نظم مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية الأسبوع الماضي بكوريا الجنوبية وبالتعاون مع معهد "جيجو" الكوري للسلام ندوة نقاشية حول آفاق التعاون بين كوريا الجنوبية ودول مجلس التعاون الخليجي. الكوريون يرون التعاون معنا بشكل جماعي، وينظرون لنا في دول مجلس التعاون الخليجي كوحدة واحدة. شارك خليجيون من دول المجلس الست لعرض وجهات نظرهم كفريق واحد، وكان الشعور تلقائيّاً بين الفريق الخليجي بوحدتهم في مقابل الحوار والنقاش مع الآخر. التعاون مع كوريا مفيد لنا بالخليج من نواح عديدة، فهذا البلد العظيم استطاع أن يقفز قفزات هائلة وضعته بين مصاف عمالقة الاقتصاد العالمي العشرة، وقد لا يعلم البعض أن هذا البلد كان يعيش سكانه على المساعدات الغذائية التي تقدمها الأممالمتحدة والمنظمات الخيرية الإنسانية في حقبة الستينيات، أي أنه بلد فقير معدم دمرته الحروب، ونخره الفساد والفقر، إلى أن أمسك بمفتاح الحل السحري: التعليم النوعي! وبدأ قفزات هائلة في مجالات الاختراع والعلوم إلى أن تبوأت الصناعات الكورية مكانتها بين مصاف الدول المصدرة للسيارات والكهربائيات والإلكترونيات والسفن والبواخر العملاقة، وذلك بفضل التعليم ومحاربة الفساد. يكفي أن نعلم أن بكوريا الجنوبية اليوم 400 جامعة ببلد سكانه لا يتجاوز عددهم الخمسين مليوناً، بينما عدد جامعاتنا الخليجية أقل من عدد الجامعات في العاصمة سيئول وحدها (46 جامعة). الشاهد أن كوريا وأوروبا وشرق آسيا وجنوبها يتعاملون معنا في دول مجلس التعاون الخليجي كفريق واحد، لكن بعض ساستنا -هداهم الله- لا يزال يصر على تفرقة المواقف الخليجية، وعرقلة الخطوات الوحدوية التي طال انتظارها بين أهل الخليج ودوله. لكن مئات من المهتمين من أهل الخليج تنادوا والتقوا في المنامة بموعد تزامن صدفة مع ندوة كوريا، وجاء المهتمون الذين تجاوز عددهم الأربعمائة شخص من كافة دول مجلس التعاون الخليجي، وتناقشوا حول شعارين: الإصلاح والوحدة الخليجية. وخرجوا بتشكيل مؤتمر شعبي عام هدفة توسعة الالتفاف الشعبي الخليجي حول ضرورة الإسراع باتخاذ خطوات وحدوية خليجية في عالم يموج ويروج بالتقلبات السياسية والاقتصادية، ولا مكان فيه للدول الصغيرة. المشاركون في هذا المؤتمر تعددت مشاربهم وأهواؤهم السياسية، وسجل لمملكة البحرين أن فتحت الأبواب للجميع، وطرحت فيه آراء جريئة بكل حرية وشفافية. مؤتمر الوحدة الخليجية الذي عقد بالبحرين الأسبوع الماضي على مدى يومين، عقد قبله اجتماع تحضيري في قطر العام الماضي، وأعقبه اجتماع مصغر بالكويت -التي أصبحت دولة المقر، وتنافس على استضافته دولة قطر ومملكة البحرين، وتنازلت الأولى للثانية بشكل ودي أخوي على أن يعقد المؤتمر القادم في الدوحة. زارني الثلاثاء الماضي بالديوانية رئيس المكتب التنفيذي للمؤتمر السيد فهد البذال وعضو من المكتب التنفيذي هو الدكتور ظافر العجمي، وكان الحوار والنقاش حول ما جرت مناقشته من بنود وحول مستقبل المؤتمر. كان النقاش واضحاً وصريحاً: بعض عبر عن تململه من هذه المؤتمرات التي يتراكم الكلام في أروقتها دون فائدة، وبعض خاف على المؤتمر الشعبي أن يلتف عليه "الرسمي" ويحتويه ويغرقه بالعطايا والهدايا ويحوله إلى أداة رسمية تصوغ البيانات وتطبع الأدبيات حول الوحدة الخليجية دون ترجمة حقيقية لها على أرض الواقع. ما أكده المشاركون في مؤتمر الوحدة الشعبي هو أن الإصلاح شرط سابق للكونفدرالية، فلا وحدة دون إصلاح يعزز الحريات العامة ويطلق سراح المعتقلين السياسيين ويوسع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات التي تهم شعوب الخليج ومستقبلها. أصبحت لمطلب الوحدة الكونفدرالية الخليجية ذراع شعبية، ولهذا الموضوع أكثر من مقالة. نقلا عن جريدة الاتحاد الاماراتية