لازالت أحداث سبتمبر 2001 الشهيرة تحلق في الأفق بالرغم من مرور 10 سنوات على وقوعها في نيويورك، ونتج عنها تدمير برجي مركز التجارة العالمي، لتكون نقطة إنطلاق لحرب ضروس في وجه الإرهاب دولاً كانت أم تنظيمات، وذريعة في أيدي حُكام العالم لتنفيذ مُخططاتهم المشروعة وغير المشروعة على المستوى الخارجي والداخلي، بلغت حدودها تضييق الخناق على المسلمين ونشاطاتهم، بل وتحجيم مساحة الحرية والرأي تحت ذريعة مُحاربة الإرهاب العالمي. وتحمل الذكرى العاشرة لأحداث سبتمبر/أيلول في طياتها تباين العديد من ردود الأفعال العالمية، خاصة حدوث تحولات على الصعيد العربي والإسلامي والعالمي بما فيها الولاياتالمتحدة نفسها، خاصة مواصلة الولاياتالمتحدة تحذيراتها من وقوع أحداث مُشابهة لها، وقيام تنظيم القاعدة بتنفيذ هجمات على إحدى المنشآت الأمريكية الهامة، بالرغم من تصفية رئيس التنظيم أسامة بن لادن في الثاني من مايو الماضي على يد وحدة كوماندوز أمريكية في باكستان. فقد حذرت الإدارة الأمريكية المواطنين الأمريكيين المُقيمين أو المُسافرين في كل أنحاء العالم من خطر التعرض لهجوم تشنه جماعة القاعدة بمناسبة الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر 2001، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "واشنطن لم تتبين خطراً مُحدداً، لكن تنظيم القاعدة أظهر اهتمامه وقدرته على شن هجمات ضد الولاياتالمتحدة ومصالحها في العالم". ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسئولين أمريكيين، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، أن مراسلات عُثر عليها في منزل زعيم تنظيم القاعدة بن لادن تفيد عن وجود خطط مُماثلة، غير أنه لم يعثر على أي دليل يؤكد أن هذه "الخطة الناشئة" تجاوزت مرحلة التخطيط، وأشارت الصحيفة إلى أن بن لادن ورئيس عملياته عطية عبد الرحمن"الذي نشرت أخبار عن إغتياله في سبتمبر 2011" تبادلا وجهات النظر بشأن تشكيلة الفريق الذي سيُكلف تنفيذ الهجوم إلا أن بن لادن كان يرفض في كل مرة الأسماء التي يقترحها عبد الرحمن. وأضافت الصحيفة بأن بن لادن كان يعتزم ضرب مُدن أمريكية كبرى منها لوس أنجلوس وكذلك قطارات وطائرات، وأنه تم ذكر تواريخ رمزية لهذه الهجمات مثل الرابع من يوليو، الذي يُصادف يوم العيد الوطني الأمريكي، أو الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر في الخريف المُقبل. ومن جانبه اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الخطر المستقبلي الذي يُهدد بلاده ليس هجمات كبرى تقوم بها تنظيمات، بل أعمالاً فردية على غرار ما قام به النرويجي "أندريس بيهرينج بريفيك" المتهم بقتل 77 شخصاً في أوسلو يوم 22 يوليو الماضي، حيث قال إنه يجب عدم التخوف من عملية إرهابية كبيرة ومنظمة أكثر من عملية يقوم بها ذئب متوحد، وذلك قبل أيام من الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر 2001، وأن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أننا يجب علينا أن نحتاط الآن بشكل أكبر من عملية يُنفذها شخص يعمل منفرداً أكثر من هجوم إرهابي مُنسق بشكل جيد، مؤكداً على أن المسئولين الأمريكيين يراقبون المخاطر الكبيرة باستمرار، وأن الحملات التي قامت بها الولاياتالمتحدة جعلت من القاعدة منظمة ضعيفة مع قدرات أقل مما كانت عليه قبل عامين أو ثلاثة أعوام. وفي بيان للخارجية الروسية قالت فيه: إن هذا الحدث غير العادي ستكون له بالنسبة للتحالف المُعادي للإرهاب أهمية عملية على المدى الطويل من زاوية "قطع رأس" تنظيم القاعدة الإرهابي، وأنه سيُصبح هذا الحدث رمزاً مهماً، كونه تم على أعتاب الذكرى العاشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي نفس السياق، أعلن وزير الخارجية الإيطالي "فرانكو فراتيني" أنه بعد تصفية زعيم القاعدة "الإرهابي رقم واحد" أسامة بن لادن سيكون زعيم حركة "طالبان" الملا عمر الهدف التالي للتحالف الدولي ضد الإرهاب. كما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" أن مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن يُشكل مُنعطفاً في عملية مكافحة الارهاب على المستوى الدولي، حيث قال في كلمة مقتضبة غداة مقتل بن لادن في أفغانستان: "تندد الأممالمتحدة بأشد العبارات بالارهاب بكل أشكاله ومهما كان هدفه"، وأضاف أن "جرائم القاعدة تطال جميع القارات وتؤدي إلى مآس بشرية وخسارة أرواح آلاف الرجال والنساء والأطفال"، ورأى أن مقتل بن لادن يُشكل "مُنعطفاً في المكافحة الدولية للإرهاب". ومن جانبه اعتبر مصدر رسمي أردني أن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية أمريكية في باكستان، سيُساهم في إنهاء "حملات غير عادلة" ضد الإسلام في الغرب، وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا" أن "الأردن يتطلع إلى مرحلة ينتهي فيها الإرهاب الذي شوه عدالة القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين".