الزمان: الجمعة الموافق 23 ديسمبر 2011 المكان: ميادين مصر المختلفة من التحرير الى العباسية وباقي الميادين الأخرى. المشهد الأول: ميدان التحرير وقد احتشد به الآلاف الرافضون للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وحكومة الجنزوري، والمطالبون بتسليم السلطة إلى مجلس رئاسي مدني، وتشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة الجنزوري تتولاها شخصية يختارها ميدان التحرير، باعتباره صاحب الشرعية الوحيدة في المجتمع. المشهد الثاني: ميدان العباسية وقد احتشد به الآلاف أيضا الرافضون لمطالب ميدان التحرير، والمطالبين ببقاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة حتى نهاية المرحلة الانتقالية، وكذلك الموافقة على حكومة الجنزوري، وإعطاؤها الفرصة الكافية لتنفيذ ماوعدت به من عودة الأمن ودوران عجلة الاقتصاد، مع تمكينها من دخولها مقرها الشرعي. المشهد الثالث: اعتكاف قوى تيار الاسلام السياسي عن المشاركة هنا أو هناك، وهو التيار الذي فاز بأغلبية كبيرة في الانتخابات، وصوت له الملايين في أول انتخابات برلمانية نزيهة منذ قيام ثورة يوليو 1952 بشهادة العالم، وبالتالي فهو التيار القادر على الحشد لو أراد لكي يخرج الملايين من مؤيديه سواء في هذا الميدان أو ذاك أو حتى في ميدان ثالث. المشهد الرابع: هجمة شرسة من وسائل الاعلام العالمية على مايحدث في مصر بدءا من مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ومرورا بوكالة الانباء العالمية رويترز، وانتهاء بصحيفة فانيانشال تايمز البريطانية، حيث وجهت كل هذه الوسائل الاعلامية العالمية انتقادات شديدة اللهجة لجميع أطراف اللعبة السياسية في مصر بحسب التقرير الرائع الذي نشرته صفحة الاسبوع العالمي بجريدة الاهرام صباح السبت 24 ديسمبر وقد طالت الانتقادات كلا من الثوار، مرورا بالاسلاميين، وانتهاء بالمجلس الاعلى للقوات المسلحة، على اعتبار أنهم جميعا يتحملون مسئولية المأزق الذي تشهده مصر، فميدان التحرير بحسب وصف ستيفن كوك في مجلة فورين بوليسي تحول إلى وحش فرانكنشتاين، حيث لا توجد قيادة، ولا قوة معنوية، ولا أي قضية مشتركة، وحمل كوك الجميع المؤسسة العسكرية. والمجموعة الثورية والاسلاميين والليبراليين مسئولية المأزق السياسي الذي تعاني منه مصر الآن، والإنهيار الاقتصادي الذي يهدد كيان الدولة. على الجانب الآخر شنت صحيفة فانيانشال تايمز البريطانية هجوما حادا على القنوات التليفزيونية المصرية الخاصة، مؤكدة أنها لاتعكس سوى مصالح وأيديوجيات أصحابها ومالكيها، سواء كانوا أشخاصا أو قوى سياسية، ووصفت الصحيفة برامج التوك شو بأنها أصبحت ساحات لكيل الاتهامات وتصفية الحسابات دون مراعاة للمعايير القانونية أو المهنية، حيث تحولت كل حادثة شهدتها مصر بعد الثورة إلى ساحة حرب بين الاعلام الرسمي والقنوات الخاصة، حيث يسارع الكل من أجل جذب الجمهور وفرض وجهة نظره بأي طريقة وبأي ثمن في محاولة لتصدر المشهد في مستقبل مصر ما بعد مبارك. هذه هي الحالة الموجودة في مصر الآن الكل على الحافة الآن ولابد من تحرك واع ومدروس لكي نتجاوز هذه المرحلة، بعد أن قطعنا مساحة كبيرة من المرحلة الانتقالية، ولم يعد يفصلنا عن انتهاء انتخابات مجلس الشعب سوى مرحلة واحدة، وتم الاتفاق على ضغط انتخابات الشورى على مرحلتين فقط، وقال الشعب كلمته في أول انتخابات حرة ونزيهة منذ 60 عاما بالتمام والكمال، غير ان هناك من يريد بحسن أو بسوء نية جر مصر إلى المربع صفر من جديد دون احترام لرغبات وآراء الشعب المصري. أعتقد أن بداية تحرك جهود الانقاذ تتركز في ضرورة احترام كل طرف للآخر، وأن يعي كل طرف ان هناك أطرافا أخرى قوية موجودة لا ينبغي تجاهلها ولابد من احترامها وتقدير مواقفها، حتى لو كان هناك اختلاف معها، ولابد للعباسية أن تحترم التحرير والعكس صحيح، والطرفان عليهما احترام التيار الثالث الذي لم ينزل وإلا فإن الطوفان قادم لامحالة. نقلا عن جريدة الأهرام