نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: البحر يغدر ب«فتيات الضيافة الجوية» في شاطئ أبو تلات.. وقرار عاجل بشأن مصطافي غرب    صور.. محافظ القاهرة يتفقد أعمال رفع كفاءة نفق شبرا    "الحياة والأمل".. قافلة إماراتية جديدة لدعم مستشفيات غزة    مصريون بهولندا يتصدون لعناصر الإرهابية أمام سفارتنا فى لاهاي.. فيديو    زلزال بقوة 6.0 درجات يضرب سواحل السلفادور    بعد سخرية مسؤول إيطالي من ماكرون.. باريس تستدعي سفيرة روما لديها    رسميًا.. الأهلي بطلًا للسوبر السعودي على حساب النصر    "مدير شؤون الكرة".. الاتحاد الليبي يعلن التعاقد مع نجم الزمالك السابق    تشابي ألونسو يعلن قائمة ريال مدريد ضد أوفييدو في الدوري الإسباني    فتاة بدأت سباق الموت.. منقذ شاطئ أبو تلات يكشف لحظة الغرق الجماعي بالإسكندرية -فيديو وصور    قصور الثقافة تطلق أسبوعا لتنمية مواهب الشباب على الحرف اليدوية بالإسماعيلية    إبرزهم لجنة أفلام كولومبيا.. تعرف على منافسي فيلم جاى ريتشي في جائزة LMGI    وزير الصحة الفلسطيني: أطباء غزة يعالجون المرضى وهم يعانون من الجوع والإرهاق    غدًا.. انطلاق ملتقى «دهب العربي» الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانًا    محافظ الغربية يفتتح قسم جراحة المخ والأعصاب بمستشفى كفر الزيات العام    «الصحة» تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات في يوليو 2025    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    وزير الصحة الفلسطيني: ما يحدث في غزة وصمة عار على جبين الإنسانية بأسرها    قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    "التنمية المحلية": انطلاق الأسبوع الثالث من الخطة التدريبية بسقارة غدًا -تفاصيل    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    تكريم الفنانة شيرين في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته ال41    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    ضبط وتحرير 18 محضرا فى حملة إشغالات بمركز البلينا فى سوهاج    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وثورة يوليو العربية
نشر في أخبار مصر يوم 23 - 07 - 2007


نقلا عن : جريدة اخبار الخليج 23/7/07
تحتفل مصر والعالم العربي اليوم بالعيد الخامس والخمسين لثورة 23 يوليو وهي الثورة التي أطلق عليها في البداية «الحركة المباركة«، ونظراً لضخامة إنجازاتها عبر مسيرتها الوطنية التي فاقت نصف قرن من الزمان، فقد أحاطت بعملية تقييم إنجازاتها اختلافات عديدة، وعلى الرغم من تعدد هذه الاختلافات فإنها لم تنعكس على الاعتراف بأنها كانت ولاتزال ثورة رائدة، بل ملهمة لغيرها من الثورات في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية.
كما أن هذه الاختلافات حول تقييم إنجازات الثورة وتوجهاتها لم تنعكس على هويتها العربية من ناحية، ولا على التزاماتها العربية عبر مسيرتها الوطنية من ناحية أخرى.. فقد حدد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قائد الثورة ومفجرها أولويات مصر في مؤلفه «فلسفة الثورة« عام 1954، في ثلاث دوائر متداخلة متحدة المركز وهى الدائرة العربية، وتليها الدائرة الإفريقية، وأخيراً الدائرة الإسلامية ليعكس بذلك عدة حقائق تاريخية، وجغرافية، وحضارية، واستراتيجية صلبة فرضتها ثوابت الجغرافيا، ومتغيرات التاريخ لتعبر عن مصالح حيوية ومصيرية مشتركة لطرفي المعادلة: مصر من جانب والعالم العربي من جانب آخر.
فانتماء مصر التاريخي والجغرافي والحضاري للأمة العربية على امتداد الوطن العربي من الخليج إلى المحيط أول الثوابت في هوية الإنسان المصري، ومقومات وجوده منذ فجر التاريخ، مما دفع الراحل الدكتور جمال حمدان الى أن يؤكد أنه إذا كانت مصر فرعونية الجد - كما يحلو للبعض أن يؤكد - فهي بكل تأكيد عربية الأب، وكل من الجد والأب - كما تؤكد شواهد الآثار المصرية الباقية إلى اليوم، وكذلك روايات التاريخ - ينتميان إلى أصل عربي مشترك، ومن هنا كان تأكيد ثورة 23 يوليو أن مصر عربية الجذور والقومية والخصائص.. فقد أخذت هوية الإنسان المصري في التبلور والوضوح حين عرف عروبته وأصالته فيها، وأن أجداده الذين شيدوا منذ آلاف السنين أول حضارة إنسانية متكاملة بعناصرها المادية ومعتقداتها الثقافية على أرض وادي النيل - وهي الحضارة التي مازالت تبهر العالم حتى الآن - هم عرب وفدوا من الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، على صورة موجات بشرية متتالية كفلت لمصر ومعها أرض الوطن العربي دماء عربية نقية ذكية منذ أقدم العصور، ترجع إلى عام 5291 قبل الميلاد.
وقد دعم تلك الروابط التاريخية البشرية صلة النسب التي قامت بين مصر وكل من نبي الله وخليله سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء عليه السلام، وكذلك الرسول الكريم محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، فلقد تزوج إبراهيم الخليل بالسيدة هاجر المصرية وهي إحدى بنات سيناء من قرية صغيرة يشهد اسمها على عروبة مصر منذ تلك المرحلة المبكرة من التاريخ ألا وهي قرية - أم العرب - الواقعة إلى الشرق من مدينة بورسعيد، وتدعمت هذه الصلة من النسب بين المصريين والأرومة الأولى للعروبة عندما أنجب الرسول الكريم محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - ولده إبراهيم من السيدة «ماريا« القبطية وهي إحدى بنات مصر من قرية «حفن« بالمنيا.
-2- وغدت مصر منذ فجر الإسلام وثيقة الارتباط بنبع العروبة، ليس من ناحية النسب فحسب، بل من ناحية العقيدة واللغة كذلك، فيروى عن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حديثه الشريف «إذا فتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لكم فيها نسباً وصهراً«، وقد حقق الفتح الإسلامي لمصر وصية الرسول الكريم، حيث وجدت مصر في الوافدين إليها من العرب المسلمين دماء جديدة توجتها العروبة الصريحة ليس في النسب من حيث عروبة الوجه واليد فحسب، بل كذلك عروبة اللسان، والمصالح والانضمام للأسرة العربية التي اتسع وطنها مع امتداد الإسلام من الخليج إلى المحيط.
ومنذ تلك اللحظة تقاسمت مصر حلو الحياة ومرها مع الأمة العربية حتى غدت «درع العروبة« حين خرجت الأساطيل المصرية تدافع عن القاعدة الأولى للعروبة وعن «الأمن العربي« في كل من الشام والعراق وبلاد العرب خلال حكم الخلفاء الراشدين ضد الروم البيزنطيين وضد أعداء الوطن، وتبلورت هذه الرسالة في العصر الحديث حينما دعت مصر الأمة العربية إلى صحوة تقف فيها على حقيقة مقوماتها وخصائصها ضد عدوان العثمانيين والأوروبيين على السواء.
وحملت مصر منذ القرن التاسع عشر عبء البعث العربي الذي أخذ يعيد الحياة إلى سائر أرجاء الوطن العربي وبعد أن كانت درع العروبة أضحت قلب العروبة النابض في العصر الحديث، ولم تنصرف عن رسالتها العربية وهي تناضل من أجل طرد الاحتلال البريطاني، فكانت مساندتها للبلاد العربية ضد الاستعمار الأوروبي ممثلاً في الغزو الإيطالي لليبيا عام 1911، ومساندة الشعب الفلسطيني ضد وعد بلفور عام 1917، ودعم الثورة الفلسطينية عام 1936، وهو الدور الذي جسدته ثورة يوليو 1952 بحق حينما أخذت على عاتقها تحرير ودعم استقلال الوطن العربي، وليس ما قامت به مصر في تحقيق استقلال ليبيا والسودان وتونس والجزائر والمغرب والصومال وموريتانيا والكويت وقطر والإمارات وعمان وجيبوتي إلا أبرز الأمثلة. وقد تأكد الدور المصري الداعم للقومية العربية والداعم للأمن العربي من جديد خلال حرب الخليج الأولى ثم حرب الخليج الثانية، والمشاركة في حرب تحرير الكويت والموقف المؤيد لوحدة العراق إقليميا وعضويا، وأن يقرر مصيره بنفسه، وكذا الموقف من الأزمة السودانية والقائم على وحدة الأراضي السودانية. وفي المقابل كانت الأمة العربية من الخليج إلى المحيط بمثابة الجسد لهذا القلب النابض، فالعلاقات بين الدول والشعوب العربية لم تكن ولن تكون أحادية الاتجاه، ولكن غاية ما في الأمر أن الدور المصري قد يبرز خلال مرحلة معينة من التاريخ مثل مرحلة تحقيق استقلال الدول العربية، في حين يبرز الدور العربي المساند لمصر في مرحلة أخرى مثلما حدث خلال حرب أكتوبر .1973
ومن ثم فإن الدعاوى التي تثار من آن لآخر لجذب مصر إلى إقليمية فرعونية أو إلى وحدة متوسطية، أو شرق أوسطية أو أفرو آسيوية، لا يمكن أن تكون في جميع الحالات بديلاً للهوية الأساسية لمصر وهي الهوية العربية التي اتخذتها ثورة يوليو 1952 نواة لتحركها السياسي، وهو ما يفسر أخذ مصر بزمام المبادرة في جميع القضايا الحيوية والمصيرية لتحقيق الأمن القومي العربي.
-3- إن استعراض الدور العربي لثورة 23 يوليو، ودورها في تنشيط العمل العربي المشترك، وتحرير الاقتصاد العربي وإبراز وتأكيد الشخصية العربية على الصعيدين القومي والدولي ودورها في المواجهة العربية الإسرائيلية، ومبادرة السلام التاريخية، وحل القضية الفلسطينية وصولاً إلى قيام دولة فلسطينية وتصفية الخلافات العربية، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الدور يستند إلى التمسك بعدة حقائق ثابتة يمكن إجمالها فيما يلي:
1- أن الدور الرائد لثورة يوليو في الحرب والسلام لم يكن نتيجة رغبة مصر في فرض الزعامة، بل أملته حتمية تنبع من وضع مصر الجيوبولتيكي والحضاري والتاريخي والبشري وهو الدور الذي تعزز بالفعل بقبول عربي وارتياح لهذا الدور.
2- أن الدول العربية استطاعت بمساندة ثورة يوليو أن تحافظ على هويتها وشخصيتها المستقلة وأن تقود غمار التنمية في محاولات الغزو العسكري والفكري والثقافي ووسط تيارات كانت تهب من الشرق والغرب على السواء.
3- أن أي خلافات مصرية عربية لم تكن سوى مرحلة عابرة في تاريخ علاقات ثورة يوليو العربية، وتمت تسويتها وبطرق سلمية وفي إطار عربي بفضل التشاور المستمر مع الدول العربية لتأكيد الفهم المشترك لأبعاد كل المشاكل والقضايا والاتفاق على سُبل حلها.
4- استناد ثورة يوليو إلى الشرعية الدولية والالتزام بسيادة القانون واحترام المواثيق والاتفاقيات الموقعة.
5- التمسك بالعمل على حل المنازعات بالطرق السلمية مثل التفاوض والتوفيق والتحكيم، وتأكيد أن القوات المسلحة المصرية تستهدف الحماية وليس الإغارة والعدوان.
6- التمسك بالحقوق العربية وتأييدها أمام المحافل الدولية والمنظمات الإقليمية وتأكيد أهمية العمل الدبلوماسي وتجنب اللجوء إلى استخدام القوة إلا عند الضرورة القصوى التي لا مناص منها.
7- تطبيق معاهدة الدفاع العربي المشترك بكل دقة وفقاً لأحكامها في الظروف والأحوال التي تقتضي ذلك صوناً للأمن القومي العربي.
8- الاستثمار الأمثل للإمكانات الضخمة المتوافرة للدول العربية التي جعلت من هذه الدول القوة العالمية السادسة بعد حرب أكتوبر 1973، وذلك لمواجهة الأزمات والمشكلات بروح من التعاون والإخاء إيماناً بوحدة المصير.
9- العمل على إقامة السوق العربية المشتركة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الإمكانيات الاقتصادية العربية في عالم يموج بالتكتلات الاقتصادية العملاقة. إننا جميعاً - أبناء الوطن العربي من الخليج إلى المحيط - إن جاز لنا أن نطلق وصفاً على ثورة يوليو ونحن نحتفل بعيدها الخامس والخمسين، وإن جاز لنا أن نختزلها في كلمة واحدة فمن المؤكد أننا لن نقول سوى ثورة يوليو «العربية«، فهي عربية المنبع وعربية المصب وعربية المسار، فتحية لكل من شارك فيها ولكل من قاد مسيرتها، ولكل من استظل بظلها وتحية لكل مؤمن بالمصير العربي الواحد في عالم جديد يعاد بناؤه على أسس جديدة تحتاج منا جميعا الى النظر صوب المستقبل وإدراك أبعاد المتغيرات للتعرف على سُبل التعامل معها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.