يبدو ان الصينيين لا يخططون للعيش في عالم يهيمن عليه الدولار الأمريكي لفترة أطول من ذلك، والقادة الصينيين يدعون إلى استبدال الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية منذ فترة طويلة، ولكن لم تكن بكين واضحة ومحددة حتى الآن حول ما من شأنه سيمكنها من تحقيق هذا الهدف. بعد الخبراء والمحللون كانوا يرون ان بكين ستبذل كل جهدها لتصعيد عملتها ضمن سلة عملات اخرى لتكون البديل عن هيمنة الدولار فى السوق العالمية، والبعض الاخر افترض أن الصينيين ببساطة يريدون صك بعض العملات الدولية الجديدة.. لكن يبدو ان الطموح الصينى اكبر من هذا، فهم يريدون عملة خاصة بهم لتصبح العملة الأكثر المهيمنة على الكوكب بأسره. ولكن لا ينبغي أن يكون هذا امر مفاجىء، عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد والتمويل، فدوما ما كانت الصين تلعب الشطرنج في حين العالم الغربي كان يلعب لعبة الداما. للأسف، والان وصلنا إلى النقطة التي اصبحت فيها عبارة "كش ملك" تلوح في الأفق. رجل الاعمال و المستثمر و المدون الاسترالى "سيمون بلاك Simon Black" كتب مقال امس الاربعاء على مدونته الشخصية يقول فيه "عندما وصلت إلى بانكوك، وفى الطريق السريع من المطار الى العاصمة التايلاندية، رأيت لوحة اعلانية شاهقة ترتفع لعدة طوابق، تعلن عن بنك الصين وتقول – اليوان: اختيار جديد. العملة العالمية – وبالنظر إلى أن بنك الصين مملوك بأكثر من 70٪ لحكومة جمهورية الصين الشعبية، فقد وجدت الاعلان مهم جدا. وهذا يعني أن الصين تعلن حرفيا عن عملتها في الخارج، وبطريقة تؤكد أن جميع من سيهبط في مطار بانكوك، وهو واحد من أكثر المطارات ازدحاما في العالم سيرى الاعلان بوضوح " بالطبع الجميع يعرف ان الصين آخذ في الارتفاع وأن العملة الصينية سوف تلعب قريبا دورا أكبر في التجارة الدولية. لكن يبدو ان الأمور قد تحركت بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة ، حيث اصبح الآن جزءا كبيرا جدا من العالم المالي يتوقع فعلا ان يحل الرنمينبي "اليوان" الذى يتم ادارته تحت رقابة مشددة محل الدولار كعملة للاحتياطي الرئيسي للكوكب فى يوما ما. قامت مؤسسة "استيت استريت State Street " للخدمات المالية بالولاياتالمتحدة بالتعاون مع وحدة الاستخبارات بمجلة" الايكونومستEconomist " البريطانية الاقتصادية، باستطلاع رأى جديد لعينه قوامها 200 مستثمر مؤسسي – 100 مؤسسة في البر الرئيسي للصين و 100 خارجها – .. و قد وجُد ان 53 في المائة من المستثمرين يعتقدون أن الرنمينبي سيتجاوز الدولار الأمريكي كعملة الاحتياطي الرئيسية في العالم. بينما كانت نسبة التفاؤل لقرب هيمنة العملة الصينية اعلى لدى المؤسسات الصينية حيث بلغت 62 في المئة، مقارنة مع 43 في المئة خارج الصين. وللحقيقة وبدون أدنى شك ، لقد بدأنا نرى بدايات هذا التحول الكبير. بمجرد التقرير الذى نشرته وكاله رويترز مؤخرا ويقول "ان تنظيم خدمات المعاملات العالمية SWIFT اعلن يوم الاربعاء ان اليوان الصينى صعد الى مصاف العملات الخمسة الاوائل كعملة دفع عالمية في نوفمبر الماضى، متقدما على الدولار الكندي والدولار الأسترالي". وبالطبع لن يتم استبدال الدولار الأمريكي بين عشية وضحاها، ولكن الأمور تتغير، وبطبيعة الحال يحضرالصينيون لهذا منذ فترة طويلة جدا. ويرفض الصينيون الافصاح لبقية العالم عما يملكونه بالضبط من مخزون الذهب كرصيد استراتيجى ، ولكن الجميع يعلم أنه على مدار السنوات الماضية تراكمت لديهم كميات هائلة منه. وحتى لو لم يتم دعم الرنمينبي صراحة بالذهب، فإن احتياطيات الذهب الهائلة التي تتراكم لدى الصين لا تزال تعطي بقية الكوكب قدرا كبيرا من الثقة في العملة الصينية. وفى هذا الشان كتب" ألان جرينسبان Alan Greenspan" الذي شغل على رأس مجلس الاحتياطي الاتحادي لما يقرب من عقدين من الزمن، مقالة رأي لمجلس العلاقات الخارجية يناقش فيها الذهب ودوره المحتمل في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. حيث يقول : أنه اذا حولت الصين "جزء متواضع نسبيا من ما مجموعه 4 ترليون دولار قيمة احتياطياتها من النقد الاجنبى الى سبائك الذهب ، فان عملة البلاد قد تصبح على قوة غير متوقعة في النظام المالي الدولي اليوم". وبالاضافة الى هذا الكم الهائل من الاحتياطى الاستراتيجى من الدولار و العملات الاجنبية الاخرى ، لدى الصين كميات هائلة من ديون الولاياتالمتحدة تراكمت على مدار السنين، بلغت نحو 1.3 تريليون دولار من الديون، وهو الامر الذي يعطي لهم الكثير من السلطة على الدولار بل يمكنهم المشاركة فى التحكم فى النظام المالى الامريكي. وفي يوم من الأيام إذا أراد الصينيون تقويض الثقة في الدولار والنظام المالي الأمريكي ، لديهم الكثير من الذخيرة تحت تصرفهم لتحقيق هذا. وليس فقط كل هذه الديون هى التي تعطي الصين مثل هذه النفوذ، ففي السنوات الأخيرة، يشترى الصينيون العقارات والشركات وأصول الطاقة في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة بوتيرة مذهلة.. كذلك وعلى أساس القوة الشرائية، نجد ايضا ان حجم الاقتصاد الصيني قد تجاوز بالفعل حجم الاقتصاد الأمريكي.. كل هذه عوامل تضمن للصين القوة و التفوق وتنذر فى الوقت ذاته بما سيواجهه الدولار والنظام المالى والاقتصادى الامريكى بالمستقبل. وفي يوم من الأيام إذا أراد الصينيون تقويض الثقة في الدولار والنظام المالي الأمريكي، لديهم الكثير من الذخيرة تحت تصرفهم لتحقيق هذا. وليس فقط كل هذه الديون هي التي تعطي الصين مثل هذه النفوذ، ففي السنوات الأخيرة، يشتري الصينيون العقارات والشركات وأصول الطاقة في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة بوتيرة مذهلة.. كذلك وعلى أساس القوة الشرائية، نجد ايضا ان حجم الاقتصاد الصيني قد تجاوز بالفعل حجم الاقتصاد الأمريكي .. كل هذه عوامل تضمن للصين القوة و التفوق وتنذر فى الوقت ذاته بما سيواجهه الدولار والنظام المالى والاقتصادى الامريكى بالمستقبل .