ملفات نجح فيها محافظ البنك المركزى خلال سنوات ولايته قبل التجديد    مجاعة غزة تهدد طفولتها.. 320 ألف طفل بين سوء التغذية والموت البطيء    تشكيل هجومي لأرسنال أمام ليدز يونايتد    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    ضبط صانعة المحتوى نورهان حفظي لنشرها فيديو هات تتضمن الخروج على قيم المجتمع والتحريض على الفسق    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    الوفديون يتوافدون على ضريح سعد زغلول قبل احتفالية ذكرى رحيل زعماءه التاريخيين    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    باكستان تثمن الجهود المصرية لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة    مراسل cbc: "فرقة كايروكى وتوليت" نجوم الأسبوع الأخير من مهرجان العلمين    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    داعية: سيدنا النبي لم يكن عابسًا وكان مُتبَلِّجَ الوجه    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    15 صورة.. البابا تواضروس يدشن كنيسة الشهيد مارمينا بفلمنج شرق الإسكندرية    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    مؤتمر ألونسو: هذا سبب تخطيط ملعب التدريبات.. وموقفنا من الانتقالات    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    «عامل وفني ومدرس».. إتاحة 267 فرصة عمل بالقليوبية (تفاصيل)    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    «100 يوم صحة» تقدم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عطاء الله مهاجراني: يا بشار.. لا تسرف في القتل!
نشر في أخبار مصر يوم 05 - 09 - 2011

بعد بن علي ومبارك وعبد الله صالح والقذافي، يبدو أن الدور قد حان أخيرا على بشار! ليس ثمة أدنى شك في أننا إذا ما فكرنا في جذور الربيع العربي، لأمكننا اكتشاف الكثير من الفروق بين الحكام المذكورين آنفا وحكوماتهم ودولهم، بل وحتى شعوبهم.
وبناء على قولنا هذا، يمكننا أيضا أن نجد مصالح مشتركة تجمع بينهم. فقد حاول جميع القادة المذكورين استغلال المعتقدات الإيمانية والدينية لشعوبهم كوسيلة لتحقيق أهدافهم. أود التركيز على آخر خطاب لبشار، الذي أدلى به في حفل الإفطار الذي أقامه في القصر الرئاسي في دمشق. يبدو أن بشار ألقى خطابه، لا كسياسي أو صانع سياسة، وإنما كحكيم ومعلم عظيم. فقد ناقش فيه مواضيع مثل الأخلاق والإنسانية والإسلام.
إن شهر رمضان يختلف عن أي مناسبة أخرى، لأنه شهر المحبة والخير والعمل الصالح، داعيا سيادته إلى مراجعة الأحداث التي شهدتها سوريا، والاستفادة منها لما فيه خير سوريا وشعبها، خصوصا أن الشعب السوري حسم كلمته أن لا تفاوض على الوطن والمبادئ والدين. إن ما جرى، على الرغم من الألم الكبير الذي نتج عنه، فإنه أظهر المعدن الصلب والأصيل للمواطن السوري الذي يفخر به الوطن، كما أظهر الشارع السوري، وتحديدا الشارع المؤمن، بأبهى صوره الوطنية، مؤكدا أن العلاقة بين الإيمان والوطنية طبيعية، وأن جوهرهما واحد وهو الأخلاق.
إن جزءا مهما من الأزمة سببه أخلاقي، سواء من المسؤول أو المواطن، والحل يكون بتكريس الأخلاق، وإن جوهر الدين هو الإنسانية، وجوهر الإنسانية هو الأخلاق، داعيا إلى عدم استغلال كلمة الله، سبحانه وتعالى، التي هي الأكثر قدسية بالنسبة للبشرية، في تحقيق غايات لا علاقة لها بالدين. وعلى نحو يناقض ما أدلى به في خطابه، فبعد ساعتين من إلقاء بشار الخطاب، وتحديدا في الساعة الخامسة صباحا، تم إلقاء القبض على علي فرزات، الفنان والمفكر السوري العظيم، وضربه على يد قوات أمن مجهولة قامت بتهشيم أصابع يديه.
المزيد من المعلومات والصور عن فرزات متاحة على موقع أصدقاء فرزات الإلكتروني. كتب أحد الأصدقاء: «تم التعرض للفنان علي فرزات، حيث تم إيقاف سيارته عند ساحة الأمويين، ونزل أربعة أشخاص وقاموا باختطافه ووضعه في كيس خيش وضربه، وقاموا بتهشيم يديه كي لا يرسم بعد الآن، وهددوه بالقتل في حال رسم مرة أخرى، وألقي به على طريق المطار». المثال الثاني هو الشهيد إبراهيم قاشوش، كانت الشعارات التي رددتها حشود المتظاهرين في حماه، مرارا وتكرارا، مأخوذة من أغنية ألفها المطرب الشعبي إبراهيم قاشوش، وهو مطرب أنشد أغنيات بألحان موسيقى العرادة الموروثة في صورة أناشيد احتجاجية، مضيفا كلمات جديدة كتبها بنفسه إلى الألحان القديمة الخاصة بمراسم الزفاف والاحتفالات. وقبل أسبوعين، تم قطع حنجرة قاشوش على يد قوات الأمن.
وفي هذه الأيام، يردد الجميع في سوريا أغنياته وشعاراته عن ظهر قلب وأشهرها: «يا الله ارحل يا بشار!». وقبل أسبوعين من قتل إبراهيم قاشوش، شهدنا التعذيب الوحشي للطفل السوري، حمزة الخطيب، ذي الثلاثة عشر ربيعا. فقد تم احتجازه من قبل قوات الحكومة، ثم قتل بصورة وحشية. وكان قد تم الكشف عن الجروح التي أصيب بها في مقطع فيديو صادم. لقد تم إطلاق النار على الفتى الصغير والتمثيل بجثته قبل إعادتها لأسرته.
يا بشار الحكيم! أنت كقائد أخلاقي عظيم ناقشت دور الأخلاق ومبادئ الإنسانية. تلك كانت كلماتك، والتمثيل بجثة الطفل حمزة الخطيب، وقطع حنجرة إبراهيم قاشوش، وتهشيم أصابع فرزات، أمثلة لبعض الأدلة التي لا تنسى على الوجه الحقيقي لحكومتك.
لم يجب أن يعذبوا ويقتلوا؟ بأي ذنب قتلت؟
ماذا كانت الجريمة التي لا تغتفر التي ارتكبها حمزة الخطيب؟
ماذا كانت جريمة فرزات؟ لقد رسم أكثر من 15.000
كاريكاتير حتى الآن. هل رسم كاريكاتيرا يعد خطيئة لا تغتفر؟ ربما لا يتذكر بشار مقابلته الأولى مع فرزات! يروي سامي كليب وقائع المقابلة في مقال نشر يوم 27 أغسطس (آب) في صحيفة «السفير».
إن قراءة هذا المقال تجعل المرء يتساءل في البداية عما إذا كان هناك أسد آخر! يشرح كليب أن «راح الرئيس الأسد يجول في المعرض، يتوقف عند الرسوم الناقدة لرجال الاستخبارات. يستدير إلى أحد هؤلاء من بين مرافقيه، يضحك ويقول: (هذه عنكم). يكمل الرئيس جولته، يتوقف أمام علي فرزات، يسأله ما إذا كانت رسومه هذه تنشر، يجيب الرسام بالنفي، فالرقابة تمنع كل ما ينتقد هيبة الدولة. يصافحه الرئيس ويطلب منه أن ينشرها، لا بل يتصل الرئيس الأسد نفسه بوزير الإعلام، وسرعان ما يكتشف السوريون أن رسوم علي فرزات الناقدة لكل شيء باتت تنشر في صحيفة (تشرين)، زادت مبيعات الصحيفة».
من غير هوية الأسد؟ من أحال الأسد إلى «ذيعلب»؟ أعني مخلوقا جديدا هجينا من الذئب والثعلب. الأسد القديم الذي نعرفه كان سيتصل بوزير الثقافة للحصول على تصريح بنشر رسوم فرزات الكاريكاتيرية، وسيصدر أوامره لرئيس تحرير صحيفة «تشرين» بنشر تلك الرسوم. على النقيض، هناك أسد جديد بهوية جديدة يرتكب كل الفظائع التي كنا نشهدها خلال الأشهر القليلة الماضية.
إنها الهوية الحقيقية للسلطة المطلقة. أتذكر أنني حينما كنت عضوا بلجنة الدفاع بالبرلمان الإيراني، كان آية الله خامنئي (الذي كان لقبه هو حجة الإسلام حينها) هو رئيس اللجنة. وأتى مجددا من الخط الأمامي، مرتديا زيا عسكريا، وكان الوقت مبكرا إلى حد ما، فقد كان موعد بدء اللجنة هو الثانية ظهرا، وسألني: «ما الكتاب الذي تقرأه؟».
- أجبت: «إنه (الدون الهادئ) لشولوخوف».
- قال: «إنه كتاب مشوق جدا. لقد قرأته. ما رأيك في الكتاب؟»
- رددت: «إنها قصة غريبة جدا، إنني أقرأها للمرة الثانية.
في البداية، مع مضي أحداث القصة، يمكننا أن نرى الكثير من الشخصيات الرئيسية، لكن كالنجوم، معظمهم يختفي مع الوقت. نحن نفقدهم! يا له من أمر سيئ».
- وشرح أنه «بسبب ذلك، قيل إن الثورة تأكل أطفالها. فقد اعتمدت الثورة الروسية على المذهب المادي». الآن، حين أتذكر تلك المناقشة، تتجسد أمامي صورة أخرى مظلمة. إن حسين موسافي ومهدي كاروبي رهن الإقامة الجبرية في منزليهما، في الوقت الذي زج فيه بالكثير من رموز الثورة المشاهير الآخرين في السجون، مثل بهزاد نبوي، الثائر القديم. هذه هي قصة السلطة المطلقة الغريبة. السلطة المطلقة التي لا حدود لها، تغير هوية الحكام الذين يحاولون بالتبعية تغيير هوية البشر، ونتيجة لذلك، يكون لزاما على كل فرد طاعة قائده.
بعدها، تصبح الطاعة العمياء هي المسؤولية المقدسة لكل شخص. فإذا أردت رسم كاريكاتير، فيجب أن تكون من مؤيدي من يتولون مقاليد السلطة، وليس مسموحا لك بانتقاد الحكومة، وعلى وجه الخصوص قوات الأمن. أما إذا واتتك الرغبة في انتقاد قوات الأمن، فانظر ما حدث ليدي فرزات وحنجرة قاشوش! تلك رسائل قوية تبعث بها الحكومة إليك، غير أننا تلقينا رسائل أخرى من بن علي ومبارك والقذافي. وكان مصدر الرسائل هو المنفى وقفص الاتهام والصحراء!
كيف يستطيع الأسد الذيعلب التغلب على هذا النفاق؟ نحن نشاهد هذه الأيام قصور القذافي وقصور أبنائه وطائرة خاصة، على الجانب الآخر، نرى رجلا مجنونا يتحدث عن الصحراء ونقل خيمته إلى روما! ومتعطش لقتل المزيد والمزيد من البشر. استمع إلى رسالته الأخيرة، إنه يرغب في تدمير ليبيا، يقول الله في كتابه الكريم: «فلا يسرف في القتل».
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.