وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية استقلال جنوب السودان عن شماله اليوم السبت ب"الانتصار المستحق لشعبه" والذي أنهى عقدين من الحرب الاهلية في يناير الماضي. وذكرت الصحيفة في سياق مقال افتتاحي أن الإحتفالات التي تعم عاصمة الدولة الأحدث في العالم جوبا لا يمكنها إخفاء حقيقة واقعة تتعلق بعقود من الزمن قد يستغرقها بناء دولة جديدة عاملة , وإذا كان الحجم الأكبر من مسئولية بناء الدولة الوليدة يقع في الأساس على عاتقها فإن جزءا منها يجب أن تتحمله الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي بحسب وصفها. وقالت الصحيفة إن الدولة الأفريقية الرابعة والخمسين جنوب السودان تتذيل تصنيف دول العالم النامي , ذلك أن أغلب شعبها يعيش على أقل من دولار أمريكي واحد في اليوم وأن نسبة تزيد عن 10 % من أطفالها لم يبلغ بعد الخامسة من عمره كما أن نحو 75 % من بالغيها لا يمكنهم القراءة. في الوقت نفسهلاتزال الصراعات المحتدمة بين شقي السودان تزرع الفوضى في أرض مازالت مخضبة بدماء مليوني قتيل سقطوا أثناء الحرب الأهلية فعلى الرغم من قيام السودان أمس الجمعة بالإعتراف بجنوبه كدولة مستقلة واعتزام رئيسها عمر البشير حضور إحتفالات الإستقلال في جوبا إلا أنه أعلن في الوقت ذاته مواصلة القتال ضد القوات الجنوبية والذي بدأ الشهر الماضي في إقليمجنوب كردوفان الغني بالنفط. وقال الصحيفة إن بعض البنود الرئيسية لإتفاقية السلام الموقعة عام 2005 بين طرفي النزاع في السودان لاتزال عالقة كأي طرف من الطرفين سيحكم أبيي الغنية بالنفط والتي تشهد قتالا بين الشمال والجنوب إلى تلك اللحظة وما هي إجراءات الحماية المدنية للأقليات وما هي الحدود النهائية بين البلدين وكيف ستقسم أرباح النفط التي يضم الشمال 70 % من احتياطياتها ?! وفي واقع الأمر فإن الجانبين -وفقا للصحيفة- يعتمد كل منهما على الآخر فجنوب السودان في حاجة لخط أنابيب الشمال لتدفق النفط لأسواقه كما يحتاج الشمال لعائدات توريد النفط للجنوب من أجل تسديد مديونياته ويحتاج الطرفين للاستثمار الأجنبي كما يحتاج الشمال لتخفيف عبء الديون عن كاهله. وبناء على ما سبق فإن كلا الجانبين ستزيد فرصهما في الحصول على الدعم الدولي في حال التوصل لسلام شامل بينهما. وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة وشركاءها يعرضون إقامة مؤتمر دولي في سبتمبر من أجل جنوب السودان كحافز يسمح لقادة الجنوب بعرض خططهم لتشجيع الإستثمار في بلدهم كما أن واشنطن وعدت جوبا بتقديم المزيد من المساعدات المالية بعد أن منحتها 300 مليون دولار من أجل استثمارها في مجالي التعليم والإسكان. وقالت الصحيفة إن المساعدات الدولية للسودان وجنوبها عليها أن تتسع فقط إذا ما عملت جوبا مع الخرطوم من أجل تحقيق الإستقرار لكلتا الدولتين كما ينبغي على المجتمع الدولي العمل على إقناع الطرفين بالسلام وتجنب الحرب والعمل سويا من أجل بناء مستقبل أفضل لشقي السودان.