالة المرجوة”. 6- أما التحدي السادس بموجب آيلاند فيتمثل بالحاجة لردم الهوة بين التوقعات من الجيش وبين قدرته على تنفيذ قدراته على الأرض.