اليوم يمر 26 عاما على رفع العلم المصري على طابا, وإسدال الستار على احتلالها وعودتها إلى أحضان الوطن بفضل الدبلوماسية المصرية الواعية, وانتصارها فى قضية تحكيم طابا وبعد مرور هذه الفترة انتصرت الدبلوماسية المصرية مرة أخرى وتمنح الدبلوماسية المصرية الفرصة لتسطر سطرا جديدا من ذهب في التاريخ حيث تتزامن هذه الذكرى مع نجاح مصر فى عقد مؤتمر اقتصادي اتجهت إليه أنظار العالم وعقد فى مدينة شرم الشيخ التي تبعد عن طابا 240 كيلومترا فقط. مردود سياسى حققته الدبلوماسية المصرية بعودة طابا إليها بعد تحكيم دولى ومردود سياسى من نوع أخر حققه المؤتمر الاقتصادى في ملحمة وطنية عربية جاءت في حب مصر, فنجاح المؤتمر فائق التوقعات تضمن رسالة سياسية تؤكد دور مصر القوى والمؤثر على الساحة الدولية. طابا تلك البقعة الفريدة من نوعها فى العالم من حيث معالمها الجمالية لها باع طويل فى الاحتلال منذ الدولة العثمانية مرورا باعتراف انجلترا بمصر كدولة مستقلة ذات سيادة وجلاء العدوان الثلاثى, ففى عام 1906 أثيرت قضية عرفت باسم "قضية طابا" عندما قررت الدولة العثمانية, وضع عدد من الجنود ومدفعين على رأس طابا مدعية أن طابا ملكا لها إلا أنها اضطرت أيضا إلى التراجع وإخلاء الموقع وقرر الاحتلال الإنجليزى وضع حدود مرسومة ومعترف بها دوليا لمصر, وفى عام 1956 بعد خروج العدوان الثلاثى الذى شنته إنجلترا وفرنسا وإسرائيل تم توقيع اتفاقيات للهدنة بين مصر والأمم المتحدة ووافقت إسرائيل وقتها على خط الهدنة الذى حدد خارج أراضى طابا إلى أن احتلت سيناء بأكملها بما فيها طابا إبان نكسة 1967. وبعد انتصار أكتوبر العظيم وتوقيع معاهدة كامب ديفيد التى تطالب إسرائيل الخروج من سيناء وتحقق الجلاء باستثناء منطقة طابا بحجة أنها لا تقع ضمن الأراضي المصرية فكان ذلك إيذانا ببدء مصر معركتها الدبلوماسية حيث خاضت معركة قانونية باسلة لم تدخر فيها جهدا ولم تترك بابا إلا وطرقته من أجل تحرير كل شبر من أرض الوطن فعلى الرغم من أن مساحة طابا 1020 مترا مربعا فقط, إلا أن مصر أثبتت وما زالت تثبت للعالم أجمع أن من أول مبادئها الحفاظ على كل حبة رمل ولا تقبل التجزئة أو المساومة. وفي سبتمبر 1988 أسدل الستار على الفصل الأخير في قضية النزاع الحدودي بين مصر وإسرائيل حول بعض علامات الحدود على طول الخط الفاصل بينهما من رفح شمالا حتى طابا جنوبا حين أصدرت هيئة التحكيم في جنيف حكمها التاريخي بإعلان عودة طابا إلى مصر وظلت طول هذه السنوات تطالب بحقها التاريخي في طابا مستخدمة كافة الوثائق الدبلوماسية والقانونية والمخطوطات النادرة لإثبات حقها, حتى أنها قدمت إلى المحكمة صورة للجنود المصريين تحت شجرة "الدوم" في هذه المنطقة وكانت هذه الشجرة موجودة أثناء التحكيم وما زالت وكانت شاهد إثبات على حق المصريين. وأطال عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات إسرائيل في التنفيذ إلى عقد جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشأتها إلى مصر حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة بتسليمها لمصر في 15 مارس 1989 ورفع العلم المصري عليها في 19 مارس من نفس العام .