أصابتني دراسة أجريت عن وضع المرأة في سوق العمل الرسمي الذي يضم الجهاز الإداري والهيئات الاقتصادية والحكم المحلي.. بصدمة كبيرة.. فبعد كل هذه المعاناة لتخرج المرأة للعمل وكفاحها لتحتل مكاناً بجوار الرجل.. خارج المنزل اسفرت كل هذه السنوات عن احتلالها فقط لثلث وظائف الدولة أي تشغل 5.1 مليون وظيفة من 5.5 مليون وظيفة وبالتالي تحتل خمس سوق العمل بصفة عامة.. ولن نأمل خلال العشر سنوات القادمة تزايد النسبة بمعدل كبير لاسباب عديدة مثل ان معدل زيادة عمالة المرأة خلال العشر سنوات الأخيرة لم يزد علي 2% واتجاه الدولة لتقليص الجهاز الإداري وبالفعل نجحت العام الماضي لتخفيض 715 ألف وظيفة أي 13% من حجمه وهذا العام جاري التخفيض بنسبة 10% وهم الذين خرجوا للمعاش. ووزعت الدراسة المرأة العاملة في القطاع الحكومي كالآتي : - 14% في الجهاز الإداري - و39% في الإدارة المحلية - و37% في الهيئات الخدمية - و26% من جملة العاملين بالهيئات الاقتصادية ونلاحظ أن الإدارة المحلية الأكثر جذباً للنساء العاملات والغريب أيضا أن معظم العاملات يتركزن في الدرجات الأدني للسلم الوظيفي فمثلاً العاملات بالدرجة الرابعة يمثلن نصف مجموع العاملين من شاغلي هذه الدرجة.. في حين العاملات في الدرجات الأولي والثانية لا يزيدن علي 35% من شاغلي هاتين الدرجتين و20% منهن يشغلن الدرجات الخامسة والسادسة من شاغلي هذه الدرجات. أي أن نسبة 71% من العاملات بالجهاز الحكومي في مستويات أدني الوظيفة بالرغم من أن الغالبية منهن حاصلات علي مؤهلات عليا وتصل النسبة إلي 70% ولكن في المقابل تفوق نصيب الرجل من وظائف الإدارة الوسطي بالجهاز الحكومي . هذا الوضع يشدنا لنبحث عن موقع المرأة من الوظائف القيادية والذي كان يمثل 8.2% فقط عام 81 وصل عام 2000 إلي 17% والآن وقف عند حدود 18% حيث عدد النساء بالدرجة الممتازة 15 سيدة فقط وبالدرجة العالية 186 سيدة وفي درجة مدير عام 1200 سيدة وخاصة بعد صدور القرار 616 لسنة 2000 للترقية الي مدير عام بمسمي كبير ضمن ترقيات الرسوب الوظيفي وشاغلات الكادر الخاص لن يختلفن كثيراً عن شاغلات القطاع الحكومي بالكادر العام.. مثل الجامعة والسلك الدبلوماسي والقضاء والشرطة حيث لا يزدن علي 28 ألف سيدة أي بنسبة 1.4% من جملة الكادرات الخاصة.تشغل قيادة وزارتين فقط من 31 وزارة وهي نفس النسبة المتدنية في شغل الوظائف القيادية. وقطاع المال والاقتصاد يليه قطاع الثقافة والإعلام يحظي بنسبة أكبر من القيادات النسائية. ويرجع خبراء الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ظاهرة انخفاض اسهام المرأة في الوظائف القيادية لأسبقية الرجال في الخروج للعمل وحصولهم علي قدر أعلي من التعليم وبالتالي زيادة فرص الرجال في شغل الوظائف العليا عن النساء. ** و "دنيا الموظفين" تعترض علي هذا التفسير الواهي فالوصول للمناصب القيادية يحتاج علي الأكثر من 18 20 سنة.. فهل كانت سنة 80 نسبة التعليم للمرأة أقل من الرجل وهل خرجت بالفعل متأخرة عن الرجل لسوق العمل.. هذا مالم يصدقه عقل ففي سنة 80 أو قبلها كانت المرأة في سوق العمل بجوار الرجل وهي مدة كافية لنجدها في معظم المناصب القيادية ولكن لا نري أياً منهن في هذه المواقع. ومسألة الإجازات الوجوبية التي ساقها الجهاز كمبرر آخر لتأخر عن السياق الوظيفي.. مسألة تحتاج إلي وقفة.. فكم سيدة منا أخذت إجازة كمرافقة الزوج ولرعاية الطفل.. هل ثلث الجهاز الإداري أخذ فجأة هذه النوعية من الإجازات.. لا أعتقد فنسبة من يستمتعن بهذه الميزة لا يزدن علي 10% من مجموع العاملات. لنترك هذه القضية مؤقتا ونبحث عما تفضله المرأة من وظائف حددت الدراسة أن مهنة التعليم الأكثر جذباً سواء المرحلة الابتدائية والاعدادية أو حتي الثانوية حيث تبلغ نسبتهن 45% من جملة العاملين بقطاع التعليم. ويليها قطاع الخدمات الصحة والسكان والدينية والقوي العاملة وتتفوق المرأة في قطاع الخدمات التأمينية والاجتماعية حيث تصل نسبة العاملات إلي 50% من مجموع وظائف هذا القطاع. ولا تنسي الدراسة لتذكرنا بجهود الجهاز الإداري ممثلاً في الدولة لحل مشاكل المرأة العاملة بفتح الباب للنقل من جهة عمل إلي أخري للاستقرار الأسري وفتح باب التعيين إذا كان هناك تعيين أمام الأناث بالمساواة مع الذكور وتوفير فرص عمل بديلة لها في القطاع الخاص.. بل ومساعدتها في إقامة مشروعها الخاص وإتاحة تشريع قانوني يسمح لها بالعمل بعضاً من الوقت مقابل جزء من الأجر.. ولكن ها هي الارقام تؤكد احساس الظلم وتفضيل مسئولي المواقع القيادة لقيادة رجل عن قيادة سيدة. المزيد