محافظ المنوفية يتابع أعمال الموجة ال 27 لإزالة التعديات ..صور    حماية المستهلك: استقرار سعر الصرف وتراجع التضخم يدعمان مبادرات خفض الأسعار    محافظ الدقهلية يقرر غلق مطعم بدون ترخيص ومخالف الاشتراطات الصحية    كيف تتعامل إيران مع أزمة نزع سلاح حزب الله؟ باحث في الشأن الإيراني يوضح | فيديو    هدف لياو يحسم الشوط الأول ل ميلان ضد باري في كأس إيطاليا.. فيديو    بعد المباراة الأولى في الموسم.. الجزيرة الإماراتي ينهي تعاقده مع عموتة    مونت كارلو: موناكو يقترب من الموافقة على عرض ضخم من أهلي جدة لزكريا    مدير بايرن: لم نتوصل إلى اتفاق مع شتوتجارت لضم فولتيماد    لحظات رعب أعلى دائري مسطرد.. أتوبيس طائش يحصد أرواح الأبرياء    عمرو دياب يفاجئ منة عدلي القيعي في حفلته بالساحل | شاهد    أمين الفتوى بدار الإفتاء: لا يجوز للزوج منع زوجته من زيارة أهلها    محمد أبو الرُب: مصر وفلسطين جاهزتان لمؤتمر إعادة إعمار غزة فور وقف العدوان    تلاوة عطرة للمتسابق زياد فوزى فى اختبارات اليوم الثانى من برنامج دولة التلاوة    أمين الفتوى: لا مانع من ارتداء الملابس على الموضة بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية    متحدث الصحة عن خطف الأطفال وسرقة أعضائهم: "مجرد أساطير بلا أساس علمي"    الرئيس.. من «جمهورية الخوف» إلى «وطن الاستقرار»    وزيرا خارجية السعودية والإمارات يبحثان هاتفيا المستجدات الإقليمية    صور | «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف بالأردن في مجالات الزراعة    تحصين 41.829 من رؤوس الماشية ضد الحمى القلاعية بالإسماعيلية    إغلاق 8 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان والطب النفسي بالجيزة (تفاصيل)    محافظ مطروح يعترض لوعكة صحية مفاجئة بالقاهرة    «صحة الإسكندرية»: إعداد خطط تطوير شاملة للمستشفيات وتفعيل غرف منسقي الطوارئ (صور)    جولات تفقدية لرئيس مياه الشرب والصرف بأسوان لمتابعة المحطات والروافع في ظل ارتفاع الحرارة    عبد اللطيف منيع يعود للقاهرة بعد معسكر مكثف بالصين استعدادًا لبطولة العالم المقبلة    أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    جامعة المنصورة تُشارك في مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب والخريجين    «الأمل موجود بشرط».. خالد الغندور يوجه رسالة ل كهربا    التشكيل الرسمي لمواجهة تشيلسي وكريستال بالاس في الدوري الإنجليزي    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة دعم قدرات شبكات الاتصالات وتوسيع مناطق التغطية    وزير السياحة: ضوابط جديدة للمكاتب الصحية بالفنادق.. وافتتاح تاريخي للمتحف المصري الكبير نوفمبر المقبل    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    ريال مدريد يخطط لبيع رودريجو لتمويل صفقات كبرى من البريميرليج    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    فيضان مفاجئ في شمال الصين يخلف 8 قتلى و4 مفقودين    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    مقتل 3 وإصابة 8 آخرين في إطلاق نار بحي بروكلين بولاية نيويورك الأمريكية    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشارى الذايدى: الأسد فى القفص!
نشر في أخبار مصر يوم 09 - 08 - 2011

تقول العرب: بلغ السيل الزبى، إذا ما تجاوز الأمر القدرة على الصبر والاحتمال. وهذا بالضبط ما جرى من قبل نظام الأسد في سوريا تجاه التعامل مع الشعب السوري بعد الاحتجاجات المندلعة منذ عدة أشهر. خطاب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز هو الأهم منذ بداية المأساة السورية. هو الأهم نظرا لموقع وحجم الدولة السعودية، ونظرا لقيمة ومصداقية الملك عبد الله. وربما كان الخطاب السعودي الحاسم هو آخر شيء كان ينتظره بشار الأسد، بعد أن أتخم العالم وعودا وتنظيرا وابتسامات باردة توزع ذات اليمين وذات الشمال.
للمتذكر أن يستعيد لمحات من صورة الأزمة السعودية - السورية بعيد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، الذي كانت كل الأصابع تشير فيه إلى تواطؤ سوري مع حزب الله، وصدرت القرارات الدولية الصارمة ضد جيش الأسد في لبنان، وخرج منها خروجا ذليلا، لكنه عاد لينتقم بطريقته الأثيرة، عبر الابتزاز السياسي وإطلاق الحملات الشتائمية من خلال أبواقه اللبنانية، وعبر التلويح بسلاح الحزب الإلهي الأصفر ومدفعية خطب «سيد المقاومة»، كما يحب أن يناديه بذلك جمهوره من الإعلاميين.
لكن السعودية، ورغم خطبة الأسد الشهيرة «أنصاف الرجال»، حاولت طي صفحة الخلاف لتوحيد الصف العربي من أجل القضية الفلسطينية، بعد حرب غزة، كما جاء في كلمة الملك عبد الله الشهيرة في قمة الكويت الاقتصادية، وقد رأى كثيرون في ذلك إكراما غير مبرر للنظام السوري، وهو لم يغير أصلا في مواقفه وسياساته التي استدعت الخلاف.
وعلى رأس هذه السياسات طبعا الارتماء في عباءة الولي الفقيه في طهران، ولكن السياسة السعودية مضت في طريق المصالحة العربية - رغم عدم إثمارها - خصوصا من قبل الجانب السوري، حيث لم يتغير شيء يذكر إلا في الكلام المعسول.
مضى الأمر على هذه الحال حتى اندلعت أحداث درعا في أقصى الجنوب السوري، بعد أن تفجرت الانتفاضات في تونس ومصر وتم الإطاحة بالرؤساء هناك، فجرت دماء الحرية من جديد في شرايين الشعب السوري، وكتب أطفال درعا أولى سطور الحرية على جدران الألم السوري وكانت العبارة الشهيرة: «إجاك الدور يا دكتور!»، وهي العبارة التي كان النظام الأمني يخشاها أشد الخشية، فاستخدم كامل قوته الإرعابية، وكان أن أطلق قذائف الدبابات على بضعة عصافير سورية في درعا!
ولم يفد الحل الإرعابي الأمني، ولا قلع الأظافر، ولا تشويه الجثث، فانفجر الماء الشعبي كسيل منهمر، والتقى الماء على أمر قد قدر! أسقط في يد النظام بعد أن ثارت نار الحرية والكرامة في ريف دمشق وفي حمص وفي الشمال السوري بجسر الشغور وفي معرة النعمان ثم في حماه، تلك المدينة ذات التاريخ الخاص مع قمع النظام الأسدي، واستمرت في ثورتها العنيدة؛ الأمر الذي جعل سفيري أميركا وفرنسا يزورانها لرؤية الأمر بنفسيهما، فكان أن قال السفير الأميركي، فورد، بعد ذلك: «إن النظام السوري يكذب في حديثه عن الجماعات المسلحة التي يزعم أنه يسلط دباباته وجنوده عليها»، وإنه لم ير إلا الأهالي الثائرين فقط، ومنتهى ما لديهم هو «المقلاع» الحجري.
استمرت الثورة وانطلقت إلى الشرق السوري وبلاد الجزيرة الفراتية، دير الزور هبت، والقامشلي ثارت، والبوكمال انتفضت، والحسكة تزأر، والدبابات التابعة لماهر الأسد تجوب البلاد شرقا وغربا، ولا ننسى هبات الساحل السوري في اللاذقية وبانياس.
باختصار، أكثر من ثلثي البلاد يقول: لا.. لنظام بشار الأسد. وبشار عبر إعلامه التعيس يقول إنه فقط يواجه جماعات مسلحة أصولية وأحيانا يسميهم قطاع طرق، ويحاول الأسد، الشاب قليل الخبرة، أن يغطي على هول ما يفعل بابتسامات بلاستيكية، لا تقدم ولا تؤخر. وعوض أن يقوم بشيء حقيقي على الأرض، لإطفاء النار والغضب الشعبي، يقوم بعروض كلامية بهلوانية، أو حركات صغيرة مكشوفة مثل إثارة توترات محدودة في منطقة الجولان، للقول إنه: إما هو ونظامه، أو تسخين جبهة الجولان، في اعتراف صريح بأنه هو الذي يحمي حدود إسرائيل في هضبة الجولان.
أو هذه هي الرسالة الضمنية المفهومة من مثل هذا التصرف. لم يحظ نظام عربي بالحماية الدولية، ولم يكن له من الفرص، مثل نظام بشار الأسد. تقريبا جميع وسائل الإعلام العالمية والعربية وبّخت مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا على تقاعسها وخطابها الرخو تجاه المأساة السورية قياسا بنوعية الخطاب والإجراءات المتخذة في الأزمة المصرية والتونسية. لقد أخذ الرئيس السوري أكثر من فرصة، ومنحه العالم الكثير من الوقت ليفعل شيئا وغض الطرف عن كل مصائبه وقتله في البلاد والعباد لعدة أشهر.
الإعلام العربي أيضا وبخ الجامعة العربية، والإعلام الخليجي على وجه الخصوص أبدى مرارة من تقاعس دول الخليج عن فعل شيء في سوريا، ولزم الخليجيون «الرسميون» الصمت واكتفوا بالعبارات العامة والبعيدة؛ الأمر الذي أثار بالفعل حنقا وغضبا شعبيا لدى الناس بسبب شعورهم بأن هناك خذلانا واضحا للناس العزل في سوريا، ومع تناقل الإعلام الفضائي والإنترنتي للصور المستفزة عن جرائم الأجهزة الأمنية والشبيحة في سوريا ضد الناس، بلغ الغضب غايته، وبلغ الحنق على النظام السوري المستهتر أقصاه، خصوصا مع تدفق الكذب والمغالطات من قبل أبواق النظام في لبنان وسوريا.
كما قلنا لقد أخذ بشار أكثر من فرصة، ولو حظي مبارك في مصر بربع هذه الفرص لما كان مصيره سريرا منقولا في قفص مهين! ولكن بشار الأسد آثر المضي في طريق العناد والمغالطة واستغباء العالم كله في رهان كارثي على عباءة الولي الفقيه الإيراني.
لذلك جاء البيان الخليجي قبل أيام كمقدمة لحزمة من المواقف الخليجية الضاغطة، فقد صدر بيان «نصف قوي» طالب فيه السلطات السورية بالوقف الفوري لأعمال العنف، ثم جاء الخطاب الملكي السعودي بلغة حازمة وتوبيخ صريح، ونفي قاطع لحجج النظام في قمع الناس، ثم توج ذلك بإجراء واضح لسحب السفير للتشاور، وهو إجراء معروف في عالم اللغة الدبلوماسية يعني: رسالة احتجاج واضحة. لتمضي الكويت والبحرين على هذا المنوال وتسحبان سفيريهما أيضا.
ليست هذه هي نهاية الأمر بل بدايته بالنسبة للنظام السوري، وهو قد قرر العناد، وها نحن نرى تركيا، الدولة الأهم في شمال سوريا، تقرر أن تسحب الدعم عن نظام الأسد، ويتحدث أردوغان بلغة صريحة وموبخة للأسد، ويقرر إرسال وزير خارجيته، داود أوغلو، ربما في رسالة المهمة الأخيرة، ومع أوغلو أيضا رسالة أميركية صريحة بإعادة الجيش «فورا» إلى ثكناته. لتخرج بثينة شعبان وتقول في مبارزة لفظية بأن سوريا سترد على أوغلو بحزم أيضا! الصورة واضحة: نظام الأسد يسير على سنة صدام حسين، العناد والمكابرة والعنترية اللفظية والمزيد من القمع وممارسات الشبيحة، والاستهتار البدائي بخطورة سلب الشرعية الدولية والسياسية منه!
لقد قرر الأسد بكل مهارة في الانتحار السياسي أن يصطدم بالعالم الخارجي وبالإقليم من حوله، كما اصطدم بشعبه من قبل ذلك، ولا يزال. المسألة مسألة وقت فعلا قبل أن ينتهي النظام القائم على سيقان الأمن، وهي أولى السيقان التي تنهار حينما يفقد النظام شرعيته.
خطاب الملك السعودي دشن مرحلة جديدة، وربما أخيرة، في قصة هذا النظام العجيب في سوريا. المثير للدهشة في قصة بشار الأسد ونظامه العائلي الأمني، هو أنه منح أكثر من غيره الفرص للتعلم وغفرت له الكثير من الأخطاء، لكنه لم يستثمر هذه الميزات، تماما كما سجل لنا التاريخ العربي تلك المقولة الشهيرة التي قالتها والدة آخر السلاطين العرب في الأندلس: ابك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.