منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة 'اليونسكو' ليست مجرد منظمة تتولي بناء قاعات الدراسة في الدول بعد الحروب او تتولي مواقع التراث العالمي بل ان هذه المنظمة لها هدف طموح وهو بناء حصون السلام في عقول البشر عن طريق التربية والعلم والثقافة والاتصال.. وبالتالي قوبل قيام مصر بترشيح احد أبنائها لتولي منصب المدير التنفيذي للمنظمة بترحيب كبير نظرا لدور مصر الرائد في نشر السلام والسعي الدائم لاقراره في كافة مناطق النزاع حول العالم. وقد بادرت وزارة الخارجية بمجرد اعلان ترشيح الدكتور فاروق حسني وزير الثقافة لشغل منصب المدير التنفيذي بإعداد خطة لضمان التأييد الدولي الواسع لهذا الترشيح. ويقول الوزير المفوض خالد البقلي مندوب مصر المناوب لبعثة مصر لدي الاممالمتحدة ان البعثة المصرية قامت بصفة مبدئية بإخطار كافة التجمعات السياسية بالأمم المتحدة بترشيح د. فاروق حسني وقد تم توزيع مذكرة بهذا الشأن علي دول عدم الانحياز ودول منظمة المؤتمر الاسلامي والدول الفرنكوفونية والدول الافريقية والدول العربية اي ان هذه المذكرة وزعت علي كافة الدول الاعضاء بالمنظمة الدولية وممثلي المنظمات والدول المراقبة وكذا ممثلو المنظمات غير الحكومية. ومن المعروف ان منصب المدير التنفيذي لليونسكو سيخلو بحلول شهر نوفمبر من عام 2009 بعد انتهاء الفترة الثانية لمديرها الحالي لونشيرو ماتسورا وهو ياباني الجنسية وقد تولي هذا المنصب منذ عام 1999. ومدة انتخاب المدير الجديد ستكون 4 سنوات ويجري انتخابه بمعرفة المؤتمر العام للمنظمة والذي يضم 192 دولة لكل دولة صوت واحد مهما بلغ حجمها واهميتها ومساهمتها في الميزانية. والدور الاساسي للمؤتمر العام هو وضع خطوط سياسة اليونسكو واعتماد الميزانية التي تصل سنويا الي حوالي 600 مليون دولار الي جانب تبرعات فردية من الدول تصل الي ما يعادل نفس المبلغ ويجتمع المؤتمر العام مرة كل عامين اما الجهاز الثاني للمنظمة فهو المجلس التنفيذي الذي يجتمع مرتين كل عام ويصل عدد اعضائه المنتخبين الي 58 دولة ومصر من بين اعضاء هذا المجلس ويمثلها فيه الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي. وبدء حملة التعريف بمرشح مصر في وقت مبكر امر ضروري لضمان مساندته من جانب اكبر عدد من الدول.. ويجدر الاشارة الي ان هناك اتفاقا ضمنيا علي ان تتولي دولة عربية رئاسة اليونسكو في المرحلة القادمة وستكون هذه هي المرة الاولي التي يرأسها عربي وقد تقدمت دولة عربية اخري بمرشح لها الا ان هناك انطباعا عاما بأن هذا الترشيح سوف يتم سحبه نظرا لخبرة وزير الثقافة المصري وسعة اتصالاته حول العالم. وعلي الرغم مما تحظي به مصر من دعم داخل السكرتارية العامة للأمم المتحدة فإن هذا التأييد والدعم يبقي بعيدا عن الاضواء حتي لا يتهم السكرتير العام بالانحياز لطرف دون آخر.. بل لقد رفض ممثلو منظمة اليونسكو الخوض في اي تفاصيل حول الترشيح لهذا المنصب او اي اجراءات خاصة سواء جري ذلك بالتوافق واتفاق المجموعة العربية علي مرشح لها او سواء جرت المنافسة من خلال عملية الاقتراع السري. ويكتسب دور اليونسكو اهمية خاصة في وقت تكاتف فيه العالم للوقوف في مواجهة الارهاب الذي يعد تهديدا للبشرية وترجع اهمية هذا الدور كذلك الي ان المنظمة تستهدف المساهمة في حفظ السلم والامن بالعمل عن طريق التربية والعلم والثقافة علي توثيق التعاون بين الدول لضمان الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الانسان والحريات الاساسية للناس كافة دون تمييز بسبب العنصر او الجنس او اللغة او الدين. وعلي غرار ما تقوم به وكالات الاممالمتحدة المتخصصة تركز اليونسكو حاليا علي تنفيذ اهداف الالفية خاصة تلك التي تسعي نحو تخفيض عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر في الدول النامية الي النصف بحلول عام 2015 ومساعدة الدول في تطبيق استراتيجية للتنمية المستدامة بما يساعد علي الحفاظ علي الموارد المائية. ومع اقتراب موعد الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة في الاسبوع الثالث من شهر سبتمبر القادم ومع تواجد القيادات السياسية للدول الاعضاء في نيويورك من المتوقع ان يصبح موضوع شغل منصب المدير التنفيذي لمنظمة اليونسكو موضع تشاور بين كافة الوفود كما سيكون بطبيعة الحال ضمن جدول اعمال اي محادثات ثنائية او جماعية يجريها وزير خارجية مصر عند تواجده في الاممالمتحدة.